سجل عبد الرحيم الرماح أنه خلال اجتماعات لجان الصلح المحلية والإقليمية والوطنية أن نسبة كبيرة من نزاعات الشغل في القطاع الخاص يعود سببها إلى عدم احترام حق الانتماء النقابي وعدم تطبيق قانون الشغل وقانون الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، في الوقت الذي كان من المفروض أن تكون جل نزاعات الشغل الجماعية حول تحسين الأوضاع الاجتماعية للطبقة العاملة أي أن تدخل في إطار اتفاقيات الشغل الجماعية. غير أنه عند معالجة هذه النزاعات تلتزم الجهات المسؤولة الحياد علما بأنها معنية ومسؤولة على تطبيق القانون وحماية حق الانتماء النقابي كحق دستوري قبل غيرها. ولترجمة هذه الإرادة يتطلب عند تكوين اللجان الإقليمية للبحث والمصالحة أن يترأسها عامل العمالة أو الإقليم وعند تكويناللجنة الوطنية للبحث والمصالحة أن يترأسها وزير التشغيل وفق ما تنص عليه مقتضيات مدونة الشغل، علما بأن النزاعات المستعصية تتطلب ذلك، كما يتطلب دعم جهاز تفتيش الشغل ومده بوسائل العمل الكافية. كما يلاحظ أيضا عدم تفعيل مسطرة التحكيم لحد الآن. كما تساءل الرماح عن الإجراءات التي تقوم بها الوزارة من أجل تطبيق القانون وحماية حق الانتماء النقابي عند معالجة نزاعات الشغل الجماعية؟ وفي جوابه عن سؤال الرماح أشار جمال اغماني وزير التشغيل والتكوين المهني إلى أن وجود نزاعات الشغل داخل وحدة إنتاجية معينة هي ظاهرة صحية في بعض الأحيان لأنها قد تدل على جدلية علاقات الشغل داخل هذه الوحدة، هذه الجدلية التي يكون الغرض منها النهوض بالمستوى الاقتصادي والاجتماعي للمقاولة والأجراء على حد سواء. أما بخصوص مسألة كون تسوية نزاعات الشغل، وبخاصة الجماعية منها، قد يتم على حساب عدم احترام حق الانتماء النقابي وعدم تطبيق قانون الشغل وقانون الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مع تسجيل الحياد التام للجهات المسؤولة، فإني على اليقين التام بأن هذا الرأي هو مجانب للصواب حيث أن تدخلات جهاز تفتيش الشغل لتسوية نزاعات الشغل الجماعية تتم بطريقة تحترم المقتضيات القانونية الجاري بها العمل سواء أثناء إبرام بروتوكولات الاتفاق أو تحرير محاضر الصلح. إلا أنه قد يبدو في بعض الأحيان أن المسؤولين يلتزمون الحياد ولكنهم في غالب الأوقات يكونون مقيدين بالوضعية الاقتصادية للمقاولة، ويحاولون الحفاظ على مناصب الشغل، لكن دون خرق المقتضيات القانونية الجاري بها العمل، فمثلا عند إبرام بروتوكول اتفاق يقضي مثلا بتسليم الأجراء لمستحقاتهم على دفعات أو إعادة الإدماج في مناصب شغل أخرى أو التقليص من مدة الشغل العادية لمدة ستين يوما دون النزول عن 50 في المائة من الأجر العادي قد تبدو ظاهريا مخالفة للقانون ولكنها في الجوهر ليست سوى تطبيق لمقتضيات مدونة الشغل وبخاصة المواد 66 و185 و 861. كما أن الوزارة تعمل جاهدة عن طريق جهاز تفتيش الشغل على تطبيق تشريع الشغل وعلى الحفاظ على استقرار العلاقة الشغلية ومناصب الشغل، وفي هذا الإطار قام أعوان تفتيش الشغل خلال التسعة أشهر الأولى من سنة 2010 بإنجاز: 1- إنجاز 18.439 زيارة تفتيش وجهت من خلالها 605.007 ملاحظة، مقابل 8.095 خلال نفس الفترة من سنة 2009، وجهت خلالها 266.080 ملاحظة؛ 2- دراسة ومعالجة 26.979 نزاع فردي مقابل 25.908 خلال نفس الفترة المرجعية من سنة 2009، مما ساهم في إعادة إدماج 3.939 أجيرا إلى