كشف أخر تقرير أصدره صندوق المقاصة أن أسعار السكر الخام وصلت في أواخر شهر غشت الماضي إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2009، ويرجع ذلك أساسا إلى سنوات من الإنتاج الفائض حسب الخبراء الاقتصاديين وقد أدت هذه إلى تراجع كبير في بلغت تحملات المقاصة المتعلقة بدعم مادة السكر والتي لم تتجاوز 1.778 مليون درهم. غير أن هذا التراجع في السوق الدولي لن ينعكس على جيوب المستهلك المغربي وإنما ستستفيد منه ميزانية الحكومة لتقليص مخصصات الدعم التي تراجعت لعوامل خارجية و أخرى داخلية. وأوضح التقرير أن تراجع كلفة دعم السكر من طرف المقاصة يعزى بالاضافة إلى العوامل الخارجية لتحسن المنتوج الوطني ، حيث تميزت الفترة الفلاحية 2015/2014 بتحقيق محصول جيد من الشمندر، بعدما ارتفعت المحاصيل بنسبة 32% مقارنة مع الفترة 2014/2013، و وصل الإنتاج إلى 478 ألف طن من السكر، وفقا للأرقام الصادرة عن الفيدرالية المغربية للسكر (FIMASUCRE). وبلغ معدل تغطية حاجيات السوق الوطنية من خلال الإنتاج المحلي 40% مقابل 29% فقط في سنة 2013. ويرجع ارتفاع محصول السكر في المغرب أساسا إلى تحسن زراعة الشمندر الذي تجاوز إنتاجه 3 ملايين طن، بارتفاع بنسبة 51% مقارنة مع سنة 2013، وهو رقم استثنائي يكسر الاتجاه السائد في السنوات الثلاث الماضية. ويواجه هذا القطاع تحديا أيضا من أجل تحسين المعدلات الإنتاجية من السكر في الهكتار الواحد، والتي من المرتقب أن تصل إلى 12 طن/ هكتار في سنة 2016، مع زيادة معدل تغطية الاستهالك الوطني إلى 55% في حدود سنة 2020 مقابل 40% حاليا. وقد عرف منحى أسعار السكر دوليا ارتفاعا نهاية شهر مارس، مسجلا بذلك متوسط سعر يقدر ب 374,90 دولارا للطن خلال شهر أبريل، معاودا الانخفاض التدريجي، ليستقر في حدود 343 دولارا في شهر غشت 2015. ويعتقد خبراء )منظمة السكر الدولية ISO ( أن عدم قدرة سوق السكر على التفاعل مع مؤشرات الاسعار المنخفضة، يمكن أن يعزى في جزء كبير منه إلى القوانين الحكومية في عدد من البلدان المنتجة والمستهلكة. حيث تهيمن البرازيل على 50% من سوق السكر العالمية، وتعتبر "القائد" في مجال تحديد الاسعار. وإضافة إلى تكاليف الانتاج، تمارس البرازيل نفوذها على سوق السكر العالمية عن طريق سعر الصرف، حيث تأثرت ديناميكية الاسعار، خاصة في الاشهر الاخيرة، من ضعف اللاير البرازيلي مقابل الدولار. واعتبارا لكل هذه األسباب، يضيف التقرير، انخفض المتوسط الشهري لسعر السكر الخام في الاسواق العالمية خلال شهر غشت 2015 بنسبة 22% مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2014، وعرف انخفاضا قدر ب 3% مقارنة بالشهر الماضي. من جهة أخرى توقع التقرير أن تنخفض تكاليف المقاصة بنسبة 10 ملايير درهم خلال هذه السنة، وذلك بسبب تراجع كلفة دعم مادتي السكر والبوتان ، بعد تخلي الحكومة عن دعم باقي المحروقات، حيث بلغت تحملات المقاصة المتعلقة بدعم الغاز البوتان والسكر، خلال الستة أشهر الأولى من سنة 2015، ما يناهز 6.164 مليون درهم موزعة بين كلفة توزيع الغاز بوتان بقيمة 4.492 مليون دهم، وكلفة نقله ب131 مليون درهم وكلفة استيراده ب 120 مليون درهم، بينما بلغت كلفة دعم السكر 1.421 مليون درهم . وكانت مصادر مطلعة قد كشفت أن الحكومة تستعد لرفع الدعم عن مادة السكر بداية من يناير القادم، إذ من المرجح أن يتضمن مشروع القانون المالي 2016 الذي يجري حاليا وضع اللمسات الأخيرة عليه، مقتضيات تسير في اتجاه تخلي الدولة نهائيا عن دعم مادة السكر التي ظلت تدعمها لعقود من الزمن، حفاظا على القدرة الشرائية للمواطنين، قبل أن تقرر الحكومة الحالية ، في سياق سياسة التقشف التي تنهجها ، وضع حد لهذا الدعم تحت ذريعة "إصلاح صندوق المقاصة" ، وهو ما يجعل أسعار هذه المادة الأساسية في قفة المغاربة، مرشحة للارتفاع ولتقلبات الأسواق الدولية.