لم تظهر أي بوادر واقعية حقيقية مع انطلاق الموسم الدراسي الجديد 2015 - 2016 توضح أن هناك نية صادقة من حكومة بن كيران. ومن وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني, - مما يعطي اشارة قوية على أن »دار لقمان - مازالت على حالها«، فرغم »الانحطاط« المدوي الذي عرفته منظومتنا التربوية ورغم السلبيات التي واكبت الدخول المدرسي منذ عقود من الزمن، فإن الحكومة فضلت التعامل مع نفس الأوضاع ونفس النقائص وكأنها تنتظر الحلول أن تسقط وتنزل من السماء مع أولى قطرات المطر الخريفية! لاشك أننا جميعا وخلال اقتراب موعد انطلاقة جديدة لموسم دراسي جديد نترقب بلهفة ما تحمله الاشارات الأولى من تغيير ابتداء من المقرر الوزاري - إلى انطلاق التسجيل بالمؤسسات التعليمية لخوض ممارسة جديدة يتمناها الجميع أن تكون مخالفة لسابقاتها، إلا أن الصدمة كانت قوية وتكرار الأخطاء هي السمة الغالبة والطاغية على انطلاق موسم جديد. لتعليمنا معضلات كبرى وزلات ذات جرح عميق ومصيبتنا أننا جميعا نعرف أسباب ذلك، مسؤولين ونقادا ومفتشين وسياسيين ومجتمع مدني, ونوقشت داخل الندوات والموائد المستديرة والمربعة والمستطيلة، وأقيمت منتديات اقليمية وجهوية ووطنية تولد عنها صدور توصيات وقرارات ومقترحات لكنها ظلت حبرا على ورق، مما يعطي ذلك انطباعا صريحا مفاده أننا فقط أضعنا الوقت وضيعنا مصاريف تلك الملتقيات والمنتديات التي صرفت عليها أموال طائلة لا أقل ولا أكثر. ملك البلاد ما فتئ من خلال خطبه السامية أن يشير إلى ضرورة إصلاح التعليم وأعطى أوامره إلى المسؤولين لوضع استراتيجيات تنقد المنظومة التعليمية، بل في خطبه الأخيرة عرى حقائق إفشال تعليمنا وهو ما اعتقدنا جميعا أن من وراء ما جاء في الخطاب الملكي الأخير ستكون اجراءات لا محالة - إلا أنه ولحد الساعة لا شيء يلوح في الأفق. إن معضلة أي دخول مدرسي هي النقص الفظيع في الموارد البشرية. وخاصة اساتذة مجموعة من المواد المهمة بكل من الثانوي الاعدادي والثانوي التأهيلي. ولم تستطع الوزارة الوصية والحكومة المنتمية اليها وضع استراتيجية عمل للحد منها ثم القضاء عليها. و سد الخصاص المروع - فلا يمكن لأي مشروع تربوي او مخطط او ميثاق ان يؤدي مهامه واهدافه بدون اليات تنفيذه؟ كيف يمكن ان نعمل على انجاح اي شعار من الشعارات التي تطلق خلال انطلاق اي موسم دراسي دون ان نتوفر على الاكتفاء الذاتي في الموارد البشرية التي هي الركيزة الحقيقية لهذا الشعار او ذاك. وعلى نفس الوثيرة، انطلق الموسم الدراسي الجديد 2016/2015 حيث أن جل الاكاديميات الجهوية تعاني من نقص في الاساتذة وبأرقام هامة متفاوتة. ولا ندري كيف ستتعامل كل اكاديمية وكل نيابة مع هذه الاوضاع التي تزداد تكاثرا وانتشارا ,علما أن العديد من هذه الاوضاع التي تزداد تكاثرا وانتشارا تسلك طرقا اقل ما يمكن ان نصفها بها انها غير تربوية،وعندما نسلك طرقا غير تربوية لمسألة تربوية فتلكم هي الطامة الكبرى , فحين يجتهد بعض رؤساء مصالح الموارد البشرية بهذه الاكاديميات. و يرتكز اجتهادهم على خصم بعض الساعات من مواد اساسية او بعض اللغات رغم ما يعانيه تعليمنا مع اللغات لتوفير اساتذة ,او حين يقرر رؤساء مصالح التخطيط وضع الخريطة المدرسية تعتمد على أن 48 تلميذا الى 50تلميذا في القسم و هذا الوضع لا يعتبر في نظرهم اكتظاظا, وحين يوافق مدراء الاكاديميات في بعض الجهات على حذف بعض المواد المقررة من أقسام الجذوع المشتركة. كمادة الفلسفة. والترجمة ومنه التفويج في المواد العلمية. لربح عدد من اساتذة هذه المواد والتخفيف من عبء الخصاص. أليس هذه اجراءات غير تربوية؟ لانها تضرب في العمق مبدأ تكافو الفرص و تضرب ايضا في العمق جودة المنتوج التربوي. ولانها بذلك ترهق الاستاذ التي اصبح يدرس 50 تلميذا في القسم الواحد. ويصبح ملزما بابلاغ صوته وقدراته على كل تلامذة وايضا و ضع الفروض وتصحيحها ووضع النقط عبر نظام »مسار« الى غير ذلك من الإكراهات اليومية لكل استاذ. أضف إلى ذلك أوضاعه المهنية وما يعانيه مع الوزارة. الى غير ذلك من العوائق المؤلمة والموثرة على المردودية. ان أرقام الخصاص لأساتذة الثانوي التأهيلي والاعدادي مخيفة ولا يمكن التغلب عليها بإجراءات ترقيعية نتائجها تأتي معاكسة وليست في صالح التلميذات والتلاميذ. هذا في الوقت الذي اغلقت الحكومة فيه أعينها وآذانها. وتركت المسؤولين المباشرين بالوزارة يخبطون خبط عشواء. وغير مبالين بمخاطر مغامراتهم التي غالبا ما تكون مرتجلة. وعواقبها أكثر من فوائدها. ما يهمهم هو انطلاقة الموسم الدراسي حتى وإن لم تشارك في هذه الانطلاقة مجموعة مهمة من الاقسام التي تنظر وصول من سيكون مدرسها وقائد سفينتها. وقد يكون قادما من المستوى الابتدائي فقط لانه حاصل على الاجازة في احدى المواد التي تعاني من خصاص - حيث يشعر هذا الوافد الجديد على الثانوي الاعدادي او الثانوي التأهيلي وكأنه ذاهب الى معركة يجهل مصيره وسطها. فحين تعتمد النيابات ثم الاكاديميات على سد خصاصها بما يعرف بعملية إعادة الانتشار, فإنها تفتح مجالا آخر للعديد من المشاكل. اهمها تمرد بعض المدرسين على تلك القرارات والتي يعتبرونها مجحفة في حقهم, خصوصا حين يكون التعيين في نقط بعيدة او لا تتوفر على وسائل النقل أو بعض الظروف غير المألوفة فتبدأ الحرب بين المدرس والنيابة. باشهار الشواهد الطبية من جهة المدرس ,وبالاستفسارات لعدم الالتحاق من الطرف الثاني والنتيجة ان ذاك التلميذ الذي حكمت عليه ظروف الحياة الاجتماعية التواجد بين النقط. مازال ينتظر انطلاق موسمه الدراسي واحيانا قد يطول انتظاره الى غاية شهر أكتوبر. هذه من الظواهر التي اصبحت مألوفة عند المغاربة الذين لا يمكنهم تدريس أبنائهم في قطاع التعليم الخصوصي. وبالتالي تظل معاناتهم مستمرة و ستسمر مادامت الحكومة مستمرة في إغلاق مراكز التكوين ومادامت تمنع الأعلان عن مناصب الشغل في قوانينها المالية. ومادامت متمسكة بعنادها غير المجدي. في الوقت الذي ارتفعت فيه أرقام المطالبة بالتقاعد النسبي, حيث ان عددهم في تزايد مستمر وكلهم بلغوا السنوات المطلوبة مهنيا. هذه بالاضافة الى من بلغ سن التقاعد رغم إرغام بن كيران الاستمرار الى نهاية الموسم الدراسي, ناهيك عن اصحاب الملفات الطبية. والعاهات المستديمة والامراض المزمنة دون البحث عن من يعوض هؤلاء. فقط الاعتماد على الحلول الترقيعية التي سبق ذكرها. ومن معيقات الدخول المدرسي ايضا. تكليف مقتصد لاكثر من