من الملاحظ ان الكثير من المخرجين العرب الشباب يعزفون عن خوض تجربة الفيلم الوثائقي كون البعض يرى ان الفيلم االوثائقي فيلم ناقص و لا يحب الكثير من المخرجين العرب الاشارة اليهم كمخرج فيلم وثائقي و يفضل ان يشار اليه كمخرج روائي . في المهرجانات السينمائية العربية التي حضرتها وجدت عزوف الجمهور لحضور عروض لافلام وثائقية و تعرض الافلام الوثائقية بالمهرجانات العربية في اوقات يمكن ان نقول عليها انها اوقات ميته و يظهر ان المهرجانات السينمائية العربية تتعامل مع الفيلم الوثائقي فقط لتغطية الفراغ و هذا ما يحدث فعلا على الشاشات التلفزيونية العربية. في المهرجانات الدولية في فرنسا و الغرب بشكل عام يتم اعطاء الفيلم الوثائقي حقه من التكريم و ذلك بالاشارة الية دون انتقاص في برامج و منشورات و شعارات المهرجانات و يعطى للمخرج حقه دون انتقاص . سبق و ان اتيحت لي فرصة حصور المهرجان الدولي للانتاج السمعي و البصري في مدينة كان بفرنسا و هو معرض لبيع و شراء الانتاج التلفزيوني و السمعي البصري بشكل عام و خلال جولتنا لاحظت ان هناك قنوات تلفزيونية عالمية متخصصة لانتاج الفيلم الوثائقي و هناك شركات انتاج متخصصة في هذا المجال بينما لا نرى في العالم العربي مؤسسات انتاج خاصة للفيلم الوثائقي و الشركات المتخصصة في هذا المجال ترى ان الفيلم الوثائقي اقل كلفة و يباع الفيلم الوثائقي اقل بكثير من سعر الفيلم الرؤائي او حتى التمثيلية التلفزيونية كون الكثير من القنوات التلفزيونية تستخدم الوثائقي برامج او افلام لسد الفراغ و نادرا ما يخصص لمثل هذه البرامج او الافلام اوقات مثالية للمشاهدة هذه النظرة السلبية للفيلم الوثائقي في عالمنا العربي ساهمت في ضعف الانتاج و قلة اقبال الشباب السينمائي العربي على خوض تجارب وثائقية و للاسف الشديد فان النقد السينمائي العربي في الصحف و المجلات السينمائية مع قلتها الا انه نادرا و قليل جدا ان يخصص بعض النقاد كتاباتهم لتناول قضايا الفيلم الوثائقي سوى بالتعريف بالانتاج و الافلام المنتجة و المشاركة بالمهرجانات او بنقد و تحليل هذه الافلام و لا ندري ما السبب هل جهل النقاد بجماليات و اهمية الفيلم الوثائقي ام انهم هم الاخرين يرون الفيلم الوثائقي فيلم ناقض.
المخرج السينمائي العربي الذي يتجه للفيلم الوثائقي هناك من يرى ان الفيلم الوثائقي فيلم سهل و البعض لا يبذل جهد فني و ابداعي عند اخراج فيلم وثائقي و منذ المرحلة الاولى الاعداد و كتابة السيناريو هناك من يعتقد ان الفيلم الوثائقي لا يستحق ان يكتب له سيناريو و يركز المخرج على مسالة الاعداد و جمع المعلومات و يعتمد على المعلومات التاريخية في حال انتاج فيلم وثائقي عن مكان مثلا او يتجه البعض لاجراء حوارات و مقابلات مع مختصين او مهتمين في العديد بل الكثير من الافلام الوثائقية العربية يخاطب المخرج الاذن اكثر من مخاطبته العين و هذا خطاء فادح جدا بحيث يعتقد البعض ان الفيلم الوثائقي هو تعليق صوتي على الصورة و شرح تفاصيل حول الموضوع او المكان او اجراء مقابلات و حوارات بحيث اصبح الفيلم الوثائقي في بعض الاحيان لا يختلف كثيرا عن الريبورتاج الاذاعي و في احسن الاحوال يمكن وصفة بالريبورتاج التلفزيوني.
اعيش في فرنسا منذ اكثر من ست سنوات و خلال هذه السنوات تمكنت من مشاهدة مئات الافلام الوثائقية القصيرة و الطويلة عبر الشاشات التلفزيونية و قاعات العرض السينمائية و المهرجانات او العروض الخاصة التي تقام من حين الى اخر و يتم دعوة المخرج او المنتج و في دراستي الاكاديمية شاركت في العديد من الورش بمجال الفيلم الوثائقي و قرات الكثير عن جماليات و نظريات الفيلم الوثائقي و في بحثي الاكاديمي و بحثي برسالة الدكتوراة حول جماليات و نظريات السينما الشعرية تحدثت مع استاذي المشرف بتخصيص فصل كامل عن الشعرية بالفيلم الوثائقي. الفيلم اداة بحث عن الحقيقة لهذه الارض و الانسان لا يعني هذا نقل و توثيق الواقع بل التغلغل و الحوار مع الواقع ان الفيلم الذي لا يولد حوار و نقاش و جدل حول واقع و حالة ما فهو فيلم فاشل و ضعيف نقل الواقع بصورة مباشر احد اهم اسباب ضعف الافلام السينمائية الوثائقية العربية غياب رؤية المخرج و روح المخرج و تجربته الذاتية ايضا عامل اخر لضعف الفيلم الوثائقي عندما يتناول مخرج ما موصوع او مكان لا علاقة له به و ليس لديه اي احاسيس او ذكريات او ارتباط هذا يضعف الفيلم السينما كانت و مازالت اداة تعبير شعرية للتعبير عن الواقع و وسيلة للبحث عن الحقيقة و وجه اخر للروح و ليس مجرد عكس او عرض للسطح الظاهر الواقع عندما يعكسه فنان مبدع له ارتباط مادي و روحي لهذا الواقع يختلف تماما عن حمل كاميرا و تصوير السطح و محاورة هذا او ذاك لشرح الصورة . حميد عقبي