انطلق الموسم الجامعي على صعيد كليات الطب والصيدلة الخمس هذه السنة على إيقاع الاحتجاجات ومقاطعة الدروس، وتوجيه الانتقادات المتعددة لوزارة الصحة، ومعها وزارة التعليم العالي وتكوين الأطر، وكذا وزارة المالية، نتيجة لعدم تفاعل حكومة بن كيران الإيجابي مع الملف المطلبي للطلبة الأطباء، قبل أن يقّرر البروفسور الوردي أن يسكب مزيدا من الزيت على نيران الغضب بمسودة مشروع قانون الخدمة الصحية الوطنية أو ما يعرف بقانون الخدمة الإجبارية الذي لقي رفضا مطلقا ومطالبة بالعدول عنه، مقابل «تعنت» وزير الصحة الذي شّدد على أنه «لن يمدّ يده لمن يريد السقوط»، مضيفا بأن على الطلبة تحمّل مسؤوليتهم في اختيارهم لقرار الاستمرار في مقاطعة الدروس والإعلان عن سنة بيضاء؟ وضع متأزم زاده تعقيدا رفع الأطباء الداخليين والمقيمين ل «راية العصيان»، معلنين عن انخراطهم في «ثورة السماعة الطبية»، بعدما أعياهم مسلسل الصبر الذي عاشوه وتابعوا تفاصيله اليومية على مدى 8 سنوات، آثروا خلالها التحلي بنكران الذات وخدمة المواطنين، وإن تم «التلاعب» بما تم التوقيع عليه ضمن محضر اتفاق 2007، ثم محضر اتفاق 2011، وغضّت وزارة الصحة ومعها الحكومة الطرف، عن التزاماتها مع الأطباء، بل وتم اختلاق جملة من العراقيل حتى لاتتم أجرأة وتنزيل تلك النقاط المتفق بشأنها، واختارت التملّص من المسؤولية؟ الأطباء الداخليون والمقيمون الذين أعلنوا عن إضراب مفتوح يصل اليوم السبت إلى يومه العاشر، في جميع المراكز الاستشفائية الجامعية، مقابل استمرار مقاطعة طلبة كليات الطب العام وطب الأسنان للدروس النظرية والتداريب الإستشفائية التي تدخل يومه السبت يومها الأربعون، تخلّلتها وقفات ومسيرات بشكل يومي، في حين يلوّح الأطباء الداخليون والمقيمون بإمكانية للتصعيد مطلع الأسبوع المقبل، وذلك بشلّ الحركة بكافة المستشفيات الإقليمية والجهوية، الذي لن يحسّ بتبعاته ويحترق بنيرانه سوى المواطنين المرضى، من المعوزين الذين يقصدون المؤسسات الصحية العمومية طلبا للعلاج، في ظل قلّة الموارد البشرية، وافتقاد وسائل العمل، وعدد من المشاكل الأخرى التي يعاني منها الأطباء والممرضون على حدّ سواء، وترخي بظلالها/تبعاتها على هؤلاء المرضى، والتي تجعل تحوّل المستشفى العمومي إلى سجن للتعذيب، ومع ذلك نجد طوابير المرضى المقهورين أمامها، ما بين مهنيين للصحة يؤدون واجبهم المهني والإنساني بتفانٍ وبمنتهى الأمانة، وفئة أخرى متعالية، تبحث عن تحقيق أغراض خاصة، وقد تتعامل مع بعض هذه الفئة من المواطنين بمنتهى التعجرف وتمارس عليهم كل أنواع السادية! مسلسل الأخذ والرّد متواصل، بين اطباء وطلبة ينفون تصريحات وزير الصحة التي يعتبرونها مجرد مغالطات لتأليب الرأي العام عليهم، باسطين أيديهم للحوار، مستدلين على ذلك بدعوات موثقة وجهوها لهذه الغاية، في حين تصر وزارة الصحة على التأكيد بان بابها مفتوح محمّلة المسؤولية للمحتجين، الذي لم يلمسوا إلا ريحا تدور بينهم لايتمنون أن تتحول إلى إعصار، بكل تأكيد سيكون المتضرر الأول والأخير منه هم المواطنون، وهذه الفئة من المهنيين التي تدافع عن حقوقها خوفا من مستقبل يبعث على الشك والريبة، وسط جوّ ملامحه كلها تتجه نحو إقبار المستشفى العمومي؟ محمد بن الشاد، المنسق الوطني للأطباء المقيمين والداخليين وزارة الصحة تفتقد للمسؤولية السياسية والأخلاقية الأطباء الداخليون والمقيمون تسلحوا بالصبر منذ 8 سنوات في انتظار تطبيق الحكومة لمحضري 2007 و 2011 ، دون أن تقوم بذلك o كيف قررتم التصعيد في الاحتجاج ووزير الصحة يؤكد أنكم وقعتم اتفاقا مع وزارته يوم الاثنين 28 شتنبر لتفعيل مطالبكم؟ n سؤالكم وجيه جدّا حتى نكشف عن الحقيقة الوحيدة المخالفة لما تم الترويج له من طرف وزير الصحة بهدف التزييف ونشر المغالطات وتأليب الرأي العام، ضد الأطباء لكي يُنظر إليهم نظرة احتقارية، وهو وضع ليس بالجديد على البروفسور الحسين الوردي، الذي ظل يؤلب المغاربة في كل تصريحاته ويقنعهم بأن كل مايحتاجون إليه هو متوفر بالمستشفى العمومي، الأمر الذي نتجت عنه اصطدامات لمواطنين/مرضى متضررين لم يتمكنوا من استيعاب الواقع المناقض لتصريحات الوزير، المتمثل في عطل أجهزة السكانير والراديو، وعدم توفر المفاعلات المخبرية لإجراء التحاليل، وغيرها من الإشكالات التي تعاني منها المؤسسات الصحية بشكل يومي يؤدي ثمنها كل مهنيي الصحة، وهو ثمن يكون مكلّفا على حساب كرامتهم وسلامتهم الجسدية. وعودة إلى ما قيل عن التوقيع على اتفاق من طرفنا ومن طرف ممثلي طلبة كليات الطب، فإني أؤكد أننا وقعنا محضرا لحضور اجتماع، تضمن ما صدر عن وزير الصحة وما تطرق له الحاضرون من ممثلي الطلبة وممثلي الأطباء المقيمين والداخليين، بعيدا عن أية التزامات أو التطرق لوقف الطلبة لمقاطعة الدخول الجامعي أو تعليقنا لخطوة الإضراب المفتوح، وإذا ما أردنا فعلا الحديث عن التوقيع الملزم لطرف من الأطراف بشأن قضية من القضايا، فيجب أن نعود إلى المحضر الموقع في 7 يوليوز 2008، الذي هو ثمرة نضال سنة 2007، والذي تضمن مجموعة من النقاط التي شكلت موضوع محضر الاتفاق الموقع بين وزارة الصحة واللجنة الوطنية للأطباء الداخليين والمقيمين، في 29 يونيو 2011، على اعتبار أن جملة النقاط التي التزمت الوزارة ومن خلالها الحكومة، بتفعيلها ظلت عبارة عن وعود لم تتجاوز حدود المحضر الذي تم توقيعه بين الجانبين، باستثناء النقطة المتعلقة بالتعويضات الشهرية التي ينص اتفاق 2008 على رفعها من 1800 إلى 2800 درهم في الشهر، والتي ظل الأطباء الداخليون ينتظرون سنتين لتطبيقها، شأنهم شأن تعويض الأطباء المتعاقدين مع وزارة الصحة خلال السنتين الأولى والثانية من الإقامة، وكذا الأطباء المقيمين غير المتعاقدين، في حين ظل مشكل الاستفادة من التغطية الصحية قائما ويعرف تباينا ومجموعة من الاختلالات التي حرمت هذه الفئة من الاستفادة منها، ونفس الأمر بالنسبة للنقطة المتعلقة بالإدماج المباشر للأطباء المقيمين في درجة طبيب من الدرجة الأولى على مرحلتين، التي وضعت أمام تحقيقها جملة من العراقيل، إلى جانب النقطة المتعلقة بالاستفادة