لا أعرف كيف أمكنني استحضار مثل هذه المقاربة بين 2 فرانك التي شبهت بها السيدة الوزيرة شرفات أفيلال معاش البرلمانين والوزراء، و2 بغال ذلك المعبر الحدودي بين المغرب والجزائر المغلق في وجه الشعبين. «2 فرانك» هذه الجملة البسيطة المتداولة بين عامة الناس والغاية منها نقص وتبخيس قيمة مقدار من المال، لكن بمجرد ما نطقت بها السيدة الوزيرة استحضرت في ذهني صورة 2 بغال الحدودية رغم انعدام العلة والسبب الرابطة بين الطرفين. لهذا قررت ومن باب الفضول أن أجد أوجه التشابه بين الطرفين، رغم أن المثل المغربي يقول (الفضولي بشكارتو) وأنا لا فرنك لا شكارة لدي. لعل المشترك بينهما هو ذلك الرقم الزوجي «إثنان» الذي يتصدر الاسمين ( فرانك بغال ). أو لعل 2 فرانك الوزيرة كانت لتشتري 2 بغال يوم صكت النقود، وإذا اعتبرنا القيمة الحقيقية ل 2 فرانك والتي تساوي 8000 درهم بإمكاننا شراء 2 بغال في وقتنا الحالي. وربما يكون العامل المشترك بينهما هو الاختزال والاستصغار والتقزيم والتبخيس، فالمقصود من كلام الوزيرة أن المعاش هزيل ولا يليق بتعب ومجهود وتضحية البرلمانيين والوزراء، فهم يستحقون أكثر من ذلك، فهي حاولت تقزيمه واستصغاره فاختزلته في 2 فرانك. وهي نفس الصورة التي تسوقها لنا قنواتنا التلفزية كلما كانت الفرصة مواتية للحديث عن الحدود المغربية الجزائرية فتختزل الشريط الحدودي الطويل في اظهار صورة للمعبر الحدود 2 بغال. يبدو أنني اخترت أن أكتب مقالي بطريقة شعبوية مشابهة لتلك الشعبوية التي عنتها السيدة الوزيرة وهي تصف المتحدثين عن تقاعد البرلمانين والوزراء. بالفعل يا سيدتي وبما أن رئيسكم أنزل مستوى الخطاب السياسي ليجعله شعبويا، والشعبوية تعني الحديث بلغة الشارع وهي لغة لا تأبه لزلات اللسان ونحن نشهد لرئيسكم بتفوقه في الزلات. وهي نفس الزلة التي جعلتك تقولين عن معاش ب 8000 درهم مدى الحياة عن خمس سنوات خدمة أو أقل 2 فرانك، وهي نفس الزلة التي جعلتك تغلقين صفحتك على الفيسبوك وتغلقين حاسوبك كي لا تشاهدي ردة فعل هذا الشعب، وهي نفس الزلة التي جعلتك تعتذرين ثم تسحبين اعتذارك. وهي نفس الزلة التي حولت ملاح وجهك الجميل من هرة وديعة إلى نمر يكشر عن أسنانه لينقض على فريسته، وهي نفس الزلة التي حولتك من وزيرة شابة ومحترمة إلى وزيرة 2 فرنك حسب تعبيرك. بالفعل سيدتي الوزيرة فخطابنا شعبوي ونحن شعبويين من أبناء هذا الشعب الذين يأسوا من البحث عن فرصة عمل والذين أنهكهم الجري عن لقمة العيش، والذين لا يصل راتبهم الشهري إلى ربع 2 فرانك خاصتك. فنحن شعبويين من شعب الضفة الاخرى، الذي كلما حالفك الحظ والتقيت بأحد أفراده تتألمين لحاله من خلف زجاج سيارتك، وسرعان ما تنسينه بمجرد ما تشغلين مذياعك لتنصتين على ألحان أغنيتك المفضلة. نشكرك سيدتي على حسن تألمك لهذا الشعب نحن أيضا نتألم لحالكم، لكن من يتألم بمقابل ليس كمثل من يتألم بجيوب فارغة.