أجواء استثنائية تعيشها مدينة مراكش في الأيام الأخيرة من السنة، استعدادا لاستقبال ضيوفها بمناسبة حلول السنة الجديدة . فلم يثن القلق العالمي من التهديدات الإرهابية الذي يخيم على أغلب الحواضر بمختلف أنحاء المعمور ، محبي المدينة الحمراء من التحرك نحوها من مختلف البلدان من أجل الاحتفال بهذه المناسبة مؤكدين ثقتهم في درجة الأمن المتوفرة فيها. مهنيو القطاع السياحي يتحدثون عن نقلة نوعية في عدد الوافدين على المدينة ابتداء من يوم الأحد 27 دجنبر 2015 ، حيث تشير الحجوزات إلى ارتفاع مهم في عدد طالبي الإقامة بالمؤسسات المصنفة ابتداء من هذا التاريخ، علما أن مؤشرات الإقبال الاستثنائي على المدينة ظهرت منذ يوم 24 دجنبر الذي صادف العطلة الخاصة بالاحتفال بذكرى المولد النبوي، التي استغلها عدد كبير من الأسر المغربية لقضاء أيام ممتعة بعاصمة النخيل، و هو ما عكسته حالة الشوارع بما عرفته من اكتظاظ، وما طبع الأسواق والمطاعم من رواج قياسي استفادت منه، بعد فترة تعالت فيها الأصوات المشتكية من الكساد، بالإضافة إلى الانتعاشة التي سادت مؤسسات الإيواء المصنفة والتي استغلت المناسبة لاقتراح عروض خاصة بالأسر المغربية. طفرة الاحتفالات برأس السنة، استفادت منها حسب المهنيين ، الفنادق الفخمة و دور الضيافة بالدرجة الأولى . حيث أن نسبة هامة من الحجوزات المطلوبة من المقيمين في بلدان أجنبية ، توجهت للفنادق الفخمة و دور الضيافة، وهو ما يشير إلى نوعية السياح الذين يشكلون زبناء مراكش في هذه الفترة. ويفسر الأثمنة المرتفعة الخاصة سواء بالإقامة أو بسهرات رأس السنة . في وقت خصصت فيه عدد من الفنادق عروضها للأسر المغربية، بالعمل على استقطابها بحملات إعلانية استعملت في نشرها الانترنيت وبعض الإذاعات. وحسب مهنيي القطاع، فإن الجنسيات التي سجلت حضورا أقوى على مستوى الحجز بالمدينة الحمراء خلال هذه الفترة، هي الجنسيات الألمانية والبريطانية مع إقبال استثنائي للسياح الروس وتراجع نسبي للزبناء الفرنسيين . ويعتبر عدد من المهتمين بالشأن السياحي أن هذه الفترة تشكل فرصة لا تعوض ينبغي استغلالها بشكل جيد من أجل كسب ثقة زبناء جدد للمدينة من أسواق عالمية مختلفة ، و ذلك ببذل مجهود أكبر لتجويد الخدمة المقدمة لهم بمختلف مرافق المدينة . ويسود تنافس كبير بين مجموعة من المطاعم وفضاءات الترفيه بمراكش، بتقديم عروض مغرية لاستقطاب الزبناء. وتتمثل أهم عملة مستعملة في حلبة التنافس ، جلب فنانين من مشاهير عالم الطرب والغناء لإحياء حفلات رأس السنة ، سواء من المغرب أو من لبنان و مصر. رهان تأمين أجواء الاحتفال بحلول السنة الجديدة ، يشكل الهاجس الأكبر لدى سلطات مراكش. إذ تحدثت مصادر مطلعة عن وصول تعزيزات أمنية إلى المدينة الحمراء تضم عددا من العناصر الإضافية من مختلف الأسلاك الأمنية لدعم المجهود الأمني خلال هذه الفترة و لصد أي خطر محتمل. ملامح هذا التأهب الأمني الموازي لاحتفالات رأس السنة، ظهرت في مختلف أنحاء المدينة، بنصب المزيد من الكاميرات ذات الدقة العالية، وتقوية حواجز المراقبة بمداخل المدينة ، و تكثيف الدوريات، وتثبيت فرق أمنية بالفضاءات الحساسة التي تستقطب عددا كبيرا من الزوار وبالمناطق السياحية وقرب المؤسسات الفندقية. ولم تتوقف الاحتياطات الأمنية عند مستوى المجهود الذي يبذل من قبل أجهزة الأمن، بل واكبها تشديد من قبل سلطات المدينة على انخراط المؤسسات السياحية بجدية في هذه العملية . حيث دعا والي الجهة في اجتماع عقده مؤخرا ، ضم عددا من مسيري الفنادق و المطاعم ، إضافة إلى مسؤولي الأجهزة الأمنية بالجهة، إلى ضرورة تعزيز هذه المرافق لإجراءاتها الأمنية، بتوفير كاميرات للمراقبة ذات جودة عالية ، و نصب أجهزة السكانير بمداخلها لرصد أي جسم غريب، واستعمال أجهزة المسح الضوئي في التفتيش الضوئي، واعتماد حراس أمن مؤهلين و الزيادة في عددهم و التنسيق المتوصل مع أجهزة الأمن وعدم التراخي في التبليغ عن أي تحرك مشبوه. ورغم الملمح الأمني الطاغي بمختلف فضاءات مراكش، فإن مظاهر الزينة التي عمت الأسواق الممتازة وفضاءات التبضع و الساحات الكبرى والشوارع من أنوار فاتنة و أشجار السابان التي تلمع بأضوائها والتحركات الاحتفالية للزوار، تؤكد أن مراكش ستكون فضاء عالميا لتقاسم الفرح والبهجة بين مختلف الأقوام الذين عشقوا قضاء رأس السنة بها، بغض النظر عن دياناتهم وجنسياتهم ولغاتهم، وبعيدا عن الخوف والحقد و الشك.