من التعويض عن الحراسة والإلزامية بالنسبة للمقيمين المتعاقدين وغير المتعاقدين، مع مراجعة هذه القيمة سنويا، وكذا موضوع الدكتوراه الوطنية، إذ نطالب بأن نصنّف ضمن المؤشر 509 للوظيفة العمومية عوض المؤشر 336 الذي يهمّ أصحاب الماستر، ومشكل امتحان نهاية التخصص، وغيرها من النقاط التي لم يتم تسجيل أي خطوة لتطبيقها مما جعلها تشكل موضوع حركة احتجاجية أخرى ترتّب عنها محضر اتفاق 2011، الذي هو الآخر ظل بدون بتفعيل، وهو ما ظللنا نطالب بتفعيله، ونلتمس عقد لقاءات للحوار مع وزارة الصحة التي ظلت ترفض ذلك، ولم يتحرك وزير الصحة لعقد لقاء الاثنين 28 شتنبر إلا لمحاولة تغليط الرأي العام، وحصر الاحتجاج في مشروع مسودة قانون الخدمة الصحية الوطنية، والحال أن مسودة هذا المشروع هي جزء من جملة إشكاليات تعاني منها المنظومة الصحية التي نشدد على أنها تعاني من اختلالات بالجملة، لايمكن معالجتها إلا بالنقاش الحقيقي الصريح الذي يستحضر المصلحة العامة، التي تهم الوطن والمواطنين ومهنيي الصحةّ، وليس بالمناورة أو باتخاذ ذرائع من أجل التملص من قطاع الصحة ووضعه رهينة بشكل كلي بين أيدي المضاربين. o كم هو عدد المعنيين بتبعات تملص وزارة الصحة المتواصل وبمشروع الخدمة الصحية الوطنية؟ n جملة الإشكالات التي تطرقنا لها هي تشمل 4 آلاف طبيب من الأطباء الداخليين والمقيمين، إضافة إلى 10 آلاف طالب بكليات الطب العام وطب الأسنان والصيدلة، المعنيين بكل هذا الحراك وبتبعات خطوات وزارة الصحة على مستقبلهم، في الشق المرتبط بالتكوين وبآفاق مستقبلهم الغامضة، فهم في حال إذا لم يختاروا التوجه صوب القطاع الخاص فسيكونون عرضة للبطالة بعد سنوات طوال من التكوين والتمدرس. o ارتباطا بموضوع الخدمة الصحية الوطنية أو الخدمة الإجبارية كما تصرّحون، وزارة الصحة تنتقد موقفكم منه وتقول بأنكم تمتنعون عن خدمة سكان المناطق النائية، بل إن المباريات التي تخص هذه المناطق لاتشاركون فيها؟ n أولا يجب التأكيد على أن هذه المسودة هي غير دستورية بشهادة فقهاء القانون، التي تؤكد قناعة الأطباء في هذا الصدد، والحديث عن الإجبارية هو أمر مرفوض لأنه يضرب الحقوق الكونية لكل شخص، الذي يجب أن يكون حرّا وبمنأى عن قيود أي إجبار كيفما كان نوعه ماديا أو معنويا. ثانيا وجب تحديد ما المقصود بالمناطق النائية، لأن وزير الصحة يتحدث بشكل شمولي، والحال أنه يفكر في سدّ الخصاص والإجابة عن الاحتياجات التي قد يعانيها في منطقة من المناطق دونما توظيف، فاتحا الباب ومعبّدا الطريق أمام القطاع الخاص، وأمام عطالة الأطباء. ثالثا الوزير حين حديثه عن المسودة المشؤومة، استثنى منها طلبة الطب بالقطاع الخاص واقتصر على طلبة الطب بالكليات العمومية، وإن كان يتذرع بأن المسودة هي مجرد أفكار في المرحلة الحالية. وفي علاقة بالمناطق النائية أود أن أشير إلى أن الأطباء محرومون من تعويض عن العمل بهذه المناطق ، بدعوى أن وزارة المالية لاتتوفر على تصنيف محدّد لهذه المناطق، علما بأن قيمة التعويض لاتتجاوز مبلغ 500 درهم. وخلاصة