أينما تولي وجهك هذه الأيام، تسمع انفجارا أو فرقعة هنا وهناك. إنها حمى لعبة التفجيرات التي تجتاح أحياء الدارالبيضاء، بمناسبة عاشوراء.يافعان يعرضان قنابل عاشوراء للبيع في درب عمر (أيس بريس) عادت تجارة الألعاب النارية إلى الواجهة بعد فترة حظر ليست بالهينة، واتخذت من الأسواق والمحلات التجارية الشعبية فضاء رحبا لجلب الزبائن من مختلف الأعمار والطبقات الاجتماعية. يقول موظف يبلغ حوالي 52 سنة إنه أتى إلى درب عمر، وسط الدارالبيضاء، ليشتري بعض الألعاب النارية لأطفاله بمناسبة عاشوراء، التي تبدأ مظاهر الاحتفال بها منذ الأيام الأولى بعد عيد الأضحى، وتستمر إلى غاية العاشر من شهر محرم. رحلة الخطر يستقل عادل، طفل قاصر لا يتجاوز عمره 14 ربيعا، رفقة صديقيه، الحافلة في اتجاه السوق التجاري "درب عمر"، وشعور لديهم بالحماسة جارف، تغذيه بضعة دراهم، جمعوها بشتى السبل وبحزم وإصرار شديدين، على مدى الأيام القليلة الماضية، إنه مشروع يتكون من 3 شركاء، في المتاجرة بالألعاب النارية، السلعة الأكثر رواجا خلال هذه الفترة من السنة. يغادر الثلاثة الحافلة، ويشقون طريقهم وسط زحام السوق، الذي يشهد حضورا أمنيا مكثفا، بعضهم بالزي الرسمي والآخر متخف لدواعي أمنية، والهدف واحد، هو التصدي لتجارة الألعاب النارية والقبض على مروجيها، طبعا هذا الاعتبار لم يغب عن بال الطفل عادل ورفاقه، الذي يقول "البوليس معروفين غير نشريو لي خاصنا ونخرجو من السوق"، لكن أمر الشراء ليس بالهين كما يعتقد عادل، ذلك أن الحملة الأمنية، التي مازالت تشنها مصالح الأمن، ضيقت من حرية التجارة بهذه المواد وأدخلتها في حكم السوق السوداء. هذا الحظر، ساهم في التخفيف من وجود الألعاب النارية في الشارع، إلا انه من جهة أخرى، جعلها مرغوبة أكثر من لدن الذين يتصيدون الربح السريع، وحولوها إلى تجارة أشبه ما تكون بتجارة المخدرات، الكل يمتهنها والكل معني بها، بل حتى النسوة من البائعات المتجولات استفدن منها، تقول سيدة تبلغ حوالي 45 سنة "أنا تابعة رزقي والقنبول دابا فيه الفلوس"، تصريح هذه المرأة لا يمكن الجدال بخصوصه، فتجارة الألعاب النارية تدر الربح الكثير، وهذا مقصد “عادل“ ورفاقه. بعد فترة من التجوال ومعاينة السوق، انبرى أمامهم شاب أسمر البشرة طويل القامة، يكبرهم سنا، وسألهم عن حاجتهم بالألعاب النارية، إنه تاجر أيضا، لكنه من فئة أعلى، تردد “عادل“ في البداية ليسأله بعد ذلك عن سعر العلبة أو “الكاخة“ بلغة السوق. تردد “عادل“ ورفاقه له ما يبرره، ذلك أن قصص النصب والاحتيال واقتياد الأطفال لأماكن معينة بغية تجريدهم من أموالهم، تكاد تملأ السوق، وفعلا اقتاد الشاب “عادل“ ورفاقه باتجاه ما دعاه بالمخزن، في إحدى أزقة المدينة القديمة، وبالضبط بدرب الجباس، هناك ساروا والخوف يتملكهم بالطبع، إنها مغامرة بكل المقاييس بالنسبة إليهم. قنابل الشينوا وصلوا بعد برهة من الزمن إلى منزل هناك، يقول الشاب الذي رفض الكشف عن اسمه ل"المغربية" حين استفسرناه عن مصدر سلعته "إنها تأتينا من البحر ونشتريها بدورنا من تجار يجلبونها من السفن الصينية والتركية". غمرت الدهشة "عادل" ورفاقه من كم الألعاب النارية الذي رأوه بالمنزل، مفرقعات من كل شكل ونوع مخزنة في صهاريج بلاستيكية، ومقفل عليها بعناية، يقول الشاب "تخزين هذه الألعاب النارية صعب تفاديا لخطر انفجارها أو تلفها بسبب الرطوبة". أخذ الصغار بعد ذلك سلعتهم، واتجهوا بسرعة صوب موقف الحافلات في حذر وترقب من أن يكون أحد رجال الشرطة يترصدهم أو يراقبهم، يقول “عدنان“ رفيق "عادل"، "لا بد من الحذر فالشرطة تمسك بالذي يتاجر في هذه الألعاب المحظورة، 48 ساعة، وتصادر ما معه من ألعاب". عاد “عادل“ ورفاقه بأمان حاملين معهم سلعتهم، لكن في الآن ذاته حاملين معهم خطرا يتهدد كل طفل يشتري منهم، ويتهددهم هم أنفسهم. ألعاب خطيرة الاحتفال بعاشوراء في المغرب له خصوصيته، التي تميزه عن باقي الأقطار، ومنبع هذا التميز يعود بالأساس إلى خصوصية الفرد المغربي، الذي يسمي الأشياء وفقا لمزاجيته، من هنا اتخذت أنواع الألعاب النارية باختلافها أسماءها عديدة، فتجد مثلا "الزيدان" وهي مفرقعات صغيرة تطلق دخانا خفيفا ثم تنفجر، و"الميكي ماوس" و"الفرخ" التي هي أيضا مفرقعات خفيفة، زيادة على ذلك هناك "الغراناد" صاحب القوة التفجيرية العالية، وهو أخطر أنواع المفرقعات إلى جانب "الشهب الاصطناعية"، وينقسم إلى نوعين الصيني والتركي. إلى جانب هذه الألعاب النارية المستوردة أو المهربة، على اعتبار الحظر المفروض عليها، هناك مكان دائم لاجتهاد العقل البشري، حيث طور أطفالنا أنواعا جديدة من الألعاب النارية، يقول (ح.ت)، البالغ 48 سنة، موظف وأب لطفلين "لا أستطيع منع أطفالي من اللعب بالمفرقعات، لأنها تصنع أيضا في الشارع". اعتراف هذا الأب وغيره يبدو منطقيا وينفي عن الآباء المسؤولية العمياء عن تصرفات أبنائهم، حيث تصنع بالشارع مثلا جملة من المفرقعات في ظروف خطيرة جدا، وبمواد أقل ما يمكن أن توصف بأنها مدمرة. فنجد المفرقعات ب"الكاربون"، إذ تملأ قنينة بلا ستيكية بمواد "الكاربون" و"حمض النتريك" وقطع "الألمنيوم" المأخوذة من قناني المياه الغازية. تحرك لتتفاعل موادها وتنفجر بقوة، بالإضافة إلى ذلك هناك مفرقعات تخلط فيها مجموعة من البهارات و"حمض النتريك" وتعتمد كلها على التفاعل الكميائي لتحدث التفجير المطلوب.