«مرافق الصرف الصحي، هي حجر الزاوية الذي تستند إليه الصحة العمومية. وتحسين تلك المرافق من الأمور التي تسهم كثيرا في تحسين صحة الناس وعافيتهم، سيّما الفتيات والنساء، ونحن نعلم أنّ من الممكن، باتخاذ تدابير بسيطة يمكن تطبيقها، الحدّ من مخاطر الإصابة بأمراض الإسهال بنسبة الثلث.» هكذا تحدثت الدكتورة مارغريت تشان، المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية، للتأكيد على أهمية التعامل الإيجابي والجاد مع مرافق الصرف الصحي في كل الفضاءات، إذ وعلى الرغم من صدور تقديرات عن منظمة الصحة العالمية واليونيسيف، التي تشير إلى استفادة 1.2 مليار نسمة في جميع أنحاء العالم من مرافق في المستوى، خلال الفترة ما بين 1990 و2004، فإنّ أرقاما أخرى أشارت إلى أن 2.4 مليار نسمة هم بدون أدنى مرافق للصرف الصحي إلى غاية السنة الجارية التي نحن في متمّ شهورها، مع ما يعني ذلك من كون الأطفال سيواصلون دفع أرواحهم ثمنا لذلك، في حرمان من الانتفاع من الدراسة، والتعرّض للأمراض، وسوء التغذية، والفقر. ويعدّ استخدام المراحيض الملائمة وغسل اليدين باستخدام الصابون تحديداً، من الممارسات التي تسهم في الوقاية من انتقال الجراثيم والفيروسات والطفيليات الموجودة في براز الإنسان الذي يتسبّب، إذا لم يتم تصريفه بالطرق المأمونة، في تلوّث موارد المياه والتربة والأغذية، ويعدّ هذا التلوّث من أهم الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالإسهال، الذي يمثّل ثاني أهمّ الأمراض التي تفتك بأرواح الأطفال في البلدان النامية، وبأمراض خطيرة أخرى مثل الكوليرا، وداء البلهارسيات، والتراخوما. إن تحسين فرص الاستفادة من مرافق الصرف الصحي هو من الخطوات الحاسمة نحو الحدّ من أثر تلك الأمراض، ويساعد أيضا على تهيئة بيئات مادية تسهم في تعزيز المأمونية والكرامة وعزّة النفس، خاصة بالنسبة للنساء والأطفال، كما يسهم تحسين مرافق الصرف الصحي وتعزيز النظافة الشخصية في المدارس، في تحسين التعليم، وصحة الأطفال، على حد سواء. أمّا في مرافق الرعاية الصحية فإنّ التخلّص من فضلات المرضى والموظفين والزائرين بطرق مأمونة هي من تدابير الصحة البيئية الأساسية، إذ أن تلك الخطوة بإمكانها المساهمة في الحدّ من انتشار أنواع العدوى المرتبطة بالرعاية الصحية والتي تصيب ما بين 5 و 30 في المئة من المرضى. أمام كل هذه التوصيات العالمية من طرف منظمة الصحة العالمية، والأمم المتحدة، وجمعيات عالمية، نجد على أن وضعية عدد من المستشفيات هي تبعث على التقزز، ومن بينها على سبيل المثال لا الحصر، مستشفى الحسني بالدارالبيضاء، إذ ينهج المسؤولون عن قطاع الصحة بالحي الحسني سياسة الآذان الصمّاء، إذ لا يزال المستشفى الإقليمي، والمراكز الصحية بالحي الحسني، يفتقدون إلى مراحيض ومنابع مياه عامة، على اعتبار أنه في المراكز الصحية يوجد مرحاض واحد بكل مركز، يستفيد منه الموظفون رجالا ونساء، وفي بعض الأحيان يستعمل لتخزين النفايات الطبية، نظرا لعدم قيام المسؤولين بتدبيرها بكيفية سليمة، علما أن المواطنين والمترددين على هذه المراكز يكونون بدورهم ف يحاجة على استعمال تلك المراحيض في وضعيتها تلك التي لايمكن أن توصف إلا بغير الصحية؟ وضعية المراكز لاتختلف عن حال المستشفى الاقليمية، الذي يتوفر على مرحاضين اثنين بقسم المستعجلات يقبل عليهما المواطنون القادمون إلى هذا القسم أو أقسام أخرى، علما أن حالتهما هي مزرية وغير صحية، فضلا عن وجود مرحاض واحد بكل قسم، علما أن بعض المراحيض يتم إقفالها ويتحكم فيها من طرف بعض الأشخاص كما لو تعلق الأمر بملك خاص، مع التأكيد على عدم وجود مراحيض خاصة بالنساء الموظفات والرجال الموظفون، وبذوي الاحتياجات الخاصة، وعدم وجود مواد التنظيف، من صابون، وماء جافيل، ومنشفات، وافتقاد تام للحمّامات كما ينص عليه قانون الوظيفة العمومية. وما يثير الانتباه في شأن المراحيض بجميع المصالح والمؤسسات، هو وجود عبارة/إشارة كون هذه المراحيض هي خاصة بالأساتذة، أو الموظفين، بل حتى بالمقاهي نجد عبارة «خاص»، مما يؤكد من جهة عدم انتشار ثقافة الاهتمام بالمراحيض، ومن جهة أخرى النظرة الذاتية والتحكمية للاستفراد بالشيء كسلوك إنساني عند البعض، والحال أننا أمام موضوع هو بالغ الأهمية ويتم التعامل معه ومنذ سنوات على الصعيد العالمي بمنتهى الحساسية والجدية، لتداعياته وكل مايترتب عنه سواء في الشق الإيجابي آو السلبي.