عبد الصمد الصالح قال الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، محمد ضريف، إن البؤس الذي يعيشه الصحراويون في مخيمات تندوف هو ما يدفع عددا منهم إلى الالتحاق بصفوف الجماعات الإسلامية المقاتلة في منطقة الساحل والصحراء من أجل تحسين مستوى عيشهم والخروج من الأفق المسدود الذي يعانون منه داخل المخيمات. وأضاف ضريف، في اتصال هاتفي مع «المساء»، أن الأوضاع السوسيو اقتصادية تشكل عاملا رئيسا في ارتفاع وتيرة انخراط الصحراويين في الجماعات الجهادية، بعد ورود أنباء عن التحاق مئات من المقاتلين الصحراويين القادمين من مخيمات تندوف بشمال مالي قصد الانضمام إلى الجماعات الإسلامية التي تسيطر على مناطق واسعة في شمال البلاد، أعلنت قيام دولة إسلامية فيها. واعتبر ضريف أن العوامل العقائدية تلعب بدورها دورا محوريا في تسهيل التحاق الصحراويين بالجماعات الجهادية، حيث يتميز المجتمع الصحراوي بالتدين، ومن الطبيعي أن تظهر أفكار متطرفة في بعض أوساطه، وتنجح بعض التنظيمات الأصولية في استغلال الوضع وتقديم تفسير معين للدين، مما يدفع البعض إلى التفكير في الالتحاق بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، الذي يخوض حرب عصابات ضد قوى الأمن الجزائرية، أو بتنظيم التوحيد والجهاد المنشق عن القاعدة، والذي يتخذ منطقة الساحل والصحراء ميدانا لعملياته. وأشار المتحدث نفسه إلى ظهور مؤشرات على تورط جبهة البوليزاريو في التعامل مع تنظيم القاعدة، خصوصا عبر وسطاء يسهلون القيام بعمليات خطف الأجانب في المنطقة مقابل فدية، كما كان الشأن في قضية عمر الصحراوي، الذي أشرف على اختطاف مواطنين إسبان قبل تسليمهم إلى تنظيم القاعدة. وكشف ضريف أن تنظيم التوحيد والجهاد المنشق عن القاعدة يتشكل في جزء من قياداته الرئيسة من صحراويين، من بينهم أبو الوليد الصحراوي، الناطق الرسمي باسم التنظيم، مضيفا أن السبب وراء الانقسام يرجع إلى خلاف حول عائدات اختطاف الرهائن، وهو ما دفع المنشقين إلى التنسيق مع جناح في جبهة البوليزاريو التي لم تعد متماسكة، حيث يسعى بعض قياداتها إلى التنسيق مع المقاتلين الإسلاميين من أجل تحقيق مصالح مشتركة، بينما يتحرج آخرون من هذا الأمر، لأنه يمثل طعنة في ظهر الجزائر التي تحارب القاعدة وتدعم الانفصاليين. وشدد الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية على ضرورة أن يدفع المغرب في اتجاه تبني القضية الإنسانية للصحراويين في المخيمات، خصوصا مع بروز ممارسات لها علاقة بالعبودية والرق في صفوف هؤلاء، مضيفا أن استمرار هاته الأوضاع يشكل فرصة للتنظيمات الجهادية للحصول على مزيد من المقاتلين، وبالتالي فإن على المغرب الضغط في هذا المسار، كما كان الشأن خلال زيارة مؤسسة كنيدي لحقوق الإنسان إلى تندوف. كما أكد ضريف أن الوضع في شمال مالي ستكون له انعكاسات على الوضع في المنطقة ككل، مضيفا أن المغرب معني بهذه القضية بشكل مباشر، رغم محاولات الجزائر إبعاده عنها والدخول في تحالفات ليس المغرب طرفا فيها، علما أن مالي نفسها دعت المغرب إلى المساعدة على استرجاع الاستقرار في مناطقها الشمالية.