يوما بعد يوم تتزايد حالات الاعتداء وسط الشارع العام بمدينة مراكش، لكن الملفت للانتباه هو أنه خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة عرفت المدينة تعرض عدد كبير من السياح الأجانب للاعتداء والسرقة باستعمال العنف من قبل عصابات غير منظمة بالمدينة الحمراء. وتخصصت بعض العصابات في قطع الطريق وسلب ممتلكات السياح الأجانب. فالعصابات التي تتحرك داخل مراكش ونواحيها لم تعد تفرق بين المواطنين المغاربة عموما، والسياح الأجانب الذين يقصدون مدينة مراكش، تحديدا، من أجل السياحة والترفيه على النفس، لينتهي بهم المطاف داخل أقسام المستعجلات أو غرف العمليات الجراحية في بعض الحالات. تعرضت سائحتان، واحدة من جنسية فرنسية وأخرى من مدغشقر كانتا تقضيان عطلتهما بمدينة مراكش، لعملية اعتداء وسرقة من قبل منحرفين، ترصداهما بشارع المسيرة الأولى قبل أيام قليلة مضت. ففي الساعة الرابعة بعد الزوال من ذلك اليوم، وبينما كانت السائحتان تتجولان بحي المسيرة اعترض سبيلهما منحرفان لا زال البحث عنهما جاريا، حيث قام اللص الأول باختطاف حقيبة يد السائحة المنحدرة من مدغشقر ولاذ بالفرار، في حين اعترض اللص الثاني السائحة الفرنسية التي قاومته بشدة وحاولت التشبث بحقيبتها اليدوية، ليلجأ إلى استخدام العنف ضدها، وإسقاطها أرضا، ومن ثم نزع حقيبتها اليدوية بالقوة. وقد أصيبت السائحة «فيليول. إيفيت» (78 سنة)، التي كانت تزور مدينة مراكش لأول مرة، بإصابة بليغة في الفم نتج عنها تكسير أسنانها، وبجروح في الوجه اضطرت معها إلى التنقل للمستشفى لتلقي العلاجات الأولية. أما عن حالة زميلتها الفرنسية «ماغيازي سوازندغي» البالغة من العمر 29 سنة، وهي متزوجة من فرنسي ومقيمة بمدينة مراكش، فقد فقدت حقيبتها اليدوية التي كانت تحتوي على وثائق شخصية، وبعض الأغراض الأخرى الخاصة بالتجميل، وهاتف نقال، ومبلغ مالي صغير. وأثناء التبليغ عن الحادث بالدائرة الأمنية الثامنة أشارت المرأتان إلى أن اللصين كانا على متن دراجة نارية من نوع «سوينك» وتتراوح أعمارهما ما بين 20 و30 سنة. عصابات ملثمة وكان سائحان يقومان بجولة سياحية مشيا على الأقدام بجوار الفندق المصنف الذي نزلا بإحدى غرفه، فباغتهما شابان ملثمان يحملان أسلحة بيضاء ليطعن أحدهما الأجنبي في وجهه ويوجه إليه مجموعة من اللكمات العنيفة، مما جعله يخر على الأرض منهار القوى، فيما عقد الخوف لسان الزوجة، ليشرع المعتديان في تفتيشهما وسلبهما كل ما يحملانه من نقود وهواتف محمولة، إضافة إلى وثائقهما الخاصة من جواز سفر، وبطاقتي هويتهما، ويختفيان بعدها في رمشة عين، تاركين ضحيتهما في حالة صحية حرجة نقل على إثرها إلى المستشفى الجامعي محمد السادس لتلقي العلاجات الضرورية. وبعد أن انتبه بعض المواطنين المارين بمنطقة الاعتداء لما يعانيه الزوجان، قام أحد المارة بربط الاتصال بالمصالح الأمنية، التي حضرت إلى عين المكان ونقلت الرجل صوب المستشفى لتلقي العلاجات الضرورية، مع فتح تحقيق لتحديد هوية المعتديين وأوصافهما. غياب الأمن كما تعرضت أسرة فرنسية تتكون من الزوج وزوجته وابنهما الصغير في وقت سابق لحادث مشابه بالمدينة العتيقة، حين فاجأتهم في ساعات متأخرة من الليل بمنطقة الرحبة القديمة جماعة من الشباب، ولم يع أفراد الأسرة الفرنسية إلا وهم وسط غابة من الأيادي والسيقان والسكاكين اللامعة تلوح أمام وجوههم، مما جعل الخوف يدب في القلوب، والرعشة تدب في الأوصال، ومن ثمة تسليم أمرهم إلى الله، والاستجابة لكل مطالب المجموعة، التي شرع أفرادها في سلب الأب والأم ممتلكاتهما من هواتف نقالة، وبعض المبالغ المالية، قبل أن تنتقل عملية التفتيش للابن الصغير. لكن السيدة الفرنسية أطلقت عقيرتها بالصراخ طالبة النجدة، حيث انتبه بعض الحراس الليليين، الذين هبوا لنجدة أفراد الأسرة، فيما أطلقت عناصر العصابة سيقانها للريح، مكتفية بما تمت سرقته من الأب والأم، لتنطلق بذلك فصول مطاردة ليلية انتهت بالقبض على عنصر واحد، فيما لاذ الباقون بالفرار. تم ربط الاتصال بمصالح الديمومة الأمنية على الفور، التي عملت على الانتقال لمكان الحادث، واقتياد العنصر المتورط إلى مقر الشرطة القضائية، قصد إخضاعه للاستنطاق في أفق تحديد هوية باقي المتورطين، بحيث لم يتطلب الأمر كبير عناء، حين شرع المتهم في سرد أسماء شركائه في الاعتداء وهوياتهم، وكذا مكان تواجدهم، مما سمح باعتقال ستة عناصر، اثنان منهم لازالوا في عداد القاصرين. وأثناء التحقيق أقر المعتدون بقيامهم بحوادث سابقة كان ضحيتها مواطنون مغاربة وسياح أجانب. أسلحة بيضاء لا زال سائح فرنسي داخل إحدى المصحات الخاصة بالمدينة بعد تعرضه لاعتداء عنيف من قبل بعض اللصوص أمام المدرسة الفرنسية «فيكتور هيغو» في واضحة النهار. وحسب معلومات حصلت عليها «المساء» من مصادر عليمة، فإن الفرنسي المقيم بالمدينة الحمراء كان يهم بالمرور إلى الرصيف الآخر حين باغته لصوص يحملون الأسلحة البيضاء، وقد أرغموه على تسليم كل ما يملك، قبل أن يحاول مقاومتهم، لكن رد فعلهم كان قاسيا، حيث وجهوا له طعنات خطيرة جعلته يرقد بالمصحة الخاصة مدة تزيد عن 10 أيام في حالة خطيرة، قبل أن يبدأ في التماثل للشفاء. هذه الاعتداءات وإن بدت تستهدف السياح الأجانب فإن المواطنين المراكشيين لم يسلموا بدورهم من التعنيف والسرقة والاعتداء بالأسلحة البيضاء وصلت في بعض الحالات إلى لفظ المعتدى عليه أنفاسه بعد توجيه طعنات خطيرة له. وتعاني منطقة المحاميد والمسيرات الثلاث من تزايد حالات الاعتداء والسرقة من قبل عصابات، بعضها لا زال في حالة فرار، الأمر الذي قض مضجع عدد من الأسر خوفا على حياتها وحياة فلذات أكبادها.