عادت أصوات المفرقعات لتلعلع في السماء ويخترق صخب ضجيجها مسامع الجميع، ليس فقط في الشارع العام فحسب، بل حتى بداخل المنازل، وفي ساعات متأخرة من الليل، لايخجل مستعملوها إن كان الناس نياما، مسنين أو أطفالا، بقدر مايسعون إلى تلبية رغبة جانحة في إقلاق راحة الغير وإزعاج سكينتهم. أياما قبل الاحتفال بمناسبة عاشوراء، انتشرت المفرقعات في الشوارع والأزقة، كما تنتشر النار في الهشيم، وأضحت متداولة بين أيدي الأطفال، اليافعين بل وحتى بعض كبار السن من صغار العقول، مفرقعات مختلفة الأسماء، التي تنهل من قاموس الرياضة والإرهاب على حد سواء، فهذا النوع يحمل إسم «ميسي» والآخر «رونالدو» وهناك «داعش»، وغيرها كثير من المسميات للدلالة على قوتها التفجيرية ومنسوب دويّها، والتي تكون نتيجتها واحدة، إحداث ضرر مادي ومعنوي غير محدود الأثر، فكم من صغير فقأت عينه، وكم من حامل أجهضت، وكم من عابر للسبيل توفي، كما هو الشأن بالنسبة لضحية بعض المحسوبين على جماهير الرجاء بخريبكة، فالمفرقعات اتخذت صيغا متعددة، مابين قصيرة المدى والبعيدة، والشمارخ أضحت هي الأخرى طقسا من طقوس اللهو المسيء لأصحابه وللغير، وباتت الشوارع مفتوحة للمواجهة بالصواريخ، في إعلان لحظر للتجوال مخافة التعرض للضرر؟ مناسبة للاحتفال يحولها عدد من الأشخاص إلى فترة للعبث الذي تمتد تداعياته إلى داخل أسوار المؤسسات التعليمية التي لاتسلم بدورها من تحويل فضاءات التمدرس بها إلى ساحات للوغى، في وقت يتابع فيه الجميع تصريحات/بلاغات المصالح الأمنية خلال كل موسم، التي تتعهد بمحاربة الظاهرة وإيقاف المتورطين في ترويج مختلف أنواع المفرقعات، وبالفعل يتم بين الفينة والأخرى إيقاف بعض الأشخاص لاتحول عملية ضبطهم دون استمرار الظاهرة بشكل أكثر حدة، فاليافعين يتداولون ويبيعون هذا النوع من المفرقعات على مدار اليوم أمام مرأى ومسمع من الجميع بدرب عمر بالدارالبيضاء، وأزقة المدينة القديمة، ودرب السلطان، وسباتة وغيرها، وهي ذات المفرقعات التي تدخل تراب البلاد بكميات ليست بالهينة عبر الحدود من أمام المصالح الأمنية/الجمركية، مما يطرح أكثر من سؤال حول جدية ومصداقية التصدي لظاهرة باتت مشكلا حقيقيا يؤرق مضجع الجميع خوفا من مفرقعة طائشة قد تجر الويلات على المتعرض لها، وتفرض تداعياتها على حياته المستقبلية خلال أعوام وليس لمجرد لحظات! مشاهد شائنة تساءل الجميع، انطلاقا من البيت، فالمدرسة، وجمعيات المجتمع المدني وباقي المؤسسات المسؤولة بتنشئة الأطفال والشباب وغيرها من المتدخلين، خاصة وان الأمر لايقف عند حدود المفرقعات المستوردة وتداعياتها، إذ أن موجة العنف تمتد لتشمل إعداد مفرقعات يدوية باستعمال الماء القاطع، المسامير، قنينات البلاستيك غيرها من المواد التي عند تجميعها تؤدي إلى حدوث انفجارات قوية هي ليست بالهينة بل تنطوي على مخاطر بالجملة، وذلك عن سبق إصرار وترصد، بغاية إعداد هذا النوع من «المتفجرات» والرمي بها في الشارع العام؟