القول التي أشدد عليها وهي أننا لانترفع عن العمل في أي منطقة كانت من مناطق المغرب، وهذا تمييع للحقائق وترويج للمغالطات، فكلنا اشتغلنا في مناطق تفتقر للعديد من المقومات سواء على مستوى البنيات التحتية أو التجهيزات، مناطق منسية، وزاولنا مهامنا بها لمدد ليست بالهينة، ولتقدم الحكومة ضمانات فعلية لتوظيف الأطباء وسيرى الجميع كيف سيقدمون على العمل بشكل سلس. أما بخصوص موضوع المباريات والإدعاء بأن الأطباء يتهربون من العمل بالمناطق النائية فهو أيضا حقّ أريد به باطل، فالأطباء هم ينحدرون من كل مناطق المغرب وليسوا طلبة يقطنون بالمدن الكبرى واختاروا دراسة الطب، ومتى وجدوا الفرصة مناسبة للعمل في المناطق التي ينحدرون منها فسيختارونها بكل تأكيد، علما بأنه منذ سنة 1998 جميع المناصب المالية همّت المناطق النائية، ونحن نكون أمام نوعين من المباريات، الأول يخصّ الإقامة، الذي يهم التخصص، والثاني يتعلق بمباراة الإدماج التي تخصّ الطب العام، وهما معا يصبان في نفس المناطق عكس ما يتم اعتماده من تغليط. لكن ما يقع في بعض الحالات وهو أن وزارة الصحة تعيش حالة من الارتجال، كما هو الحال بالنسبة لسنة 2014 حين تم الإعلان عن مبارتين متقاربتين زمنيا، الأولى تخص الإقامة والتي عرفت نجاح فئة من المتبارين فيها، ثم مباراة الإدماج التي هي الأخرى عرفت نجاح فئة من المتبارين، فاختار عدد من المعنيين بالأمر الإقامة في حين ظلت المناصب المتعلقة بالإدماج فارغة، والعيب أن هذه الأخيرة جاءت خالية من لوائح الانتظار. علما بأنه خلال سنة 2015 لم يتم الإعلان عن امتحان الإدماج لفائدة الأطباء العامين والذي شمل 15 طبيبا عوضا عن 500 ، مما يوضح التراجع الكبير والخطير للوزارة على هذا المستوى، دون الخوض في تفاصيل أخرى تكفي الإشارة إلى بعض ملامحها، كما هو الحال بالنسبة للأطباء الداخليين، الذين كانوا سيدمجون في يناير 2013 كأطباء للقطاع العام، لكنهم ووجهوا بضرورة إجراء امتحان وظلوا بعد ذلك بدون أجر لمدة 10 أشهر، إلى جانب نقطة أخرى تتعلق بفرض نظام الكوطا على الأطباء العامين المدمجين الذين يريدون التخصص من خلال اجتياز مباراة الإقامة، ولم يتجاوز عدد المعنيين 10 في المئة مع تحديد التخصصات لهم وعدم تركها كاختيار شخصي، وكذا رفض الانتقال إلا في حال توفير شرط البديل وغيرها من الخطوات التي تزيد من التضييق على الأطباء وتفرمل تكوينهم. o في الشق المالي من مطالبكم، وزير الصحة يؤكد على أن الحكومة عاجزة عن تلبيتها لإكراهات مادية مرتبطة بالميزانية، ما هو تعليقكم؟ n بالفعل يقوم وزير الصحة بتبرير أن العائق يتمثل في صعوبة كتلة الأجور، والحال أن الأطباء لايشكلون إلا 1 في المئة من كتلة الأجور في الوظيفة العمومية لكون العدد الإجمالي هو 8400، بالمقابل نجد أن القضاة الذين يبلغ عددهم 4400 قاض، أي بنسبة تقارب 0.5 في المئة، أقدم وزير العدل والحريات العامة على تمكينهم من زيادة في الأجور تراوحت ما بين 3 و 5 آلاف درهم تحت مبرر تخليق الحياة العامة وتحصينهم من ممارسات معينة، وهو معيار نتفق بشأنه جميعا، فلماذا لايتم اعتماده في قطاع الصحة مادمنا نتحدث عن حكومة واحدة المفروض أنها منسجمة في اختياراتها، وأن يخضع الأطباء كذلك للمحاسبة في حالة تسجيل أي إخلال! o ماهي الرسائل التي تريدون توجيهها للرأي العام والتأكيد عليها؟ n رسالتنا واضحة لالبس أو غموض فيها عكس ما يتم تدبيره من أجل إجهاض نضالاتنا والإساءة إلى نبل مطالبنا، وهي ليست بالمطالب السياسية، وإنما غايتنا تحسين قطاع الصحة وشروط العمل ب. الحديث عن تشكيل لجنة بشأن مطلب من مطالبنا يعني بشكل ضمني ومن خلال التجارب التنصل من المسؤولية وإقبار الموضوع. الإدعاء بكون الوضع كان صحيا ووحدها مسودة قانون الخدمة الصحية الوطنية التي خلقت الاحتجاج أمر مغلوط، بل هي النقطة التي أفاضت الكأس، فنضال الأطباء دام لمدة 8 سنوات دون تحقيق أي خطوة ملموسة لتطبيق ما تم الاتفاق عليه في محضرين اثنين، ظلت مضامينهما مجرد وعود بدون ضمانات أو تحديد سقف زمني للأجرأة، مما يعني بأن وزارة الصحة هي تفتقد للمسؤولية الأخلاقية والسياسية، ولاتكرّس إلا جوا من عدم الثقة وفقدان المصداقية. إذا لم تكن للوزارة مناصب مالية لم تمنحها إياها الحكومة فلتعلنها بكل شجاعة وبمنتهى الصراحة عوض اعتماد التضليل، أو الرمي باللائمة على الأطباء، وإذا كان وزير الصحة يعاني من خصاص في مناطق معينة فليعلن عن تفاصيلها وليدعو الأطباء إلى التوظيف فيها بشكل مباشر، ولنا نموذج/سابقة في هذا الصدد في عهد وزير الصحة الأسبق المرحوم التهامي الخياري، آنذاك سيعاين الجميع سقوط إدعاءاته حين سيجد الطلب جاهزا أمام عرض هو مجرد مشجب للتبرير. المسؤولون في عدد من الدول الذين يترأسون قطاع الصحة والذي أرادوا له التقدم ،دافعوا عن ذلك بكل الوسائل المتوخاة، ورفعوا من سقف ميزانيته إلى 24 في المئة، وهناك نماذج عديدة في هذا الصدد، وبالتالي على وزير الصحة أن يقوم بمجهود حقيقي في هذا الجانب وإن عمل على ذلك سيجد دعما من مهنيي الصحة ودعما شعبيا، عوض اختلاق معارك واهمة، فالأطباء اليوم حين يحتجون ويضربون فلأنهم بشر يشتغلون بعد سنوات طوال من التمدرس والتكوين في ظروف يقال بشأنها الكثير في ظل شروط ومواصفات غير صحية، ولايتلقون إلا الإهانات من طرف المسؤولين وغيرهم، ويعتبرون الحلقة الأضعف التي يحاول وزير الصحة اختزال مشاكل قطاع الصحة فيهم، وهذا أمر يعيب وزيرا هو منتوج لهذا القطاع وخبر تفاصيله ومشاكله وهمومه. وزارة الصحة ترفع ورقة المناصب المالية في وجه الغاضبين تفاعلا مع الغليان الذي يعرفه المشهد الصحي، واستمرار مقاطعة طلبة كليات الطب للدروس، مقابل انخراط الأطباء الداخليون والمقيمون في إضراب مفتوح، أكدت وزارة الصحة استغرابها من الكيفية التي يتم بها تناول النقطة المرتبطة بالمناصب المخصصة من طرف الوزارة لتوظيف الأطباء، مبرزة في هذا الصدد على أن عدد المناصب المخصصة لوزارة الصحة برسم سنة 2015، هي 2900 منصب، 1400 للمرضين و 315 منصبا للأطباء، مشددة على أنها لم تستعمل بعد أي منصب مالي برسم سنة 2015، وبأن