تحولت الأزمة السورية، إلى ما يشبه حربا عالمية، بين معسكرين، الأول تتزعمه روسيا، والثاني، تتزعمه الولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث يتواجه الطرفان، في معركة غير مباشرة، تستعمل فيها أدوات متعددة، على أرض سوريا، التي يبدو أن تشريد أبنائها سيتواصل، وأن الدمار فيها سيتسع. المواجهة الروسية - الأمريكية، تنذر بأن هناك حربا عالمية وشيكة، لكن بأسلوب مختلف، لا يشتبك فيه الجيشان، لكنهما يتواجهان عبر وسائط أخرى، في سوريا وأوكرانيا، وقد تمتد المواجهات إلى مناطق أخرى. الوعي بأبعاد ما يحصل في هذين البلدين، يفيد كثيرا في إلقاء الضوء على الكثير من الحقائق. منها أن هناك تقاطبا يستحق التأمل. في الصف الروسي، إيران وحزب الله، و هما معاديان لإسرائيل، بينما في الصف الأمريكي، هناك بريطانيا وفرنسا، وقوى غربية أخرى، بالإضافة إلى قطر والسعودية وتركيا، وهي غير معادية للكيان الصهيوني. في الملف الأوكراني، هناك كل القوى الغربية ضد روسيا، بالإضافة إلى تركيا، التي تشتغل لصالح أمريكا، والتي تولت مهمة «المناولة»، لصالح المعسكر الغربي، كما فعلت في سوريا، حيث قامت بتكوين ما يسمى «بالكتائب الدولية الإسلامية»، «لتحرير القرم»، وتكلفت بنقل مقاتلي «داعش»، إلى المناطق الأوكرانية المتنازع عليها. صحيح أن الشعب السوري، يستحق الديمقراطية، لكن ليس من خلال الإمبريالية الأمريكية، ودول الخليج، والنظام الأوتوقراطي التركي، المعادي للعرب. الأمر لا يتعلق بمعركة بين الديمقراطية والديكتاتورية، بل بحرب إستراتيجية بين روسياوأمريكا. أما أوروبا وبلدان الخليج، والدول التي انساقت يوما ما ضد سوريا، مثل المغرب، و مصر أيام حكم مرسي، فليست سوى تابع التابعين. الأزمة السورية، ليست سوى حلقة في سلسلة المواجهة الإستراتيجية التي تجري على المستوى الدولي، والتي تجد إسرائيل فيها كل المنافع، سواء في الانهيار الذي يصيب العالم العربي، أو في الدعم المالي الكبير الذي ما زالت أمريكا تواصل تقديمه بسخاء، لصالح هذا الكيان، وتتكلف بلدان الخليج وتركيا بتمويل وتموين وتسليح المجموعات الإرهابية، التي تعمل على تفكيك الدول العربية، في إطار تقسيم جيد للأدوار.