مع التباشير الأولى لقطرات الغيث، وقبل الدخول الرسمي لموسم الأمطار، تتجدد الأسئلة بشأن وضعية الدور التي أكدت مختلف الدراسات والمعاينات هشاشة بنيانها واحتمال سقوطها، في أي لحظة وحين، على رؤوس قاطنيها، بفعل رياح فاقت قوتها المعدل المتعارف عليه عند المؤتمنين على «القرار المحلي البيضاوي»، الذين تعودوا على وضع تصوراتهم وبرامجهم «التنموية» ، وفق توقعات جوية مشمسة لا تدخل في أجندتها المتغيرات المناخية التي أضحت كافة بلدان العالم تحت رحمتها منذ مدة! مع التباشير الأولى لقطرات الغيث ، وقبل الدخول الرسمي لموسم الأمطار، تتجدد الأسئلة بشأن وضعية الدور التي أكدت مختلف الدراسات والمعاينات هشاشة بنيانها واحتمال سقوطها ، في أي لحظة وحين، على رؤوس قاطنيها، بفعل رياح فاقت قوتها المعدل المتعارف عليه عند المؤتمنين على «القرار المحلي البيضاوي»، الذين تعودوا على وضع تصوراتهم وبرامجهم «التنموية» ، وفق توقعات جوية مشمسة لا تدخل في أجندتها المتغيرات المناخية التي أضحت كافة بلدان العالم تحت رحمتها منذ مدة! أسئلة لا تخفت حرارتها ولا يصيبها «التقادم» ، مادامت تتعلق بمصير أرواح بشرية سبق وأزهقت تحت الأنقاض في أحياء بيضاوية عدة – المدينة القديمة ، بوركون .. نموذجا – أو بعاهات مستديمة غيرت مسارات حياتية شتى استفاق أصحابها على وقع الصدمة بأقسام المستعجلات – الفداء درب السلطان – بعد أن هوت بهم البيوت المتداعية بدون استئذان؟! موضوع حارق بالتأكيد، يسائل أكثر من جهة ، وأطلقت بشأنه العديد من الوعود التي ظلت بلا أثر على أرض الواقع، الذي بقي حابلا بالمآسي الشاهدة على عجز «رسمي» يطرح بدوره أكثر من سؤال؟ فهل يمكن لقاطني هذه «القنابل الموقوتة» – اضطرارا لا اختيارا – أن يأملوا بإمكانية حدوث «انفراج» إيجابي في التعاطي مع هذه المعضلة المتشابكة الأطراف، في ظل «التدبير الجديد» لجماعة الدارالبيضاء، الذي جاءت بتشكيلته «رياح» انتخابات 4 شتنبر 2015؟ وهل هناك «خطة» قابلة للتنفيذ، بعيدا عن «لغة الخشب» أو «الالتفاف على تحمل المسؤولية «التي لا يجني منها البيضاويون سوى البكاء ومواكب الجنائز المتجهة صوب مقابر المدينة؟ الكلام.. سبيل لإنقاذ الأرواح! سبق لرئيس الحكومة عبد الإله بنكيران أن قال عقب توالي حدوث الفواجع بأحياء المدينة القديمة «إن الدور الآيلة للسقوط بمدينة الدار البيضاء قررنا هدمها بعد إفراغها من السكان الذين سنسكنهم بشكل مؤقت»، مضيفا، في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية للملتقى الوطني للحوار حول سياسة المدينة بالرباط، أنه سيتم إفراغ السكان وإن اقتضى الأمر بالقوة «لأن الأمر يتعلق بأرواح مواطنين»؟. نبيل بنعبد الله وزير السكنى ، من جهته أوضح في ندوة صحفية عقدها على هامش الملتقى السالف ذكره أنذاك، «إننا كحكومة لا يمكن أن نبقى نتفرج وحياة المواطنين معرضة للضياع، لذلك من اللازم إسقاط هذه المنازل، لأنها تشكل خطرا على أرواح المواطنين». وبخصوص الحلول المقترحة، قال المتحدث الحكومي «لابد من أن نتوفر على نص قانوني جديد يمكننا من التدخل العاجل وبشكل قانوني، مع ضرورة إيجاد أداة للتدخل» ؟. كلام غليظ مازال المواطن البيضاوي عامة، والقاطن بالمنازل المهددة أو المجاور لأحدها، ينتظر ترجمته واقعيا، مادامت «خريطة الخطر» مازالت على وضعيتها الباعثة على عدم الاطمئنان، إن لم تكن قد ازدادت تعقيدا. «صوناداك».. حصاد المآسي إنسانيا والفشل تدبيريا أنشأت الدولة، منذ حوالي 30 سنة، شركة «صوناداك» وأوكلت لها مهمة التجديد العمراني بمنطقة المدينة القديمة