افتتح مساء الأربعاء بباب الرواح بالرباط معرض استرجاعي للفنان التشكيلي عمر بوركبة، يقدم نماذج مما أبدعه على مدى التسع سنوات الأخيرة. وتؤثث جدران الرواق لوحات تتراوح ألوانها بين الغامق مع هيمنة اللونين الأسود والبني، والألوان الفاتحة والزاهية كالأزرق والوردي والأبيض بتدرجاته. وتعكس بعض لوحات المعرض الذي تنظمه وزارة الثقافة كائنات هلامية تبدو كوجوه بشرية أحيانا وكائنات خرافية أحيانا أخرى، وأجساد نسائية وذكورية. ويستعمل الفنان بوركبة في تشكيلها تقنية تعتمد الألوان النباتية وغبار الذهب والفحم وغيرها. وجاء في نص تقديمي وقعه جان فرانسوا كليمان في دليل المعرض أن اللوحات المعروضة تكشف استمرارية عمل الفنان عمر بوركبة، كما تبرز تنوعه في ذات الآن. »فهو لا يتوسل بالتعبير الخطي والرسم وحده، بما أنه شاعر أيضا، فضلا عن أنه ألزم نفسه بسنوات مديدة من الصمت، مر فيها بأطوار أغنى على صعيد الإبداع من أطوار أخرى. فلسنا، إذن، إزاء حال بعض الفنانين الذين يعبرون عن ذواتهم بشكل مسترسل وموصول، من غير ما انقطاع، متوسلين بالصورة على نحو حصري. فالصباغة لا تطالعنا، مع بوركبة، إلا من باب المصاحبة لتعبيرات أخرى وليست، قطعا، موضوع شغفه الوحيد. كما لا علاقة له بالفنانين الذين ليس لهم ما يفصحون عنه، فتجدهم يستعملون الصباغة لأغراض أخرى وليس للتعبير الشخصي. خلافا لذلك، يملك عمر بوركبة، حقا، ما يعبر عنه عن طريق أشكال البيان وعبر التوسل بالألوان في نفس الوقت«. وقال الباحث عبد العزيز بومسهولي في نص آخر انه بالإمكان القول إن التشكيل يفكر بقدر ما يرسم بالألوان عالمه، مضيفا أن »ما يعلمنا إياه الفن هو هذه القدرة على الفرح بوصفها تزيد من قوانا فتجعلنا نعيش حياة فنية، وتنقذنا من الحزن الذي يقلص من قدرة قوانا على تشكيل كينونتنا«. وعن سؤال حول ملاحظة انتقال الاختيارات اللونية من الغامق بين سنة 2008 و2010 إلى الألوان الفاتحة بعد ذلك، قال الفنان عمر بوركبة إن الفنان يمر من عدة تجارب فكرية وروحية »أنا أقدم خطوة وأؤخر أخرى كالإنسان الذي يمشي، يعني من الكثافة إلى اللطافة ومن الكتابة إلى الوضوح، وأنا حاليا أوجد في مرحلة فيها قدر ليس بالقليل من البهجة والألوان الزاهية«. وبخصوص مضمون اللوحات قال إن رؤية الإنسان دائما ما تكون جزئية، وأن الشمولية تكون في التجريد، ولكن مع التعبير تأتي فلتات كالحلم، لأن الفن عبارة عن حلم. وأضاف أن الفنان التشكيلي عندما يرسم فكأنه في حالة غيبوبة، وعندما ينهي عمله الفني يتحول إلى شخص آخر غريب عنه »لذا لا أعطي عناوين للوحاتي، حتى لا أقيد المتلقي في تفسير بعينه«. وقد شارك الفنان المخضرم عمر بوركبة في عدة معارض وطنية ودولية عبر القارات الأوروبية والأمريكية والإفريقية.