o ونحن نودع سنة 2015، كيف تقيّمون حصيلة جراحة التجميل والتقويم في المغرب؟ n جراحة التجميل والتقويم في المغرب تعرف ارتفاعا ملحوظا، وازديادا في الطلب على خدماتها سنة تلو أخرى، إذ يسعى للخضوع لها والاستفادة منها مواطنون من مختلف الأعمار ومن جميع الشرائح الاجتماعية، فهي خلافا لما قد يعتقد البعض، تشكّل حباجة أساسية ملحّة لعدد من المواطنين، وليس فقط رغبة ثانوية قد تصنف ضمن خانة الكماليات. وكقراءة لواقع جراحة التجميل والتقويم فهي على المستوى الداخلي، تعرف نموا مهما، واستيعابا أكبر لأهميتها وأدوارها في الحياة اليومية، لكن ما يعاب أن المغرب لم يقطع بعد أشواطا كافية كي يجعل منها ورقة تنموية على المستوى الخارجي، على اعتبار أن السياحة الصحية، أضحت لها قيمتها المادية والمعنوية، وتشكل دافعا اقتصاديا، خاصة بالنسبة للشقّ المرتبط بالجراحة التجميلية، سيّما أن الكفاءات المغربية في هذا المجال والتقنيات الحديثة هي متوفرة، ويكفي أن نعلم بأن هناك دولا استطاعت أن ترفع من حجم الطلب عليها بالاستثمار في مجال السياحة الطبية، كما هو الحال بالنسبة لتونس، الأردن وتركيا، وهناك من يحقّق سنويا مداخيل مادية تقدّر بأربعة ملايين دولار، وبالتالي ليس هناك ما يمنع من أن يصبح المغرب قبلة في هذا الباب، وهو ما كنت وما زلت أدافع عنه ومنذ أزيد من 30 سنة من المزاولة المهنية، خاصة وأن الأطباء المغاربة هم يحظون بتقدير كبير، ويستقبلون من خارج المغرب عددا من الأشخاص من مختلف المستويات للاستفادة من خبراتهم، وهو ما يجب أن يتم العمل على توسيع مداه. o ماهي أبرز الدوافع التي ترفع من درجات الإقبال على الجراحة التقويمية؟ n هناك عدة دوافع تفرض بالضرورة الإقبال على الجراحة التقويمية، ومن بينها على سبيل المثال لا الحصر، التعرض لحوادث الحروق الناتجة عن انفجار قنينات غاز البوطان من الحجم الصغير، التي وبكل أسف هي حوادث مأساوية تقع بكثرة وتخلّف الكثير من الضحايا من مختلف الأعمار، أغلبهم من بنات وأبناء الطبقة الشعبية، مما يتعين معه إيجاد حلول بديلة لهذه الإشكالية. الدافع الثاني والذي يحضر هو الآخر بقوة وبكل أسف، يكمن في التعرض لضربات بالسلاح الأبيض، الذي يحدث تشوهات على مستوى الوجه والعنق ومختلف أنحاء الجسم في حوادث متعددة، التي تتطلب بدورها تدخلا تقويميا، وهي الحالات التي تعرف ارتفاعا وقد تصل إلى 10 تدخلات في اليوم الواحد التي يتم التكفل بها. o وماذا يمكنك إضافته على مستوى الجراحة التجميلية؟ n نحن أمام مستويان متكاملان فهما وجهان لعملة واحدة، الجراحة التقويمية والتجميلية معا، كما هو الحال بالنسبة للتدخلات التي تكون نتاجا للإصابة بمجموعة من السرطانات وفي مقدمتها سرطان الثدي وذلك على مستوى الصدر. ونحن نتحدث عن سنة 2015 التي سنودعها خلال هذا الشهر، أريد أن ألفت انتباه القراء إلى تدخلات أخرى على مستوى الجراحة التجميلية، غير الجراحية، التي ارتفع عليها الطلب خلال هذه السنة، ويتعلق الأمر ب «الطوكسين بوليتيك» أو «الفيلينغ» أو «السيديا ليرونيك»، والتي تهم الإبر التي تقلّص من التجاعيد أو تلك التي تملئ عددا من التجاعيد خاصة على مستوى الوجه. كما شكّل «البلاسماريش بالبلاكيت» حدثا بالنسبة للجراحة التجميلية خلال هذه السنة بالخصوص، الذي يساعد في نمو الشعر، والذي يعدّ وسيلة حديثة في ميدان التجميل، فضلا عن وسائل أخرى لتبييض الوجه بالليزر وبطرق أخرى التي تحظى بدورها بالإقبال. أما على مستوىا لجراحة فإن الشفط يتصدر لائحة الطلبات، تليه جراحة الأنف، ثم الزيادة أو النقصان من حجم الثدي، وشدّ البطن بالنسبة للأمهات بعد الحمل، وكذا شدّ الثدي، إضافة إلى ما يصطلح عليه بتشبيب الوجه أو ما يعرف ب «اللفتينغ»، التي تحظى باهتمام كبر من طرف المعنيين بها. o على مستوى الشأن الصحي بشكل عام، ما هو تعليقكم على ما حبلت به الساحة الصحية خلال هذه السنة؟ n الساحة الصحية مرّت خلال سنة 2015 بمراحل صعبة وإن تميزت بتخصيص الحكومة لقطاع الصحة لميزانية أكثر مقارنة بالسنوات الفارطة، فهناك مشكل استمرار الخصاص في الموارد البشرية سواء تعلّق الأمر بالأطباء أو الممرضين؛ وهنا أود أن أفتح قوسا لأؤكد على ضرورة بذل مساعي جادة وتوجيه نداء إلى الأطباء المغاربة المتواجدين في الخارج وعددهم ليس بالهيّن لكي يدخلوا إلى بلدهم الذي هو في حاجة إليهم، ويساهموا في تنميته،وفي علاج مواطنيه؛ كما أن هناك مشكلا آخرا يتمثل في ضعف عدد الأسرّة المخصصة للمواطنين المرضى، دون إغفال مسلسل الإضرابات التي وجب إيجاد حلول معقولة لها لما لذلك من تأثير على صحة وحياة المواطنين. قضايا عديدة عاشتها الساحة الصحية في المغرب خلال 2015 ومنها قانون فتح رأسمال المصحات الخاصة أمام المستثمرين من غير الأطباء، ونلاحظ كيف أن حدّة الحماس التي ميزت المرحلة التي كان فيها النقاش دائرا حول هذا القانون قد خفتت، ولم يتم تشييد أي مصحات جديدة أو بنيات صحية حديثة، وكل ما لوحظ هو اقتناء لبعض المصحات، وهو معطى قد تتحكم فيه عدة عوامل، من بينها أن الاعتقاد الذي قد يكون سائدا عند البعض بأن المصحة الخاصة تعني الربح السريع هو مجرد نظرية وليست بحقيقة واقعية. o ماهي أبرز المواضيع التي ترون بضرورة الانكباب عليها في سنة 2016؟ n هناك العديد من القضايا المرتبطة بالشأن الصحي التي تتطلب معالجة جادة ومنحها المكانة التي تليق بها، وأسرد من بينها على سبيل المثال لا الحصر، ضرورة تعميم التغطية الصحية على كافة المغاربة، وتمكينهم من الحق في الولوج إلى العلاجات، وأن يتوفر المغاربة على منظومة صحية عادلة. أما بخصوص المصحات الخاصة فيجب وقف الإشاعات المغرضة التي تصفها بكونها آلية لاستنزاف جيوب المواطنين، والحال أنها تقدم الخدمات الصحية لأكثر من 85 في المئة من المغاربة الذين يستفيدون من تغطية صحية مختلفة، وبتسعيرة في أحيان كثيرة هي جدّ منخفضة مقارنة بالخدمات المقدمة، مساهمة في توفير الأمن الصحي ودعم استقراره وفي تنمية بلادنا. معطى آخر يتعلق بالأطباء، الذين عن قصد أو بحسن نية في أحيان كثيرة يتم تشويه صورتهم، علما أن الطبيب قطع أشواطا طويلة جدّ شاقة لكي يدرس الطب في مسار دراسي وتكويني قد لايقف عند حدود 8 سنوات بعد الباكلوريا، وإنما قد تمتد إلى ما بين 12 و 15 سنة، مع مايعني ذلك من تضحيات مادية ومعنوية على نفقة المتمدرسين من أجل التكوين في اختصاصات معينة خارج المغرب، حتى يساهم في علاج مواطنيه وخدمة وطنه، وبالتالي فالاعتراف المعنوي والمادي بقيمة الأطباء هو واجب. o نظمت الجمعية الوطنية للمصحات الخاصة مناظرتها الثانية في مراكش، هل يمكنكم تقديم صورة عما نوقش للقراء؟ n الجمعية الوطنية للمصحات الخاصة التي أتشرف بكوني عضوا في مكتبها المسير الجديد إلى جانب عدد كبير من الكفاءات، والتي سطّرت برنامجا بمقاربة تشاركية للمساهمة في نمو قطاع الصحة لثلاث سنوات المقبلة، قد عقدت بالفعل بشراكة مع فدرالية مراكز الأنكولوجيا الخاصة، المناظرة الوطنية الثانية للمصحات الخاصة، يومي 28 و 29 نونبر الفارط، بمشاركة أكثر من 100 مصحة خاصة، وأطباء القطاع الخاص، ومختلف المتدخلين في قطاع الصحة، حيث نوقشت عدد من المحاور ومن بينها «نظام قطاع الطب الخاص»، و «قانون 131-13» وموضوع «التغطية الصحية لمعالجة أمراض السرطان»، وكذا «توحيد ملفات التأمين الإجباري على المرض» و «التأطير القانوني لمؤسسات العلاج الخاصة، إلى جانب «الخريطة الصحية: آخر المستجدات و مكانة القطاع الخاص». وقد شكّل هذا الملتقى العلمي فرصة لتبادل الآراء وطرح مختلف الإشكالات المتعلقة بالتأمين الإجباري على المرض، خاصة بالنسبة لعلاج أمراض السرطان، والقضايا المرتبطة بقطاع المصحات الخاصة على الصعيد الوطني، وكيفية تنظيم المهنة لمواكبة القطاع العام في تحسين الخدمات الطبية للمواطنين، وستشكل الخلاصات خارطة طريق للأجرأة خلال الفترة المقبلة بما يخدم صحة المواطنين بشكل عام.