خارج الأسوار، وهي المنطقة التي تمتد من مسجد الحسن الثاني إلى شارع الجيش الملكي، وتم إحصاء الساكنة المعنية وقتها ،أي في سنة 1989، حيث تبين أنه ينبغي ترحيل 12500 أسرة إلى شقق بمناطق أخرى، حتى يتسنى هدم المنازل وتجديد النسيج العمراني، استشرافاً للمستقبل، إذ أن الدور بهذه المنطقة شيدت، خلال فترة الحماية وبعدها بسنوات قليلة، بدون مواصفات تقنية، حين كانت تفد إلى الدار البيضاء أفواج كبيرة من اليد العاملة، قادمة من مختلف الجهات، برغبة الاستقرار بالعاصمة الاقتصادية، نظراً لوفرة فرص الشغل بها. فبنيت المنازل بسرعة، وأضيفت طوابق بها بفعل التفرع العائلي في فترات زمنية مختلفة من تاريخ «عاصمة المال والأعمال». ومع تعثر شركة «صوناداك» وتقادم المشروع وعدم تمكين السكان من صيانة مساكنهم، حيث كان المسؤولون عن التعمير بجماعتي مولاي يوسف وسيدي بليوط في ذلك الوقت، يرفضون منح رخص الإصلاح، بسبب مذكرة أصدرتها وزارة الداخلية في الموضوع، ظلت المنازل، تعاني من الشقوق و أضحى البعض منها مهجوراً، ليتحول جزء من المنطقة إلى نقط سوداء، تنتشر فيها الأفعال الإجرامية بشتى أنواعها! حدث هذا التحول السلبي في وقت كانت شركة «صوناداك» قد باعت ما وصفه متتبعون للشأن المحلي البيضاوي ب «مجوهرات المدينة» التي منحت لها قصد إنجاح المشروع وترحيل 12500 أسرة، إذ أقدمت على بيع مركز الاصطياف «الوازيس» وأراضٍ أخرى بعين السبع والأراضي التي أعطيت لها بمنطقة النسيم، ولم تتمكن ، بالموازاة مع هذه الخطوة، سوى من ترحيل قرابة 3000 أسرة! شركة «صوناداك» كانت تابعة لوزارة الداخلية عبر الوكالة الحضرية، وبعد إفلاسها، بفعل الاختلال المالي، تحولت إلى فرع تابع لصندوق الإيداع والتدبير، فكان الجميع ينتظر من «السيديجي» العمل على تحريك المشروع وإنجازه، لعدة اعتبارات، كونها الآلية المالية والتقنية للدولة، وباعتبارها صاحبة العديد من المشاريع العمرانية بجهة الدار البيضاء، وبالمنطقة المحاذية للمشروع: لامارينا، ديار المدينة، العنق... إلا أنه، مع مرور السنوات، تبين أن صندوق الإيداع والتدبير، يبحث عن مقاربة مالية محضة لكل مشروع على حدة، علما بأن ترحيل آلاف السكان المهددين بالموت يومياً، يجب أن تكون له مقاربة اجتماعية وتقنية بعيدة عن الربح المالي» يقول فاعلون جمعويون مهتمون بالموضوع، مضيفين «بعد الأوامر الملكية القاضية بخلق لجنة لإحصاء الدور الآيلة للسقوط على صعيد المغرب وتعميم إسكان الأسر المعنية، كان الأمل أن يكون التحرك أسرع مما عايناه ، خاصة وأن أحياء بكاملها تعاني منازلها من التداعي المنذر بالسقوط، ضمنها دور بزنقة تازارين، درب الطاليان، درب المعيزي، عرصة بنسلامة، بوسبير القديم، بوطويل، درب الفصة...». عجز.. و«تحرك سلحفاتي» خلال الولاية الجماعية المنتهية، سبق أن تم عقد دورة استثنائية لمجلس المدينة خصصت لمشكل الدور المهددة بالانهيار ، كان من المفروض أن تخرج بمجموعة من الخلاصات الإجرائية لهذه المعضلة التي تهدد أرواح آلاف الأسر، لكن الشهور المتوالية أكدت العجز والتحرك السلحفاتي، وإن كان الأمر أخذ دينامية أخرى بعد أن دخلت السلطات الولائية على الخط ، حيث بوشرت عمليات ترحيل لعدد من الأسر القاطنة ب»منازل الموت». وأكدت لنا مصادر قريبة من الملف، أن الجهات المعنية بصدد الإعداد لعملية هدم تشمل 125 منزلا تتواجد داخل أسوار المدينة القديمة. هذا ومن الصعوبات التي واجهتها الشركة المحدثة من قبل السلطات قصد تنفيذ عمليات هدم الدور الآيلة للسقوط، «رفض بعض ساكنيها مغادرة هذه المنازل»، مبررين