عدد المناصب المخصصة لتوظيف الأطباء العامين برسم هذه السنة يبلغ 315 منصبا، 225 منصبا للتوظيف بالمستشفيات العمومية، و 90 منصبا للتوظيف بالمراكز الاستشفائية الجامعية، موضحة بأنها ستعلن في القريب العاجل عن برنامج مباريات التوظيف المقررة برسم سنة 2015. وبخصوص السنة المالية 2014، أوضحت وزارة الوردي، بأن عدد المناصب المالية المخصصة لتوظيف الأطباء العامين بلغ 225 منصبا، و 175 منصبا لإدماج الأطباء المقيمين، ليكون عدد المناصب المخصصة للأطباء 400 برسم 2014، وقد تم فتح مباريات التوظيف خلال سنة 2014 على الشكل التالي: المباراة الأولى بتاريخ 31 غشت 2014، حيث تم الإعلان عن توظيف 225 طبيبا عاما، موزعين على الصعيد الوطني، وقد بلغ عدد الأطباء الذين التحقوا بمقرات تعيينهم 121 طبيبا وتخلّف 104 عن الالتحاق بمقرات عملهم، وكمثال على ذلك، بلغ عدد الأطباء الذين التحقوا بمقرات عملهم في إقليمالحسيمة 4 أطباء فقط، مقابل تخلّف 10 أطباء، بينما في جهة كلميمالسمارة، لم يتجاوز عدد الأطباء الملتحقين بمقرات عملهم طبيبين اثنين، مقابل تخلّف 17 طبيبا. أما المباراة الثانية فقد كانت بتاريخ 18 يناير 2015، حيث تم فتح المناصب المالية المتبقية من مباراة 31 غشت 201 أي 104 منصبا، وبلغ عدد الأطباء الذين التحقوا بالعمل 19 طبيبا فقط، مقابل 85 منصبا شاغرا لعدم التحاق أصحابها، حيث وبميدلت، نموذجا، التحق طبيبان اثنان فقط، في حين لم يلتحق 7 أطباء، وبجهة سوس ماسة درعة، التحق طبيب واحد مقابل 20 طبيبا تخلّفوا عن الالتحاق بمقرات عملهم. وفيما يخص مباراة توظيف وإدماج المقيمين بمختلف المراكز الاستشفائية، تؤكد وزارة الصحة على أنه خُصّص لها 175 منصبا ماليا، بقي منها 19 منصبا شاغرا، مبرزة على أنه من أصل 400 منصب مخصص لتوظيف الأطباء وإدماج المقيمين برسم سنة 2014، لم يتم استعمال 104 منصب مالي، أي ما يعادل 26 في المئة من المناصب المفتوحة، وذلك بسبب عدم التحاق الأطباء بمقرات عملهم، سيما في المناطق القروية والنائية صعبة الولوج. وأوضحت وزارة الصحة أنها وأمام هذا الوضع وقصد التدبير المحكم للمناصب المالية وتفاديا لحذفها عند حلول 30 يونيو 2015، طبقا لمقتضيات المادة 32 من قانون المالية رقم 22.12 للسنة المالية 2012، فقد راسلت وزارة الصحة بتاريخ 25 مارس 2015 مصالح وزارة المالية وذلك للترخيص لها بتحويل المناصب المالية الخاصة بالأطباء لتوظيف الممرضين، وبالفعل فقد تم الإعلان للمرة الثالثة عن مباراة لتوظيف الممرضين بتاريخ 30 مارس 2015 في مناصب مالية كانت مخصصة أصلا للأطباء. التغطية الصحية تضمن محضر الاتفاق الموقع بين وزارة الصحة والأطباء الداخليين والمقيمين في 2008 كثمرة نضالاتهم خلال سنة 2007 مجموعة نقاط تعهدت وزارة الصحة بتفعيلها من ضمنها النقطة الثانية المرتبطة بالتغطية الصحية، وذلك عبر تمكين الأطباء الداخليين والمقيمين من ذلك عبر إدماجهم في نظام خاص للتغطية الصحية يمنح تعويضات مماثلة لنظام الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي. نفس