خيم هدوء حذر على باحات المسجد الأقصى المبارك في القدسالمحتلة وبلدتها القديمة، وسط تقديرات بأنه لن يدوم طويلاً خصوصاً بعد إعلان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو أنه سيواصل السماح لليهود بالدخول الى باحات الأقصى، وقراره تشديد العقوبات بحق راشقي الحجارة، في وقت أكد الرئيس محمود عباس أن السلطة الفلسطينية لن تسمح بتقسيم الأقصى، وستفعل كل ما تستطيع لحماية القدس. ورغم انتهاء الاحتفالات اليهودية برأس السنة العبرية ليلة الثلاثاء- الأربعاء، إلا أن مجموعة من اليهود المتطرفين اقتحمت صباح أول أمس باحة الأقصى لليوم الرابع على التوالي، في ما بدا أنه تطبيع لهذه الاقتحامات وفرضها كأمر واقع. وقال شهود إن 35 يهودياً اقتحموا باحات المسجد تحت حراسة مشددة من الشرطة الإسرائيلية. كما أعلنت الشرطة الإسرائيلية أن ألف يهودي زاروا الأقصى خلال الاحتفالات برأس السنة العبرية، والتي استمرت ثلاثة أيام. ورغم عودة الهدوء الى ساحة الأقصى والقدس ، غير أن هذا الهدوء يبدو هشاً، خصوصاً أن اليهود يحتفلون الثلاثاء المقبل ب «يوم الغفران» (يوم كيبور)، وبعدها بأسبوع ب «يوم العرش» (السوكوت)، إذ يتوقع أن تشهد المناسبتان مزيداً من التدفق على البلدة القديمة، ومزيداً من الاقتحامات للأقصى، علماً أن «يوم الغفران» يتزامن للسنة الثانية على التوالي مع عيد الأضحى المبارك الأسبوع المقبل. وتأتي هذه الاحتفالات اليهودية في ظل تأكيد نتانياهو خلال اجتماع طارئ مع العديد من الوزراء والمسؤولين الأمنيين الإسرائيليين، أنه لن يسمح بمنع زيارات اليهود للمسجد، وإن جدد تمسكه بالحفاظ على الوضع القائم في الأقصى الذي يطلق عليه اليهود إسم «جبل الهيكل» . وقال: «إسرائيل لن تسمح لمثيري الشغب بمنع زيارات يهود للموقع». كما أعلن نتانياهو خلال جولة في أحياء من القدس «تعديل قواعد الاشتباك» بين الجيش والمتظاهرين الفلسطينيين عبر «تشديد العقوبات» وتحديد عقوبة «رادعة» لرماة الحجارة، وغرامات مهمة بحق القاصرين الذين يرشقون الحجارة وعائلاتهم. من جانبه، استضاف الرئيس الفلسطيني وفداً من أهالي القدس وطالب المقدسيين بمواصلة التصدي للاقتحامات، متعهداً العمل على تعزيز صمود أهل المدينة، ومشيداً بالمرابطين والمرابطات في المسجد، الذين تعتبرهم إسرائيل تنظيماً محظوراً. وقال في اللقاء: «لن نسمح بتمرير إجراءاتهم وتقسيم الأقصى لأن الأقصى لنا، والقيامة لنا، ولن نسمح لهم بتدنيسه بأقدامهم القذرة، وسنعمل كل ما نستطيع لحماية القدس» . وجدد التأكيد على أن «دولة فلسطينية من دون القدس لن تكون». وأكد الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، أن إسرائيل تشن حربا ضروسا على القدسالمحتلة، مؤكدا «نحن في القدس وسنبقى فيها وسنحمي مقدساتنا المسيحية والإسلامية، ولن نغادر بلدنا، وسنبقى متمسكين بكل ذرة من ترابها». وأضاف عباس «لن نترك بابا إلا وسنطرقه من أجل أن نرفع صوت القدس عاليا»، مضيفا «أنا مطمئن أن أمرا سيئا لن يحدث للقدس، رغم أن إسرائيل تشن حربا ضروسا عليها، لكن سنستمر في الدفاع عنها في كل الظروف، نتحدث مع الجميع والكل يسأل ماذا نعمل من أجل رفع صوت القدس عاليا». من جانبهم دعا أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني المقيمون في الأردن، إلى إطلاق «هبة شعبية فلسطينية للدفاع عن المسجد الأقصى»، وعدم ترك المقدسيين يقاومون الاحتلال الإسرائيلي وحدهم في أعقاب انتهاكاته للمسجد. وذكر بيان للمجلس أن الأعضاء ناقشوا، خلال اجتماع طارئ عقدوه بمقر المجلس في عمان، سبل التصدي لما تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلي في المسجد الأقصى ومدينة القدس ومواجهته. ودعا أعضاء المجلس إلى سرعة إنهاء الانقسام الفلسطيني لأن القدس ومقدساتها «أحوج ما تكون إلى وحدة الصف الفلسطيني وتسخير الإمكانيات من أجل حمايتها والدفاع عنها»، معتبرين أن هذا هو الوقت المناسب للوحدة الوطنية. وقرر المجتمعون، إرسال رسائل عاجلة للبرلمانات العربية والإسلامية خاصة تحثهم على تحمل المسؤولية تجاه ما يحصل في القدس والمسجد الأقصى، إضافة إلى تكثيف الاتصالات البرلمانية مع الاتحادات البرلمانية الأوروبية والدولية والإفريقية والآسيوية من أجل موقف برلماني دولي ضاغط على الاحتلال الإسرائيلي لوقف جرائمه في القدس والمسجد الأقصى. ووجه أعضاء المجلس «التحية والتقدير والاعتزاز لحرائر القدس وشبابها وشيوخها المرابطين على أرض القدس والمسجد الأقصى الذين يتصدون بصدورهم العارية لآلة القمع الاحتلالية»، داعين إلى مد أهل القدس بالشباب من خارج المدينة لمناصرتهم والدفاع عن القدس. وكانت قوى وطنية وإسلامية دعت في بيانات منفصلة إلى «النفير العام والغضب يومه الجمعة نصرة للمسجد الأقصى».