موقفهم بكون مساكنهم توجد على بقع تساوي اليوم ما لايقل عن 100 ألف درهم للمتر مربع في الوقت الذي تقترح شركة «صوناداك» ترحيلهم إلى ضواحي المدينة للسكن في شقق اجتماعية لا تتعدى مساحتها 46 مترا مربعا مقابل 200 ألف درهم، وهو أمر غير مقبول من طرفهم». «أكثر من هذا، تضيف المصادر ذاتها، أن الشركة المكلفة بالترحيل لا تتوفر على وعاء عقاري، فتلجأ إلى اقتناء الشقق التي ينجزها المنعشون العقاريون، والذين – وتحت ضغط الطلب – لا يوفرون للمرحلين سوى شقق الطابقين السفلي والرابع»؟ وللتذكير، فقد سبق أن تم إحصاء «قرابة 120 منزلا تقطن به أكثر من 350 أسرة داخل أسوار المدينة القديمة، من قبل مكتب للدراسات تم التعاقد معه من طرف الوكالة الحضرية لهذا الغرض، وذلك في سياق عملية هيكلة المدينة القديمة، في وقت يزداد العدد خارج الأسوار إلى 700 عقار يأوي أزيد من 1800 أسرة، تم إحصاؤها من قبل المختبر العمومي للتجارب والدراسات بتكليف من شركة «صوناداك» المكلفة بمشروع المحج الملكي، توجد من بينها دور تشكل خطرا على أكثر من 900 أسرة خارج الأسوار، مما يستوجب ترحيل وإعادة إسكانها برمتها، في وقت لا يتجاوز عدد الشقق المتوفرة والمبنية من طرف « صوناداك» 120 شقة. وحسب إحصائيات قامت بها المفتشية الجهوية للسكنى، في وقت سابق ، فإن حوالي أربعة آلاف وحدة سكنية كانت تستوجب تدخلا مستعجلا، بالنظر لوضعيتها المقلقة، تهم أكثر من 60 ألف أسرة، في وقت كانت معطيات الوكالة الحضرية للدار البيضاء قد تحدثت عن وجود حوالي سبعة آلاف وحدة سكنية مهددة بالانهيار في أي لحظة. كما أشارت دراسة أنجزتها لجن مختصة بدار الخدمات ، حول «إشكالية الدور المتداعية والآيلة للسقوط في العاصمة الاقتصادية «، إلى «أن عدد الدور المتداعية وصل إلى حوالي 2870 بناية، تقطن بها حوالي 72 ألف أسرة، منها 90 في المائة تتمركز في الدار البيضاء آنفا، والفداء - مرس السلطان، وعين السبع -الحي المحمدي، حيث تضم الفداء - مرس السلطان لوحدها 1874 بناية، أي ما يعادل 65 في المائة من مجموع الدور التي يتهددها السقوط». «دور الخطر» أحصيت.. و«شركة الهدم» تلكأت! بخصوص منطقة الفداء مرس السلطان، كان المختبر العمومي للتجارب والدراسات قد أنجز دراسة حددت خريطة الدور المهددة للأرواح البشرية في أية لحظة ، والتي استغرقت ثلاث سنوات من 2009 إلى 2012، شملت مختلف أحياء المنطقة: بوشنتوف، البلدية، بوجدور، الداخلة، درب الميتر، الدرب الكبير، لا جيروند، العيون، المدنية، المنجرة، مكوار، مرس السلطان، السمارة، التيسير.. زار خلالها تقنيو المختبر 806 من الدور المهددة، ليخلصوا إلى أن هناك 140 منزلا يجب هدمها بشكل كلي، و168 ينبغي هدم الأجزاء المتضررة منها ، و145 تفرض وضعيتها التدعيم والترميم الفوريين، و129 تحتاج فقط إلى مباشرة إصلاحات طفيفة. بمعنى أن 453 منزلا تعتبر بمثابة «قنابل «محدقة بمئات المواطنين، على اعتبار أن المنطقة ذات طابع اقتصادي وتجاري ينشط بها تجار عديدون وباعة جائلون وتشكل مقصد آلاف المتسوقين من مختلف ربوع البلاد بشكل يومي. وبشأن هذا الخطر القائم، أوضحت مصادر من المنطقة، أن مقاطعة مرس السلطان، بمعية السلطات، قامت بإفراغ 50 مسكنا من المنازل المتداعية، لكن الشركة المكلفة بعملية الهدم لم تتحرك لإنجاز مهمتها، لتظل هذه الدور المفرغة مشكلة لتهديد حقيقي لأرواح الأبرياء ، والأخطر أن بعض هذه الدور أضحت ملاذا للمتسكعين والمشردين الذين حولوها إلى مكان للمبيت، مما يفاقم من درجة أخطار «القتل» والهلاك بشكل لم يعد يقبل بالاستكانة لموقف المتفرج؟