كان سكان شارع 9 أبريل بحي النخيل بمقاطعةالمعاريف بالدارالبيضاء، ومعهم عدد من المواطنين ، مساء يوم الجمعة 22 يناير الجاري، مع موعد فصوله من «الدوليو» والنار، التي أشعلها محمد بريسول، الذي يبلغ من العمر حوالي 44 سنة، في جسده، والتي ظلت «تلتهمه» لمدة 20 دقيقة قبل أن يخر أرضا وينقل على وجه الاستعجال إلى مستعجلات المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد من أجل تلقي العلاج. نيران أثارت شفقة البعض وفضول البعض الآخر، وتعددت معها علامات الاستفهام، حول الدواعي التي دفعت هذا الشخص للإقدام على فعلته، وهل الأمر يتعلق باستلهام نموذج «البوعزيزي» التونسي ومعه باقي النماذج بعدد من الدول العربية والغربية، أم أن الأمر مختلف تماما وإن كان قاسمها المشترك، هو ألسنة اللهب ؟ إلى أن تبين أن الأمر مرتبط بنزاع حول الميراث ، لكن بتفاصيل اجتماعية أخرى مؤلمة، فالنيران التي اندلعت في جسم «بريسول» الذي يعاني من داء السكري والربو، سبقتها «نيران» أخرى اعتصرت قلبه وأدمعت عينيه وهو يجد نفسه مكتوف اليدين عاجزا عن تدبير القوت اليومي لأسرة تتكون من ست بنات أصغرهن «ملاك» تبلغ من العمر 9 أشهر، في حين أن أكبرهن «جيهان» تبلغ 21 سنة، فيما مروة التي تبلغ من العمر 5 سنوات مصابة بسرطان الدم منذ ثلاث سنوات ، ويتطلب وضعها الصحي خضوعها لعلاج بالأشعة الكيماوية لمدة ثلاث حصص شهريا كل واحدة منها كانت تكلفه في العام الأول من المرض حوالي 4500 درهم مع الأشعة والأدوية، وانخفضت بعد ذلك إلى حوالي 1500 درهم للحصة الواحدة، التي ظل عاجزا عن توفيرها بعدما باع متاعه وأعيى التكافل الاجتماعي والتضامن أسرته وأصهاره الذين منحوه غرفة ليقطن بها في سطح المنزل تعوزها العديد من الشروط، في وقت كان من الممكن أن يكون وضعه أحسن حالا لو تسلم وأسرته ميراثهم الشرعي الذي، تصرح أسرته، بكون عميه «استحوذا عليه»، لتنتهي مطالبة عادية بحق مشروع في الإرث بواقعة مأساوية جعلت محمد يرقد بجناح الانعاش والعناية المركزة بمستشفى ابن رشد بين الحياة والموت. «الاتحاد الاشتراكي» انتقلت إلى منزل أسرة بريسول ونبشت في الموضوع مع والدته وشقيقه وابنته وأصهاره، لتنقل إلى قرائها تفاصيل القصة الكاملة لمحمد بريسول الذي خلق «جدلا»، بعد إقدامه على حرق نفسه بالمعاريف.