كشفت العملية الإرهابية الخطيرة، التي حصلت مؤخرا في العاصمة المالية، باماكو، المخاطر الحقيقية المستمرة، المحدقة بمنطقة الساحل الإفريقي، في محيط غير مستقر، قد تتقدم فيه الجماعات الإرهابية، محتمية بالامتداد الصحراوي، من المحيط الأطلسي إلى البحر الأحمر. فرغم التدخل العسكري الفرنسي، الذي أوقف زحف الجماعات الإرهابية، في شمال مالي، إلا أن عودة العمليات، التي تضرب باماكو، للمرة الثانية، تنذر بعودة الخطر، بشكل آخر، عبر ارتكاب جرائم قتل الأجانب واحتجاز الرهائن، ليهدد استقرار هذا البلد، وكل البلدان المحيطة به والقريبة. ومن المعروف، أن تنظيم «المرابطون»، الذي تبنى العملية الأخيرة، في فندق راديسون، يتزعمه شخصان اثنان، الأول هو الجزائري، مختار بلمختار، الذي يعلن ولاءه، لتنظيم «القاعدة»، والشخص الثاني هو أحد أطر البوليزاريو، عدنان أبو الوليد الصحراوي، الذي أعلن مبايعته لأبوبكر البغدادي، زعيم التنظيم الإرهابي، الدولة الإسلامية في العراق والشام، «داعش». ينحدر أبو الوليد الصحراوي، من الصحراء المغربية ، التحق بالبوليزاريو، في التسعينات، وهو خريج جامعي من الجزائر و كوبا ، وتحمل مسؤوليات في ما يسمى «منظمة اتحاد شبيبة الساقية الحمراء ووادي الذهب». وقد انطلق في العمل الإرهابي، في مخيمات تندوف، سنة 2011، باختطاف مواطنين أوروبيين، قبل أن ينتقل إلى شمال مالي. لذلك، يعتبر عدد من المحللين، أن منطقة الساحل والصحراء، يمكن أن تصبح معقلا آخر، ليس لجماعات إرهابية متفرقة، هنا وهناك، بل في إطار ما يشبه تنظيم «داعش»، في منطقة لا يمكن التحكم فيها، نظرا لامتدادها الصحراوي، وشساعتها، وقسوة طبيعتها... بالإضافة إلى جماعة بوكو حرام، في نيجيريا، والوضع غير المستقر في ليبيا. لقد ضرب الإرهاب حتى المناطق الصحراوية الجزائرية، في مرات متعددة، في تمنراست وعين أميناس، غير أن المنطقة الصحراوية، التي ظلت آمنة، هي الصحراء المغربية، لوجود حماية أمنية قوية وناجعة، بالإضافة إلى جو الاستقرار الذي يسودها. التهديد الإرهابي، في هذه المناطق، يأتي من شمال مالي، كما يأتي من مخيمات تندوف، حيث يعترف قياديون من البوليزاريو، أن الإرهاب اخترق صفوفهم. وإذا كان المغرب، يحصن الصحراء بشكل فعال وناجع، فإن هناك دولا في هذه المناطق الشاسعة، قد لا تتمكن من تحصين بلدانها، مما يجعل من قضية مكافحة التهديد الإرهابي، أولوية الأولويات، وليس النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.