النقطة تضمنها محضر 2011، إذ ورد بالنقطة الخامسة من الاتفاق الموقع عليه من الجانبين، تمكين الأطباء الداخليين والمقيمين من الاستفادة من التغطية الصحية، من خلال إدماجهم في نظام خاص للتغطية الصحية يمنح تعويضات مماثلة لنظام الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، وستتكلف الوزارة بدفع المبلغ السنوي للاشتراك عن كل طبيب داخلي ومقيم. نقطة تتعلق بتقديم الوزارة لمبلغ 600 درهم كاشتراك في هذا الصدد، عملت على تفعيلها لمدة 6 أشهر بعد سنة 2011 ثم تم تجميدها، لكون المراكز الاستشفائية الجامعية لم تعر الأمر اهتماما، وحتى حين كان يتم تجاوز عقبة طلب العروض، لم يكن يُتّفق على كامل العدد الإجمالي للمستفيدين، لتظل بذلك هذه النقطة إشكالية عالقة. امتحانات نهاية التخصص يجد عدد من الأطباء غير المتعاقدين أنفسهم في وضعية غير قانوني بالمستشفيات، يشتغلون بدون اجر، ولايجتازون امتحانات نهاية التخصص بعد نهاية فترة التكوين، وهو إشكال يرخي بظلاله على يومياتهم ويزيد من معدل محنهم المادية والمعنوية، ويعرضهم لتبعات متعددة لو تعرضوا لأي مشكل، تتنصل من إدارة المستشفيات بشكل سريع تحت مبرّر تواجدهم غير القانوني! موارد بشرية ولوجستيكية تعرف المنظومة الصحية اندحارا كبيرا على مستوى التكوين نتيجة للتراجع عن تكوين 3300 طبيب في أفق 2020، لعدم قدرة الكليات على المواكبة، ونتيجة لمغادرة الأساتذة للمستشفيات من خلال الاستقالات الجماعية والمغادرة الطوعية، سواء تعلّق الأمر بالأساتذة الباحثين أو المؤطرين. وعلى مستوى الممارسة يؤكد معنيون بالشأن الصحي أن مراكز التدريب لم يطرأ عليها أي تغير أو إضافة، بل تقلّص عدد الأسرّة مقارنة بأعداد الطلبة، إذ نجد أمام 80 طالبا هناك 30 سريرا، مما جعل البعض يبحث عن حلول ترقيعية من خلال تقسيم الطلبة إلى فوجين على أساس الحضور يوم من بين اثنين. وتزداد قتامة الصورة حين يقوم الطلبة الأطباء باقتناء عتاد الاشتغال، وفي هذا الصدد تعيش كلية طب الأسنان واقعا مريرا، يضطر معه الطلبة إلى تأدية المقابل المادي نيابة عن مرضى معوزين كي يستفيدوا من الخدمات الصحية على مستوى الفم والأسنان، وحتى يتمكّن من خلالهم الطلبة الأطباء من وصول أهداف التكوين والحصول على النقطة، أو الاعتماد على هبات المحسنين؟ التعويض عن الحراسة والإلزامية هي نقطة احتلت الرتبة الثالثة ضمن محضر 2007 المتفق حوله، ثم عادت للظهور مرة أخرى كنقطة ثانية ضمن محضر 2011، دلالة على أنها لم تجد طريقها إلى الحلّ رغم الالتزام الوزاري، إذ حُرم المعنيون بالأمر من هذه الاستفادة بدعوى إشكال قانوني، وتم البحث عن فتوى غير مكلّفة تتمثل في العمل بنظام 12 – 36 ساعة، ومع ذلك أعيد إنتاج نفس العراقيل كدليل على سوء نية في التعاطي مع هذا الملف، ومازاد الطين بلّة ضرورة مصادقة غدارة المستشفى على اللائحة مما فتح باب المناورة أمام بعض المدراء الذين يرفضون التوقيع عليها حين يرتبط الأمر بالتعويض المادي، لكن يوقعون على ذات اللائحة عندما يتعلق الأمر بسبيل آخر.