اختارت الجمعية فناء فندق فرنسابالجديدة لتضيف بعدا ثقافيا على هذه المعلمة، ولإعادة الاعتبار لحمولتها التاريخية والثقافية. وكان اللقاء مناسبة قدم خلالها الكاتب العام لجمعية مازغان- الجديدة للتراث، الجيلالي ظريف، معطيات تاريخية وافية حول المكان وسياق إنشائه وذاكرته. أما كتاب "ذاكرة متشظية"، فيعد الإصدار الثالث للإعلامي سعيد عاهد بعد "قصة حب دكالية" الصادرة سنة 2007، و"الفتان: محكيات الروكي بوحمارة" سنة 2013. ويتضمن المؤلف الجديد 18 نصا سرديا،باللغتين العربية والفرنسية، مهداة إلى المفكر المغربي الكبير الراحل عبد الكبير الخطيبي، وصدر ضمن منشورات اتحاد كتاب المغرب برسم السنة الجارية، ويزين غلافه لوحة بريشة الفنان التشكيلي عبد الكريم الأزهر. قدم اللقاء الفنان التشكيلي والشاعر عبد الله بلعباس، الذي لم تفته فرصة التنويه بمبادرة الجمعية المتمثلة في تنظيم نشاط أدبي وفكري في موقع تاريخي يعود زمن تشييده إلى سنة 1905، قبل التذكير بما راكمه سعيد عاهد في مجالات الكتابة الصحفية والإبداعية، شعرا وسردا باللغتين العربية والفرنسية، وكذا في مجال الترجمة والمؤلفات الجماعية، ملقيا إضاءات عديدة على علاقته بمسقط رأسه، وحضور الجديدة الدائم في كتاباته. من جهته، اعتبر الكاتب عز الدين ماعزي، في قراءته لكتاب "ذاكرة متشظية"، أن المؤلف يندرج ضمن المشروع الأدبي لصاحبه، الذي من بين علاماته مساءلة التجربة الذاتية ذهنيا وفكريا عن طريق مرافقة تجارب كتاب وفنانين، مغاربة وأجانب، تعرف عليهم سعيد عاهد مباشرة، أو عبر كتاباتهم وسيرهم الذاتية، وأضاف أن الكتاب الجديد يشكل إلى حد ما استمرارا لتجربة الكاتب ضمن محكياته السابقة الموسومة ب "قصة حب دكالية"، ملاحظا أن الذاكرة تحضر بقوة ضمن استراتيجية الكتابة المعتمدة في الكتابين. وتناول الشاعر والمترجم، مراد الخطيبي، الكتاب من زاوية تعدد اهتمامات صاحبه، مركزا على علاقته وتأثره بالمفكر عبد الكبير الخطيبي، موضحا أن الأخير "يعتبر إحدى العلامات الفكرية والأدبية التي أثرت إيجابيا في المسار الإبداعي للكاتب سعيد عاهد. ويتجلى ذلك من خلال ولعه الشديد بمؤلفات عبد الكبير الخطيبي، ابتداء من "الذاكرة الموشومة" إلى غاية مؤلفه الأخير"الكاتب وظله"، ومن خلال حواراته معه وترجماته لبعض نصوصه، من بينها فصول من "Par-dessus l'epaule". أما الروائي حميد المصباحي، فأشار في شهادته إلى التجربة الشعرية للمحتفى به، مؤكدا أنه يكتب بلغة فرنسية خاصة ليعبر بها عن الوجد المغربي انفعالا وجمالا، فيما يكتب تجربته السردية باللغة العربية، وقال إنه "يرسم عوالمنا بتعبيرية متوهجة بما نسي من طرفنا"، معرجا على كتاباته وأبحاثه التاريخية التي يحرر عبرها الوقائع من اللغة الرسمية ليهبها جمالية الحكي بدقة العلم الأثري. واختتم اللقاء بكلمة لمؤلف "ذاكرة متشظية" كشف ضمنها عن بعض مكونات استراتيجية الإبداع والتأليف لديه، قبل أن يقرأ مقطعا من ديوان شعري جديد له. يشار إلى أن سعيد عاهد نشر العديد من المؤلفات الشعرية والنثرية والترجمات، كما ساهم في العديد من المصنفات الجماعية، وله قيد الطبع حاليا ديوان شعري باللغة الفرنسية، وطبعة ثانية مزيدة ومنقحة من كتابه التاريخي "الفتان: محكيات من سيرة الروكَي بوحمارة لصحافيين وكتاب غربيين معاصرين له".