إلى وقت قريب، كان موقع المرأة العربية يتحسن في مختلف المجالات الثقافية، والفكرية، والفنية، والاجتماعية، والاقتصادية، بل وحتى السياسية، حيث احتلت المرأة العربية في بعض الدول على الخصوص (تونس، المغرب، لبنان) مواقع مهمة، وحظيت بتمثيلية "مهمة" في البرلمانات العربية، بل وحتى في الحكومات السابقة، خاصة بعد توقيع مجموعة من البلدان العربية على اتفاقية مناهضة التمييز ضد المرأة، وتخصيصها لنظام المحاصصة أو ما يعرف ب "الكوطا" النسائية، الذي تم اللجوء إليه من أجل رفع تمثيلية المرأة في المشهد السياسي، لكن هذا الموقع سرعان ما عرف تراجعا كبيرا مباشرة بعد الثورات العربية أو ما يعرف ب "الربيع العربي"، رغم أن المرأة كانت وقود الثورة، وساهمت إلى جانب الرجل في الدفاع عن الحرية والكرامة، وإرساء الديمقراطية الحقة. ولتسليط الضوء على واقع مشاركة المرأة العربية سياسيا، خصوصا بعد ما يعرف ب"الربيع العربي"، والوقوف عند المعيقات والمشاكل التي تحول دون مشاركتها الناجعة في المشهد السياسي العربي، تُخصص مجلة "ذوات" الثقافية الإلكترونية، الصادرة عن مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، ملف عددها السابع عشر، لهذا الموضوع وتحاول الإجابة عن مجموعة من الأسئلة، من بينها: هل الدين فعلا يشكل في المجتمعات العربية عائقا أمام ولوج المرأة معترك السياسة والاقتصاد داخل المجتمعات العربية؟ وكيف يمكن للمرأة العربية أن تتخطى كل الحواجز لتكون عنصرا فاعلا سياسيا؟ وكيف تمر من الحضور الصوري الشكلي إلى دائرة الفعل والتغيير والبناء؟ ويضم هذا الملف، الذي أعده الكاتب والإعلامي التونسي عيسى جابلي، أربعة مقالات: الأول للباحث والكاتب الأردني يوسف ربابعة بعنوان "المرأة والمشاركة السياسية في الربيع العربي؛ أحلام أحلام الثورة ونكوص الواقع "، والثاني للباحثة المصرية صفاء خليفة بعنوان "أبعاد تمكين المرأة في المجتمعات العربية بين الدين والمجتمع"، والثالث للباحثة التونسية آمنة الرميلي وسمته ب "المرأة العربية والسياسة: الجهد الضائع..؟"، ثم مقال رابع للباحثة المغربية إكرام عدنني عنوانه "المعوقات الاجتماعية والثقافية أمام التمكين السياسي للمرأة العربية: أي دور للدين؟". أما حوار الملف، فهو مع الباحثة التونسية آمال قرامي، الذي أوضحت فيه أن المرأة العربية قد استفادت من مناخ التحرر بنسب متفاوتة حسب الفئات العمرية والجغرافيا، وزحزحت الاعتقاد السائد بأن فئة واسعة من النساء ما عادت تعتقد أن "منصب الرئاسة من اللامفكّر فيه"، وأكدت أن الدين لا يمثل عائقا أمام دخول النساء معترك العمل السياسي، بل هو "فهم النصوص الدينية، أو بمعنى أوضح الفعل التأويلي البشري الذي سيَّج النصوص، وجعلها تسير في اتجاه احتكار الرجال النشاط السياسي". وإلى جانب الملف، يتضمن العدد 17 من مجلة "ذوات" مجموعة من المقالات والدراسات التي تغني أبواب المجلة: رأي ذوات، ثقافة وفنون، حوار ذوات، سؤال ذوات، تربية وتعليم، مراجعات الكتب، إصدارات، ولغة الأرقام، إضافة إلى باب جديد يحمل اسم بورتريه ذوات. ويمكن للقراء الاطلاع على العدد 17 من مجلة "ذوات" في الموقع الإلكتروني لمؤسسة مؤمنون بلا حدود، ابتداء من يوم الثلاثاء 6 أكتوبر 2015.