مؤسسة تعليمية بمعنى أن خصاص الموارد البشرية لا يقتصر على المدرسين والمدرسات بل حتى على المصالح الاقتصادية رغم أهميتها البالغة خصوصا في الدخول المدرسي وفترة التسجيلات. ونحن نتكلم عن معيقات الدخول المدرسي لا يمكن أن ننسى البنيات التحتية وما تعانيه مجموعة كبيرة من المؤسسات في هذا المجال, خصوصا في هوامش بعض المدن وفي المجال القروي - مما يشكل عائقا للأساتذة قبل التلاميذ - ولا يمكننا أن نخفي أن هناك بعض المؤسسات المحدثة والتي بنيت من طرف بعض المنعشين العقاريين في إطار ما يعرف بالامتياز , أو من طرف بعض المحسنين تنقصها التجهيزات. أو الماء والكهرباء. أو لم يتم تعيين طاقمها الإداري التعليمي رغم وجود لافتات على مدخل بعضها تدعو إلى التسجيل - »النواصر« مثلا: التعليم الخصوصي.. إكراهات الجودة وارتفاع التكاليف لا يمكن الكلام عن الدخول لمدرسي لموسم 2016/2015 دون التطرق إلى التعليم الخصوصي - هذا القطاع الذي فضلت شريحة مهمة من المواطنين اللجوء إليه طالبين جودة المنتوج. رغم التكاليف الباهظة التي تستلزم ذلك. وانضافت شريحة جد مهمة من طبقة الدخل المتوسط، والتي التجأ معظمها إلى الاقتراض لتمكين أبنائها من الدراسة في أجواء مطمئنة بعد معاناتتهم مع مشاكل التعليم العمومي. لكن اللافت للانتباه هو أن عددا كبيرا من نساء ورجال التعليم الذين يدرسون بالمدارس العمومية فضلوا تسجيل أبنائهم في المدارس الخصوصية. بحجج مختلفة منها أن هذه المدارس خصوصا في الابتدائي وما قبله كالروض تحتفظ بأبنائهم طوال اليوم وهو شيء مناسب لظروف عملهم. فيما أكد العديد منهم أن السبب هو طلب جودة التعليم. ليقينهم بأن ما تقدمه المدرسة العمومية لا يرقي الى ما يريدون لأبنائهم. إلا أن التسجيل في المدارس الخصوصية لا يخلو هو الآخر من المشاكل، أهمها مادية ثم الانتقاء فكل سنة يصادف الآباء زيادة في واجبات الدراسة والنقل والأكل وواجبات التأمين والتنسيق، حتى أن يتوفر على أكثر من ابن يجد نفسه ملزم بدفع مبالغ مهمة دون نسيان واجبات الأدوات المدرسية والكتب التي غالبا ما تكون مستوردة. أما العقبة الأخرى فهي الانتقاء، حيث أصبح من الصعب الحصول على مقعد بمؤسسة تعليمية خصوصية وعلي جميع المستويات التعليمية. فلابد من إجراء الاختبار« ما بين 200 إلى 600 درهم. علما أن نتائجه غير مضمونة وفي حالة عدم التوفق فيه. لاتستعاد المبالغ المدفوعة إلى أصحابها ,كما أن المتفوقين لا يخصم ذلك المبلغ من تكلفة التسجيل. بمعنى أنها أرباح مباشرة صافية وغير خاضعة لأي شيء حتى الأساتذة الذين يشرفون على هذه العملية ليس لهم نصيب فيها مادام ذلك يدخل في واجبهم (المهني). وتبقى أبرز الملاحظات القوية في دخول هذا الموسم الدراسي 2016/2015 - هي طلبات الانتقال، وتغيير المؤسسات وطلبات الإدماج من التعليم الخصوصي إلى التعليم العمومي - وهي معاناة أخرى انضافت إلى سابقاتها. حيث أن عددا من المواطنين الذين اقتنوا مساكن اقتصادية انتقلوا إليها خلال هذه العطلة أصبحوا مجبرين على طلب مقعد بأقرب مؤسسة لهم. ولأنهم كثر كان من الصعب الحصول على مطلبهم. كذلك تعرف عملية الادماج تزايدا موسما بعد آخر. وهو ما يجعل إدارة المؤسسات التعليمية تعرف ازدحاما كبيرا.