سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
حسن بنطسيل العلوي أستاذ بجامعة باريس نانتير العاشرة: الأحزاب السياسية الديموقراطية الفرنسية المتمسكة بمبادئ الجمهورية عاجزة عن اسماع صوتها بعد نتائج الانتخابات الأخيرة
لقاء مع حسن بنطسيل العلوي أستاذ بجامعة باريس ناتير العاشرة وهو من خيرة الاطر المغربية المقيمة بفرنسا والمهتمة بقضايا الهجرة بفرنسا بكل عام. في هذا الحوار يتحدث لنا عن تصاعد اليمين المتطرف بفرنسا وعن تقافة الخوف التي أصبحت منتشرة بالمجتمع الفرنسي والذي يستغلها هذا التيار السياسي الفاشي من اجل الحصول على أصوات الناخبين وهي ظاهرة تقلق الجالية المغربية المقيمية بفرنسا وكذلك باقي الجالية المغاربية. وقد طرحنا عليه العديد من الأسئلة من اجل محاولة فهم هذه الظاهرة في ظل الانتخابات الهوية التي عرفتها فرنسا وكذلك وضعية باريس بعد الاحداث الإرهابية الأخيرة. n كيف تفسر الأستاذ حسن بنطسيل هذا التطور المتصاعد للجبهة الوطنية العنصرية في المشهد السياسي الفرنسي، من حزب هامشي يمثل المتطرفين العنصرين الى حزب بنافس كبريات الأحزاب الفرنسية، بل يتجاوزها في الترتيب من حيث عدد الأصوات المحصل عليها وهو اليوم مرشح للفوز على الأقل بثلاتة مناطق من بين 13 منطقة بفرنسا بمناسبة الانتخابات الجهوية؟ o النتائج التي حققتها الجبهة الوطنية كانت متوقعة، احداث 13 عشر من نوفمبر الأخيرة التي ضربت باريس زادت من قوة هذا الحزب المتطرف. الخاسر الأكبر لهذه الانتخابات هو الجالية المسلمة وخاصة الجالية المغاربية، لان خطاب هذا الحزب المتطرف يستهدف بالدرجة الأولى العرب. ورغم انتماء مارين لوبين زعيمة الجبهة الوطنية الى الفئات البورجوازية فقد استطاعت ان تلتصق بهموم ومشاكل المجتمع الفرنسي. وهو ما جعل الأحزاب الكبرى سواء اليمين او اليسار الذي يدافع عن الجاليات الأجنبية اصبح اليوم ثانويا ومتجاوز اولا تلق أفكاره تجاوبا في المجتمع الفرنسي اليوم. زعيمة هذا الحزب فرضت نوع من المصداقية على مستوى خطابها الذي اغرى الكثيرين، وهو وضع مفاجأ ومؤسف في نفس الوقت، وهي فئة الشباب ما بين 18 و35 سنة وهي ظاهرة غير صحية في المجتمع الفرنسي. n كيف استطاع خطاب الخوف التخويف من الاخر الأجنبي ان ينجح بهذا الشكل بالمجتمع الفرنسي؟ o الأكيد انه بعد احداث 13 من نوفمر فإن المجتمع الفرنسي اصبح مهوسا بقضايا الامن،وأصبح الهاجس الأمني هاجسا حاضرا. لمواطني هذا البلد. والأرقام القياسية التي تعرفها فرنسا في مجال البطالة زادت من تقوية هذا الخطاب المتطرف. وهذا ما جعل عددا من الشباب الفرنسيين المهمشين والذين يعانون من البطالة يتجاوبون مع هذا الخطاب.ويصوتون بكثرة في الدور الأول من الانتخابات الجهوية على الجبهة الوطنية. n كيف سيكون رد فعل الجالية المغاربية والمسلمة على خطاب معاداة الأجانب التي يدافع عنه هذا الحزب؟ o الجالية الأجنبية بفرنسا والجالية العربية كلما استهدفت وإلا ازدادت انغلاقا على داتها، زد على ذلك انها تعيش على هامش المدن وفي الضواحي.هذا الانعزال يخيف المجتمع الفرنسي.امام غياب أي تطور في اندماج هذه الجالية العربية والمسلمة في المجتمع الفرنسي. n كيف يمكننا القول ان خطاب الجبهة الوطنية له مصداقية اليوم بالمجتمع الفرنسي عندما نرى انه على المستوى الاقتصادي والاجتماعي هو برنامج فارغ وهو مبني فقط على تسويق الخوف من المستقبل ويدعو الى اغلاق حدود فرنسا والى عزلتها، هذا المشروع الذي اعتبرته العديد من المؤسسات بما فيها نقابة المقاولين الفرنسيين برنامج غير قابل لتطبيق. لأن فرنسا لا يمكن فصلها عن اوربا وعن باقي العالم في كل المجالات خاصة الاقتصادية باعتبارها قوة صناعية وتجارية،كيف يصدق الفرنسيون هذا الخطاب؟ o كل تحليل موضوعي ومنطقي لخطاب الجبهة الوطنية المعادية للأجانب لا يكفي، لان المشاكل التي يتخبط فيها المجتمع الفرنسي من مشاكل الامن والبطالة، زد على ذلك المجتمع الفرنسي العميق بما فيه فئة الفلاحين والتجار الصغار يتخبطون في مشاكل اقتصادية مند 2008, حزب الجمهوريين اليميني واليساريون الاشتراكيون لم يستطيعوا في برامجهم،ولم يتمكنوا ولو قيد انملة التغيير من هذا الوضع. فيما يخص البرنامج الاقتصادي والسياسي للجبهة الوطنية فان أي ناخب فرنسي لا يعرف البرنامج ولا مرشحي هذا الحزب، بل هي جبهة تجمع حولها كل الناقمين والغاضبين على الطبقة السياسية الكلاسيكية. والجبهة تحاول التقرب من المواطن في همومه اليومية. وبرنامج هذا الحزب شبهه رئيس نقابة المقاولين بيير غتاس ببرنامج الحزب الاشتراكي لفرنسوا ميتران سنة 1981 واعتبر انه غارق في نوع من الطوباوية وعلامات استفهام حول إمكانية تمويله، وهناك هوية كبيرة بين ما تدعو اليه الجبهة الوطنية وبين ما تسنه المندوبية الاوربية. n بالنسبة لك الاستاد بنطسيل بصفتك مقيما بفرنسا منذ تلاثة عقود ماذا سوف يتغير بفرنسا في حالة فوز الجبهة الوطنية بعدد كبير من الجهات بفرنسا خاصة بالنسبة للمغاربيين الذين يعتبرون اكبر جالية اجنبية بفرنسا والمستهدفون من طرف هذا الحزب المتطرف؟ o النتائئج التي يمكن للجبهة الوطنية ان تحققها في الدور الثاني بعد هذا التقدم الذي حققته في الدور الأول،لكن يتجاوز تأثيرها السياسي المستوى الرمزي،لأن إمكانيات الجهات ووسائلها في لتأثير على الحياة اليومية للفرنسيين تبق محدودة جدا ولا يمكنها ان تؤتر على الواقع وعلى المعاش اليومي للموطن الفرنسي. لهذا فان النتائج التي تحققها الجبهة الوطنية تبق رمزية. في عقد الثمانينات والتسعينات تم الترويج لمفهوم لوبنيزاسيون (lepénisation des esprits en France) في مجالات متفاوتة وينخرط بطريقة مباشرة او غير مباشرة في هذا الخطاب الذي يعتبر خطابا اقصائيا وعنصريا والمعادي بالخصوص للمسلمين وللعرب وبالدرجة الأولى للمغاربين الذين يتشكلون من المغاربة والجزائريين والتونسيين. واذا نظرنا الى نتائج الدور الأول نرى ان منطقة البريني باكا يوجد بها 43 في المائة من الجالية الجزائرية. وحققت بها حفيدة مارين لوبين اكثر من 40 في المائة من الأصوات، ومنطقة الشمال بادكالي التي ترشحت بها زعيمة هذا الحزب مارين لوبين ويوجد با تواجد مغاربي مهم مند قرن أي مند اكتشاف مناجم الفحم.ورغم تواجد هذه الجالية مند ثلاثة أجيال فإنها لم تسلم من خطاب العداء الجبهة الوطنية. n كيف تفسر النجاح الكبير بفرنسا لأفكار اليمين المتطرف؟ o نجاح أفكار اليمين المتطرف بفرنسا وجدت تجاوب مند عقد الثمانينات والتسعينات رغم ان هذه الأفكار بعيدة عن مبادئ الجمهورية الفرنسية هي المساواة والإخاء والحرية واحترام الأخر هذا البلد الذي احتضن وأعطى العديد من الفرص للأجانب من مختلف البلدان. الا ان المشاكل التي يتخبط فيها المجتمع الفرنسي والتي هي بالدرجة الأولى مشاكل اجتماعية واقتصادية ومؤخرا سياسية جعل هذه الأفكار المتطرفة تأخذ السبق داخل الأفكار التي يقترحها اليمين الديموقراطي او اليسار الديموقراطي بالإضافة الى ان خصوصية زعيمة الجبهة الوطنية التي اختارت خطاب بسيط ان لم نقل مبسط وبعيدا عن أي تعقيد وشاطرت في خطابها، أي على مستوى الخطاب على الأقل، المواطن الفرنسي في كل معاناته اليومية، الا ان الأحزاب السياسية الأخرى الديموقراطية والمتمسكة بمبادئ الجمهورية عاجزة عن اسماع صوتها بعد النتائج الأخيرة التي أعطت السبق لهذا الحزب المتطرف. ولاحظنا كيف انه بعد النتائج في الدور الأول ان زعماء اليسار بالتلفزة و في الاعلام بصفة عامة كانوا مشدوهين ومدهولين امام النتائج التي حققها اليمين المتطرف.