حصلت هزة كبيرة في الوسط الصحفي بإسبانيا، بعد إعفاء جريدة "البايس"، لأحد كبار الصحافيين في هذا البلد، ميغيل أنخيل أغيلار، من كتابة عموده، بعد أن وجه انتقاذات قوية للجريدة، متهما إياها، ومجموع الصحافة الإسبانية، بأنها أصبحت تحت رحمة الدائنين، الذين يمولونها، وأيضا تحت رحمة الحكومة. الصحافي الذي تم إعفاؤه، كان أدلى بهذه الإنتقاذات لصحيفة "نيويرك تايمز"، الأمريكية، التي نشرت تحقيقا حول الجريدة، حيث اعتبر أن الرقابة قد عادت من جديد إلى إسبانيا، إذ أصبح الصحافيون خاضعين لضغوطات المال والحكومة. ميغيل أنخيل أغيلار، يعتبر من أعمدة الصحافة الإسبانية، حيث شغل منصب مدير لوكالة الأنباء الإسبانية، وأسس، مع صحافيين آخرين، صحافة حرة، عند نهاية فترة ديكتاتورية فرانكو. وهو من المقربين للزعيم الإشتراكي فيليبي كونزاليس، ويعتبر من المحللين المشهورين، الذين تعتمدهم عدة إذاعات. لم يقف الأمر عند أغيلار، فقد سبق ل "البايس"، أن عاقبت صحافيين آخرين، لأنهم فضحوا العلاقات غير المهنية للجريدة بشركة الاتصالات الكبرى، "تيليفونيكا"، مع الحكومة، أو نشروا تحقيقات حول قطر... وقد ارتفعت عدة أصوات تنتقد الوضع الذي وصلته وسائل الإعلام في إسبانيا، حيث وصفت بأنها فاقدة للمصداقية، بسبب الضغوطات المالية التي تفرضها عليها الشركات الكبرى والأبناك، بتواطؤ مع الحكومة اليمينية، التي يترأسها الحزب الشعبي. وتعتبر الارتباطات المالية لوسائل الإعلام، من أخطر وأهم القضايا المطروحة اليوم في عالم الصحافة، حيث تتضاءل الإستقلالية بشكل تدريجي، مما يفرض على الصحف ومختلف وسائل الإعلام، إحداث تغييرات، في خطها التحريري، لضمان التمويلات. وقد دخل لاعب جديد، في هذه الأزمة، التي تصيب حاليا وسائل الإعلام "التقليدية"، حيث أصبحت الصحافة الرقمية، تلتهم جزءا من الإشهار الذي كان مخصصا للصحافة الورقية وللقنوات والمحطات، لكن الإعلانات في الوسائط الرقمية بخسة، ويذهب جزء كبير منها إلى المحركات الكبرى، مثل "غوغل"، وللشبكات الإجتماعية مثل "فايسبوك"، وغيرهما. أزمة المصداقية والاستقلالية، في الصحافة ووسائل الإعلام، أصبحت مشكلا جديا يهدد الديمقراطية، لأن الضغوطات التي تمارس من طرف الممولين على الخط التحريري، قد تحول العمل الصحافي إلى مجرد خدمة تحت الطلب.