استضاف فرع جمعية الشعلة للتربية والثقافة بالمحمدية مساء الجمعة الماضي، بمناسبة افتتاح أنشطته الثقافية برسم الموسم الثقافي والتربوي الجديد ' «ذاكرة متشظية «للكاتب والصحفي سعيد عاهد بمشاركة الكاتب والصحفي سعيد منتسب والروائي والباحث حميد المصباحي بدار الشباب ابن خلدون . و»ذاكرة متشظية «عبارة عن نصوص بلسان مزدوج مهداة إلى عبد الكريم الخطيبي، صدرت ضمن منشورات اتحاد كتاب المغرب في السنة الجارية، صمم غلافها الفنان التشكيلي عبد الكريم الزهر، وهي تضم 18 نصا. وسط حضور متعدد عكس مختلف فعاليات المحمدية الثقافية والأدبية والفنية والجمعوية بالمحمدية، أبدع حسن حمي، كاتب فرع الشعلة بالمدينة، في تنشيط اللقاء وتقديم مختلف فقراته التي أثثها معزوفات موسيقية راقية على الكمان للفنان أحمد رفقي. في قراءته للمؤلف، أكد حميد المصباحي أنه كلما أعادت قراءته، وجد فيه مدخلا مغايرا لما سبق له اكتشافه بين دفتيه، ذلك أن الكتاب يقول يبذر المعاني ويترك للقارئ الباب مشرعا ليلون وينحت ما يشاء انطلاقا منه. وعن حقيقة نصوص سعيد عاهد، تساءل المصباحي هل هي شعرية/ نثرية، أم أنها بوح ذاتي، ليستنتج أن هذه النصوص، وبالرغم من حضور التاريخ فيها، فهي ليست بتاريخية ولا بقصصية رغم حضور القص في ثناياها... فما الذي يعجب عاهد في عبد الكبير الخطيبي، يسأل ويتساءل المصباحي، هل لأنه دائم الانتقال والترحال بين الحقول الثقافية، وهي سمة مشتركة بينهما، خاصة أن صاحب «الذاكرة الموشومة» يحظى بمكانة خاصة ثقافيا وإنسانيا لدى صاحب «ذاكرة موشومة». ورغم أن الذاكرة الأخيرة تبدو مقابلة للأولى، فإن عاهد أراد لذاكرته أن تكون متشظية، إعلانا منه عن ضرورة الترتيب الذي كلما اختلف تولدت من رحمه المعاني وأزهرت تنوعا، بل وكلما حاول القارئ المفترض جمع المتشظي في «ذاكرة متشظية» إلا اكتشف وحدته الداخلية الغنية، بما يخفيه الشعر، وأحيانا يوضحه الفكر، بنثرية الباحث المتأمل. وبالنسبة لسعيد منتسب، ف «ذاكرة متشظية» تمثل العمق والمجال الإنساني، وهو خدعة كبيرة لأنه يتحدث عن كاتبه مستعيرا أصوات غيره: « لا يكتفي الناسخ بالتفرج على فيلمه الذاتي بعيون الآخرين، بل يحولهم إلى شهود على تجربته»... وتساءل منتسب: هل كان من المخطط له أن يلتقي المدعو سعيد عاهد بظله (أو ظلاله المتعددين) في كتاب «ذاكرة متشظية»؟، موضحا: أزعم أن هذا الكتاب، منذ أوله إلى آخره، هو «السيرة الذهنية» لناسخ يدرك جيدا معنى النسخ، ليس بمفهومه القرآني، بل بالمفهوم الذي يجعل ضوء المعرفة يفصل بين الشيء وظله: وهذا ما يمكن أن نسميه أيضا القراءة حين نؤمن «أنه لا مفر من الكتابة». هذا الكتاب أيضا، يقول سعيد منتسب «منجز في القراءة غير مفتعل. هو نوع من التعري الواعي، الكاشف عن الأصول والمرجعيات؛ هو تلك الخيوط الكثيرة التي تتحرك في كل ما يكتبه الناسخ ويهتم به؛ هو الفنار الشاهق الذي تجتمع حوله الأسماء والنصوص والشرور أيضا.» وفي تدخل غير مألوف في مثل هذه المناسبات ، فاجأ المحتفى به الشاعر والصحفي والكاتب سعيد عاهد الحضور بكلمة أرادها أن تكون بصيغة الغائب، مدعيا أنه يتحدث نيابة عن سعيد آخر يحمل ذات الصورة في بطاقته الوطنية، والذي كلفه بتقديم الشكر والامتنان للأصدقاء والحاضرين والذين تعذر عليهم الحضور وبقراءة نص موسوم ب «حفريات في الاسم العائلي والشخصي» جاء في استهلاله: « عليكَ، يقولون ويكررون، تحمل وِزر هويتك. التفكير وفق تعاليمها والفعل بانسجام مع حمولتها. لكن ثمة تفصيل بسيط لا ينتبه له دعاة مطابقة الاسم والمسمى: اسمك الشخصي وليد الصدفة، وكذلك الاسم العائلي.».