عاش قطاع الصحة خلال السنة التي نودعها 2015 أزمة مركّبة على عدة مستويات، عانت أضلاع عديدة من منظومتها من الاعتلال، التي سترخي بظلالها لا محالة على سنة 2016، سواء تلك المستمرة فصولها في الاحتقان، أو التي أجلت إلى حين دون حسم نهائي. أزمة توزعت عناوينها ما بين طلبة كلية الطب وطب الأسنان، الذين هجروا المدرجات الدراسية والدروس التطبيقية، لمدة 63 يوما، ونظموا وقفات ومسيرات محلية ووطنية، وأبدعوا أشكالا احتجاجية عبروا خلالها عن رفضهم ل «الخدمة الإجبارية في غياب التوظيف»، ورفعوا جملة من المطالب، فخاضوا إضرابا متواصلا مساندين بالأطباء الداخليين والمقيمين، ولم يتم إيقافه إلا بعد التوقيع على محضر، وصف مضامينه أنس شبعتها، المنسق الوطني لمجالس طلبة كليات الطب، بالبالغة الأهمية، وعلى رأسها «إقبار» مصطلح الإجبار و»إلغاء» مسودة الخدمة الصحية الوطنية، والعمل على إيجاد حلّ بديل بشكل توافقي لا يقوم على الإجبار ويضمن حقوق المواطنين والأطباء، مع الرفع من قيمة التعويض التي لم تكن تتجاوز 110 دراهم، والتي ظل العمل ساريا بها منذ سنة 1972، إذ ستنتقل بالنسبة لطلبة الطب ما بين السنة الثالثة والسادسة إلى 630 درهما، في حين ستصل إلى 1500 درهم بالنسبة لطلبة السنة السابعة، فضلا عن إلغاء نظام الكوطا الذي كان عائقا أمام الراغبين في ولوج الوظيفة العمومية وبالتالي ضمان حرية اختيار التخصص. عنوان آخر للأزمة تجسّد في الأطباء الداخليين والمقيمين الذين واصلوا نضالهم/احتجاجهم بعد التحاق طلبة كليات الطب بمدرجاتهم الجامعية، إذ قضوا بدورهم 82 يوما من الإضراب المفتوح بالمراكز الاستشفائية الجامعية باستثناء أقسام الإنعاش والمستعجلات، المصحوب بوقفات واعتصامات، مطالبين بتفعيل مضامين محضري 2007 و 2011 التي التزمت الحكومة ممثلة في وزارة الصحة بتطبيقها، بشأن التعويضات عن الحراسة والإلزامية، وجملة من المطالب الأخرى، إضافة إلى المطلب المستجد المتمثل في الرفع من الأجور، وهي الاحتجاجات التي لم تحقق لهم «مكاسب» ملموسة، إذ قرروا في نهاية المطاف وبالنظر إلى أعداد المرضى وحجم الآلام التي يعانونها والتي تصل ببعضهم إلى حد مفارقة الحياة، أن ينهوا إضرابهم القطاعي الأطول في الوظيفة العمومية، مع الاكتواء بنيران الاقتطاعات، والالتحاق بالمستشفيات، وهم يعزّون النفس بخدمة المرضى وتغليب المصلحة العامة، ويترقبون نتائج الاتفاق لحلول جزئية لمطالبهم التي توسّط أساتذة كلية الطب في ترجمتها إلى وثيقة تم التوقيع عليها في انتظار الأجرأة.