على بعد حوالي 45 يوما من إطفاء شمعته الثالثة – 12 دجنبر 2012 – أضحت بعض خدمات طرامواي الدارالبيضاء مبعث تساؤل – إن لم نقل تذمر - العديد من ركابه الأوفياء، وذلك نتيجة ظهور معالم نقائص بشكل «مبكر» - بالنظر لحداثة وسيلة النقل هذه - فاجأت المنشغلين بمعضلة النقل ب»العاصمة الاقتصادية للبلاد». لنوضح أكثر. اتسمت بداية «الموسم الجديد «بتزايد الأعطاب التي تلحق ب «آلات التوزيع الأوتوماتيكي» الخاصة بتذاكر الركوب بوتيرة غير مسبوقة ترجمتها الصفوف الطويلة المنتظرة في العديد من المحطات الرئيسية، التي عادة ما يكون الإقبال عليها كثيفا، نذكر منها، على سبيل المثال لا الحصر، محطات « الكليات، زينيت، الأممالمتحدة، محطة المسافرين...»، انتظار نتج عنه ازدحام، تحول إلى استياء وغضب قبل أن يرتدي لبوس الاحتجاج على بعض مستخدمي المحطات، الذين لا حول لهم ولا قوة سوى محاولة تهدئة الغاضبين والغاضبات وجبر الخاطر بما أتيح من كلام طيب إلى أن يأتي الله بالفرج! مشاهد تكررت أكثر من مرة خلال الأسبوعين الأولين من شهر أكتوبر، سواء في ساعات الذروة الصباحية أو بعد الزوال، سألنا بخصوصها أحد المستخدمين، الذي كان يبذل جهدا ملحوظا، محاولا إفهام بعض المحتجين أنه – بمعية زملائه في العمل – لا علاقة لهم بما يحدث، مؤكدا أنه قام بواجبه بعد أن عاين عطب الآلات، والمتمثل في الاتصال هاتفيا بالمصلحة المكلفة بالصيانة والتتبع من أجل استعجال إصلاح الأعطاب، وبالتالي تجنيب الركاب والراكبات التأخر عن الوصول إلى مقرات عملهم، ومؤسساتهم الدراسية، بالنسبة للطلبة والتلاميذ، أو تفويت مواعيد قضاء أغراضهم المختلفة تطبيب، إنجاز وثائق إدارية...». يحدث هذا في وقت تضمن العدد 8 لمجلة «على مسار الطرامواي «لشهري غشت – شتنبر 2015، تصريحا لمديرة الاستغلال بشركة «الدارالبيضاء للنقل»، يخص جانب الصيانة، وذلك جوابا عن سؤال حول «الاستثمارات المخصصة لتحقيق كل ما يرضي مستعملي الطرامواي»؟، قالت فيه: «نحن نغطي قسمين مهمين، يهم أولهما كل ما يرتبط بالنظافة والسلامة والراحة والتكييف ، إذ نعكف على صيانة جميع المعدات وحمايتها من التلف، وهذا يتطلب منا استثمارا دائما...». موضوع الصيانة طرح، أيضا، وبإلحاح، في الآونة الأخيرة، بعد أن تحدثت وسائل إعلام عن تخلي «ألستوم» الفرنسية عن التكلف بهذا الجانب نتيجة لمستحقاتها المعلقة، والمقدرة بملايين الدراهم، كما أنه يثار في وقت أضحى الراكب، وهو على متن عربات الطرامواي، يداهمه أحيانا، وبغير استئذان، صوت مزعج اعتاد على سماع شبيه له أثناء تنقله بواسطة بعض الحافلات المهترئة ل «مدينا بيس» أو حافلات الخواص، خصوصا عندما يحاول السائق أو السائقة، تغيير الاتجاه يمينا أو يسارا، دون إغفال حمل بعض الأبواب، من حين لآخر، لعبارة « خارج الخدمة»! إن إثارة موضوع الصيانة هنا، يستهدف بالأساس نقل مشاعر الانزعاج التي لمسناها في أحاديث وارتسامات عدد من الركاب، والتي أجمعت على «الدور المحوري الذي صار يلعبه التنقل عبر عربات الطرامواي في مسارهم اليومي»، «لدرجة لم أعد قادرا على الانتقال من الحي الذي أقطن به - الألفة - إلى مركز المدينة بواسطة وسيلة نقل أخرى» يقول أحد الموظفين، متابعا: «تعودت داخله على الهدوء وتفادي الكلام الساقط الذي عانيت من سماعه لمدة تتجاوز 15 سنة ، حين كنت مجبرا على تحمل تبعات الانتقال عبر «الطوبيسات» وكذا الطاكسيات البيضاء، وهي المحنة التي كانت تبدأ فصولها من الانتظار داخل المحطات، لتستمر طيلة المدة التي تستغرقها رحلة العذاب اليومية». «لقد شكل يوم انطلاق رحلات الطرامواي، يقول راكب آخر، بالنسبة لي حدا فاصلا مع مرحلة زمنية تحمل في طياتها ذكريات سلبية قوامها الازدحام والإجبار على مشاهدة أفلام رديئة لكل أصناف «سوء الأدب وانعدام الأخلاق»، وبالتالي إذا كنت عبرت عن تذمري من الانتظار طويلا بسبب عطب «الموزع الآلي» للتذاكر، فذلك فقط غيرة مني على وسيلة النقل الجديدة والثمينة، التي حلمنا بها لسنوات قبل أن نشاهدها على أرض الواقع، وأملنا أن تعمر خدماتها طويلا بمستوى الجودة التي ميزت انطلاقتها». هذا وتتجلى «محورية» الطرامواي في يوميات آلاف البيضاويين، بقراءة متمعنة لعدد الكيلومترات التي تم قطعها إلى حدود شتنبر المنصرم، والذي يجسده رقم 6881181 كيلومترا على مسافة 31 كيلومترا ممتدة من منطقة سيدي مومن صوب كل من عين الذياب ومنطقة الكليات بحي الليمون، بحمولة من المسافرين – من البيضاويين وزوار البيضاء محليين وأجانب – يتوقع المسؤولون ب»الدارالبيضاء للنقل «أن تصل إلى عتبة 33 مليون شخص في نهاية سنة 2015.