عملهم، كما تم استرجاع ما يقارب 332 مليون درهما كتعويضات مستحقة لفائدة الأجراء؛ 3- تسوية 620 نزاعا جماعيا ب 521 مقاولة قبل أن تتحول إلى إضرابات، وقد مكن هذا الإجراء بفضل التدخل الاستباقي لمفتشي الشغل من ربح ما مجموعه 55.291 يوم عمل بمعدل يوم واحد لكل أجير؛ 4- تتبع ودراسة 183 إضرابا جماعيا، ب 152 مؤسسة؛ 5- دراسة ومعالجة 25 نزاعا جماعيا، من طرف اللجان الإقليمية للبحث والمصالحة تمت تسوية 11 منها؛ 6- دراسة ومعالجة 19 نزاعا جماعيا من قبل اللجنة الوطنية للبحث والمصالحة تمت تسوية 6 منها، وبقية النزاعات لايزال الحوار مستمر حولها؛ 7- تحرير 493 محضرا تضمنت 11.728 مخالفة و 768 جنحة. كما سطرت الوزارة جملة من التدابير الهادفة إلى الرفع من مستوى تدخل أعوان تفتيش الشغل كما وكيفا، سواء عن طريق برامج التكوين أو عن طريق جملة من البرامج الهادفة إلى إعمال مفهوم العمل اللائق، ومن ضمنها البرنامج الوطني لتحسين ظروف العمل والذي يستهدف مصاحبة المقاولات التي تشغل أقل من 50 أجيرا، وقد سجل هذا البرنامج إلى نهاية غشت 2010 زيارة 6.169 مقاولة وهو ما يمثل أكثر من 50% من الهدف المسطر: 12.295 مقاولة، وللرفع من مردودية جهاز تفتيش الشغل، بادرت الوزارة إلى إبرام 10 اتفاقيات أهداف مع مندوبياتها برسم سنة 2010، وهو العدد الذي سيرتفع سنة 2011 إلى 30 مندوبية. كما أن الوزارة بصدد دعم مجموعة من المقاولات الراغبة في إبرام اتفاقيات الشغل الجماعية، حيث تم خلال الثمانية أشهر الأولى من سنة 2010 إبرام 3 اتفاقيات جماعية، الأولى بقطاع النقل بميناء الدارالبيضاء (الوزن الثقيل)، والثانية بالقطاع الفلاحي بأوراش أكادير وسوس، والثالثة بقطاع الصيد البحري بالحسيمة، مقابل اتفاقية واحدة خلال نفس الفترة من سنة 2009، كما تم إبرام 165 بروتوكول اتفاق تمحورت حول تلبية الملفات المطلبية ب 47 بروتوكولا، وتطبيق مقتضيات تشريع الشغل ب 42 بروتوكولا، والرجوع إلى العمل: 19 بروتوكولا. وتجدر الإشارة إلى أن مسطرة تسوية نزاعات الشغل الجماعية تتم عبر ثلاثة مستويات حسب مقتضيات مدونة الشغل، إذ تمر من مستوى مفتشية الشغل إلى مستوى اللجنة الإقليمية للبحث والمصالحة ثم اللجنة الوطنية للبحث والمصالحة، فالتحكيم. هذه الآلية الأخيرة من المنتظر أن ينشر قرار وزير التشغيل والتكوين المهني بتعيين أعضائها بناء على المشاورات مع الشركاء الاجتماعيين. وعلى العموم، فإن الوزارة رهن إشارة الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين لما فيه صالح الأجراء والمقاولة على حد السواء، وفي هذا الإطار أشير إلى أن الوزارة قد قامت بتكوين 34 مفتشا في مجال وتقنيات المصالحة مع إعداد دليل منهجي لتقنيات المصالحة يتضمن عددا من التقنيات والأساليب المتبعة لتسوية نزاعات الشغل الجماعية، وذلك في إطار احترام تام لمقتضيات التشريع الاجتماعي الجاري بها العمل، وسيكون هذا الدليل موضوع تكوين لفائدة كافة مفتشي الشغل، ولتعزيز تفتيش الشغل، سيتم برسم سنة 2011 توظيف 50 مفتشا للشغل، كما تم إحداث 8 مفتشيات جديدة للشغل برسم سنة 2010، وبرمجة إحداث 5 مفتشيات جديدة سنة 2011. من جانب آخر، وبرسم سنة 2011 برمجت الوزارة عقد مناظرة وطنية حول الاتفاقيات الجماعية بهدف النهوض بهذا المجال الذي من شأنه التشجيع على إبرامها والحفاظ على الاستقرار الاجتماعي بالنسيج الاقتصادي الوطني».