حين تسنح لك الفرصة بمجالستها أو محاورتها ، أو حتى الاستماع إليها وهي تجتهد بأناقة في اختيار الكلمات الأنسب لتعبر عن آرائها ومواقفها إزاء قضية من القضايا التي تشغلها أو تشتغل عليها بجدية لافتة .. تحس أنك أمام طاقة مبدعة قابلة للانفجار في أية لحظة .. طاقة متجددة ومترعة بالحماس والحيوية والطموح .. طاقة تتحسس بإصرار عنيد مسالك طريقها الصعب والطويل .. وتتدرج بأناة وعزيمة لا تكل ولا تفتر .. إنها مينة رجب .. المخرجة الشابة الطافحة بالأمل الكثير والرغبة الأكيدة في الإقلاع في عوالم الإبداع .. الفتاة ذات الأصول الضاربة في سهل الغرب .. والتي قادتها تضاريس الحياة ومصادفاتها إلى أن ترى النور مطلع التسعينات بحاضرة فاس .. وتتدرج في رحابها ودروبها وأسواقها السفلى .. وتمتح من عبقها روح المرح وألق السماحة التي تميزها .. لا تكاد مينة رجب .. تحط الرحال في خيمة إبداعية .. إلا وتنطلق مرة أخرى بحثا عن موقع آخر واشتباك آخر .. وفي كل رحلة ، تتشابك لديها رغبة الإبداع المتجدد بهوس البحث عن الذات ، وفي كل هذا أيضا يظل الخيط الرابط الرفيع هو العودة الدائمة إلى فاس الحاضنة التي ، وإن نقلت جسدها حيث شاءت فإن حبها يظل لها أولا واخيرا ،ومن ذا الذي يملك أن يزيحها بعيدا عن رحمها العابق ، حيث ( يمتزج كل شيء بكل شيء .. رغيف بدفتي كتاب .. مختارات لينين بالروض العاطر .. امرأة تتخلل الجزر والنعناع .. ) كما ردد أدونيس .. .. وهل من أحد يقدر على ( إجلاء زلاغ عن حبه المستحيل ) ..؟؟ هكذا .. هي مينة رجب ، أو لنقل هكذا أظن أني أراها .. وهي تتحدث عن مشاريعها وأحلامها وطموحاتها المشرعة على كل الاحتمالات .. تتحدث بنبرة فيها زهو وفرط ثقة من غير صلف وغرور ..( ثبات ورزانة كما قالت ) في رحلة البحث عن الذات المليئة بالتعثرات والإكراهات، اختارت بعناية فائقة الشابة مينة رجب مهنة المتاعب محطة الانطلاق .. انطلاق قطار ..لا تدري أين ولا متى ستتوقف عجلاته .. ولا إلى أي منعرج سيلوي .. انطلقت وهي ترى نفسها واحة ظمآى .. تسعى بما تيسر لها أن تكون ظليلة بليلة ، يانعة وأصيلة . ثم قادتها عجلة البحث والكشف بعناد إلى الإخراج التلفزيوني والسينمائي لتقتحم بجرأة دهاليز العالم الوثائقي وتغرف من محبرة الرعب ... حيث جابت بيوتا مهجورة بمدن مغربية عديدة .. منتصبة القامة ، مشحوذة الهمة .. على كتفها كاميرا .. وبين أناملها قلم ينير لها المسالك ..بعزيمة تسعى بين قدميها .. لتورق شجرة البداية .. فيلمين وثائقيين ( الحلم وبوابة الرعب ) وشريطا قصيرا بعنوان دول ( دمية ) وبهذا العمل .. تمكنت مينة رجب أن تراكم تجربة نوعية في مجال الإخراج .. انضافت إلى تجربة سابقة لافتة في برنامج ترفيهي فني و ثقافي ( برنامج مع mina ) كان قد تم إنجازه في ظل تنافسية قوية مع قنوات عالمية . آخر ما وصلنا عن هذه المخرجة التي تصر على أن تخلق لنفسها، وبإمكانيات ذاتية متواضعة، مكانة موسومة في المشهد الفني الوطني بعيدا عن هذا التهافت المضلل الذي صار يميز وضعنا الإبداعي إجمالا.. هو مشاركتها في مسابقة عربية تنظمها قناة Quest العربية ، بحثا عن المواهب المغربية في مجال تقديم البرامج والتعليق التلفزيوني في أفق الانضمام إلى هذه القناة العربية الجديدة التي من المقرر أن ينطلق بثها في المنطقة باللغة العربية خلال مقبل الأيام ، وذلك بتعاون ما بين إيمج نيشن وديسكفري كوميونيكيشنز. هذا ، وقد تمكنت مينة رجب ممثلة المغرب الوحيدة في هذه المسابقة العربية أن تجتاز جملة من الاختبارات بنجاح ، وهي الآن تخوض التصفيات النهائية بحماس قوي وإصرار على التفوق ..