لم تخل قضية العفوعن المجرم الإسباني، دانييل كالفان، من التدخل السياسي، غير المهني، من طرف بعض وسائل الإعلام، ومنها تلك التي تنتمي لجارتنا إسبانيا، و على رأسها جريدة "البايس"، التي نشرت العديد من المواد، التي تبادلت فيها إشاعات مع صحف مغربية، إلكترونية وورقية. فمنذ الساعات الأولى، التي انفجرت فيها هذه القضية، دخلت "البايس" على الخط، حيث ادعت أن العفو عن المجرم دانييل، يدخل في إطار صفقة تبادل جواسيس، بين جهاز المخابرات المغربي و نظيره الإسباني، و أوردت تصريحات لأحد المحامين، حول الأصول العراقية للمجرم و غموض مهنته، غير أنه بعد ان تبين لمراسلها، إيغناسيو سيمبريرو، عدم مصداقية ما نشره، عاد ليدعي أن "مصادر من محيط القصر الملكي"، هي التي سربت لهذه الجريدة الإسبانية، و لجرائد مغربية، هذا "الخبر". ليس طبيعيا الا تذكر "البايس"، المصادر بدقة، و هي تعلم أصول المهنة، خاصة في "معطيات" بهذه الخطورة، غير أنه عندما يتعلق الأمر بالمغرب، فكل شيء ممكن، حيث من السهولة ان ننشر ما نريد، و ننسبه " لمصادر من محيط القصر"، و قد تلقفت بعض الصحف الورقية و الإلكترونية هذه الإشاعة، و تناسلت إشاعات أخرى، حصل فيها نوع من تبادل الكرات، بين المروجين لها، مثل ما قيل عن الإتصالات التي أجراها المستشار الملكي، فؤاد علي الهمة، مع السفير الإسباني بالرباط، ألبرتو نافارو، غير أن هذا الأخير عمم بلاغا كذب فيه كل هذه "الأخبار"، مما وضع الصحيفة الأولى في اسبانيا، في موقف حرج شديد. لقد حصل ما يشبه لعبة التنس، في تداول مثل هذه الإشاعات، حيث كان تبادل الكرات واضحا بين صحيفة "البايس"، و بعض الصحف المغربية، الورقية و الإلكترونية، و مما زاد حالة الإرتباك، هو ذلك البلاغ الصادر عن وزارة العدل، و الذي ذكرما مفاده أن العفو عن المجرم دانييل، جاء في إطار الدفاع عن المصالح "الوطنية" و "الإستراتيجية"، للمغرب. بغض النظر عن محاولة وزير العدل التهرب من مسؤوليته في لوائح العفو، و هي مسؤولية ثابتة دستوريا و قانونيا، فإن هذا البلاغ قدم هدية ثمينة لإيغناسيو سيمبريرو، الذي أحال عليه، ليبرر نظرية تبادل الجواسيس. و للتذكير فقط، فإن هذا الشخص، متخصص في مواضيع "الجاسوسية المغربية"، حيث نشر عشرات المقالات حول هذا الموضوع، و لا يذكر من أية مصادر يستقي ما يدعيه. ما يهمنا هنا، هوأن نتتبع خيوط هذا التبادل الذي حصل في "أخبار"، لم تتأكد، بل جلها، تم تكذيبه، و لم يصدر عن الذين نشروا مثل هذه "المعطيات"، التي تم تفنيدها، أية ردة فعل مهنية، لاحترام القارئ، و تقديم اعتذار له عن مثل هذه الممارسات ، التي تعتبر تضليلا، منافيا لأخلاقيات الصحافة. و يمكن التذكير أيضا بالتكذيب الصادر عن وزارة العدل، التي نفت فيه ما نشرته صحف إلكترونية وورقية، التي تبادلت هي أيضا الكرات فيما بينها، حول تصريحات منسوبة لوزير العدل بخصوص تبليغ القصر بوجود مجرم خطير، مغتصب الأطفال، ضمن لا ئحة المعفى عنهم. و توضح ان الأمر كان مجرد إشاعة. لقد رافق قضية العفو عن المجرم الإسباني، سيل من الإشاعات، و تدخل الإعلام الإسباني، بقوة في هذه العملية، كما حصل سابقا في أحداث "اكديم ايزيك"، و تبين آنذاك حجم الأكاذيب التي تم ترويجها، خاصة من طرف وكالة "إيفي" الإسبانية و قناة "انتينا 3"، و التي وصلت الى المحاكم الإسبانية. و يمكن الجزم بأن ما نشرته صحيفة "البايس"، من أخبار كاذبة، في قضية العفو عن المجرم دانييل، مشابه للأخطاء التي سقطت فيها وسائل الإعلام الإسبانية، في أحداث "اكديم ايزيك"، و كأننا أمام نسخة مكررة، لما حصل آنذاك، حيث تحول هذا الإعلام، الى أداة دعاية في يد خصوم المغرب. و يمكن لكل المتتبعين أن يلاحظوا بكل يسر، أن إيغناسيو سيمبريرو، لعب دورا محوريا في كل هذه الصيرورة، كما لعب أدوارا محورية في كل القضايا التي كان فيها المغرب ضحية حملة دعائية، مناهضة لمصالحه، كما حصل في قضية جزيرة "ليلي"، التي خصص لها هذا الصحافي، كتابا يروج لأطروحة الحزب الشعبي الإسباني، بزعامة رئيس الحكومة الأسبق، اليميني خوصي ماريا أثنار. إن خطه التحريري واضح، من مجمل هذه النماذج التي قدمنا عنها بعض الأمثلة، و رغم كل الأخطاء المهنية الفاضحة التي يرتكبها، تحتفط به "البايس"، كمراسل لها في المغرب، مقيم بمدريد، تواطئا مع دوره "الإستراتيجي".