سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مرزاقي: كثير من الدخلاء على المجال التربوي يشتغلون في التعليم الخصوصي قال إن الميثاق الوطني للتربية والتكوين جعل من التعليم المدرسي الخصوصي شريكا إلى جانب الدولة
قال بنداود مرزاقي، المدير المكلف بمجال الارتقاء بالتعليم المدرسي الخصوصي والأولي في وزارة التربية الوطنية،إن هذه الأخيرة، ومعها الحكومة، واعية بالدور الهام الذي يمكن أن يلعبه قطاع التعليم المدرسي الخصوصي، إلى جانب التعليم العمومي، في الارتقاء بالمنظومة التربوية الوطنية. - هل استطاع التعليم المدرسي الخصوصي تحقيق الحد الأدنى من أهدافه؟ تعتبر التوجهات العامة للنظام التعليمي المغربي التعليمَ المدرسيَّ الخصوصي جزءا لا يتجزأ من المنظومة التربوية، وفي نفس الاتجاه، جعلَ الميثاق الوطني للتربية والتكوين التعليم المدرسي الخصوصي شريكا طرفا رئيسيا، إلى جانب الدولة، في النهوض بنظام التربية والتكوين وتوسيع نطاق انتشاره والرفع المستمر من جودته.. لذلك فمن أهم الأهداف المنتظرِ من التعليم المدرسي الخصوصي الاضطلاع بها هناك المساهمة، إلى جانب التعليم العمومي، في تعميم التعليم والرفع من جودته، إضافة إلى تنويع العرض التربوي. ورجوعا إلى واقع التعليم المدرسي الخصوصي، نجده على مستوى المساهمة في تعميم التعليم يستقطب 704.955 تلميذا وتلميذة، يشكلون 10.90 من مجموع تلاميذ التعليم العمومي وهي نسبة لا ترقى إلى ما هم مأمول. وارتباطا بهذه النسبة، يمكن تسجيل مجموعة من الملاحظات، أهمها احتكار سلك التعليم الابتدائي أكثرَ من 73.22% من مجموع تلاميذ مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي، مقابل ضعف الإقبال على سلكي التعليم الثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي، كما تجدر الإشارة إلى تمركز النسبة الكبيرة من هذه المؤسسات في الشريط الساحلي، الممتد ما بين الدارالبيضاء والقنيطرة. وعلى مستوى إسهامه في الرفع من جودة التعليم، لا بد من الإشارة إلى أن مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي ملزمة، كحد أدنى، باحترام البرامج والمناهج المعتمدة في التعليم العمومي، مع إمكانية تقديم مشروع تربوي متكامل يراعي التوجهات العامة للنظام التربوي الوطني بعد المصادق عليها من طرف الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، وبذلك فالتوجهات العامة للبرامج التعليمية المعتمدة في مؤسسات التعليم الخصوصي هي نفسها التي تحكم تلك المُعتمَدة في التعليم العمومي، لكنْ هناك بعض العناصر التي يركز عليها أصحاب مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي، من قبيل الاهتمام أكثر بتدريس اللغات وأنشطة التفتح والأعمال التكميلية... إلخ. وعموما، يمكن القول إن جودة الخدمات التربوية في مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي تبقى متباينة ومرتبطة أكثر بدرجات الإبداع والتجديد التربوي للمشرفين على كل مؤسسة على حدة. - ما هي آفاق التعليم الخصوصي في المغرب؟ وزارة التربية الوطنية، ومعها الحكومة المغربية، واعية بالدور الهام الذي يمكن أن يلعبه قطاع التعليم المدرسي الخصوصي، إلى جانب التعليم العمومي، في الارتقاء بالمنظومة التربوية الوطنية. وفي هذا الصدد، أكد وزير التربية الوطنية، في اللقاء الذي جمعه بالجمعيات الممثلة لمؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي، حرص الوزارة على تنظيم وتأهيل التعليم المدرسي الخصوصي والرفع من جودة خدماته وتشجيع الاستثمار فيه، حتى يتسنى له المساهمة بشكل فعال في تعميم التعليم وتنويع العرض، إضافة إلى إسهامه في خلق فرص للشغل. ولذلك فإن إستراتيجية وزارة التربية الوطنية للارتقاء بالتعليم المدرسي الخصوصي، انطلاقا من الموسم الدراسي الحالي، تركز على مجموعة من المحاور التي من شأن تفعيلها بشكل سليم تمكينُ قطاع التعليم المدرسي الخصوصي من تحقيق الأهداف المنتظرة منه على أحسن وجه، وأخص بالذكر هنا مراجعة الترسانة القانونية المؤطرة للتعليم المدرسي الخصوصي ومساعدة المؤسسات التعليمية الخصوصية على التوفر على هيأة قارة للتدريس وتوفير التكوين المناسب للعاملين والترخيص بفتح مركز لتكوين المدرسين وتعزيز تدابير التأطير والمراقبة وتنويع العرض التربوي الخصوصي وتشجيع الاستثمار ضمن مقاربة تربط الاستفادة من التدابير التشجيعية بوجود إطار تعاقدي بين الخواص والإدارة يُمكّن هذه الأخيرة من التوجيه النوعي والمجالي للاستثمار في التعليم المدرسي الخصوصي، مع مراعاة جودة الخدمات التربوية المقدمة وملاءمة أسعارها لمختلف الشرائح الاجتماعية. - يشتغل كثيرون لا علاقة لهم بالمجال التربوي في التعليم الخصوصي.. هل هناك قوانين لوضع شروط لمن يريدون الاستثمار في هذا المجال؟ في مجال التعليم المدرسي الخصوصي يجب التمييز بين المؤسس والمدير التربوي، فالأول هو الذي يقوم باستثمار أمواله من أجل إحداث مؤسسة للتعليم المدرسي الخصوصي ويباشر الإجراءات اللازمة لدى الإدارات المعنية، والقوانين المنظمة للتعليم المدرسي الخصوصي لا تشترط في المؤسس شروطا خاصة، بل فقط نفس الشروط المطلوبة في المستثمرين في باقي المجالات.. أما المدير التربوي فهو الذي يتولى الإشراف على تدبير الشؤون التربوية للمؤسسة، ومن الطبيعي أن يفرض عليه القانون المنظم للتعليم المدرسي الخصوصي شروطا خاصة، من قبيل التجربة الميدانية في مجال التعليم والتوفر على المؤهلات التربوية وعلى المستوى العلمي المناسب والسلامة البدنية والنفسية... إلخ. - ما هي آخر الإحصائيات حول عدد التلاميذ المتمدرسين في القطاع الخصوصي؟ برسم الموسم الدراسي 2011 -2012، بلغ مجموع تلاميذ مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي في بلادنا 704.955 تلميذا وتلميذة، يتوزعون، حسب الأسلاك التعليمية، على الشكل التالي: التعليم الابتدائي 516.179 تلميذا (73.22%) التعليم الثانوي الإعدادي 107.552 تلميذا (15.25%) ثم التعليم الثانوي التأهيلي ب81.234 تلميذا (11.52%). - ما أنواع الرقابة التي تخضع لها مؤسسات التعليم الخصوصي التربوي؟ يتم الإشراف على تأطير ومراقبة مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي على مستوى الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والنيابات الإقليمية للوزارة، فبناء على المادة ال22 من القانون رقم 00-06 بمثابة النظام الأساسي للتعليم المدرسي الخصوصي، تخضع هذه المؤسسات لنوعين من المراقبة: مراقبة تربوية ومرقبة إدارية. وتشمل المراقبة التربوية السهرَ على تطبيق البرامج والمناهج الوطنية والتحقق من حسن استعمال التجهيزات التربوية ووسائل التعلم ومؤهلات المدرسين والكتب والمراجع المستعملة، ويتولى القيامَ بها مفتشو التعليم العمومي. أما المراقبة الإدارية فتنصب على مطابقة البنايات والتجهيزات لما هو مُرخَّص به وفحص ملفات الفتح والتسيير وفحص ملفات التلاميذ والعاملين في المؤسسة والأقسام الداخلية، في حالة وجودها، وسيارات النقل المدرسي، وتتولى القيامَ بها لجن للمراقبة الإدارية تُحدَث لهدا الغرض على مستوى النيابات الإقليمية. - كيف التوفيق بين التعليم كحق دستورى وبين الربح المادي الذي يناسب الجهد الاستثماري؟ إن الحق في التعليم هو حق دستوري، ولذلك تبذل الدولة جهودا جبارة من أجل الارتقاء بالمدرسة الوطنية وتوفير الظروف المناسبة لتمدرس أبناء المغاربة بالمجان في جميع ربوع المملكة، ويبقى تسجيل التلاميذ في مؤسسات التعليم العمومي أو الخصوصي أمرا اختياريا للآباء ومرتبطا برغبتهم في تمكين أبنائهم من التعليم الذي يناسب احتياجاتهم، مع العلم أن تلاميذ التعليم المدرسي الخصوصي وتلاميذ التعليم العمومي يخضعون لنفس الامتحانات الإشهادية، كما أن الجسور ممدودة بين التعليمين وتسمح للتلاميذ بالانتقال بينهما دون أي شروط. ورغم أن الخدمات المقدمة من طرف مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي تهم المجال التربوي، فإنها تعتبر نشاطا تجاريا يسعى أصحابه إلى تحقيق الربح ويخضع بذلك لمقتضيات القانون المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة. لكن هذا الأمر لم يمنع وزارة التربية الوطنية من إصدار مذكرة تنظيمية تدعو مديرات ومديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين إلى حث أصحاب المؤسسات التعليمية الخصوصية على نهج الشفافية في علاقتهم بآباء وأمهات وأولياء التلاميذ، من خلال إطْلاعهم على تفاصيل الواجبات التي يؤدونها والتمييز في ذلك بين واجبات التمدرس ورسوم التسجيل وأقساط التأمين وغيرها من الخدمات وتقديم وصولات مقابل الرسوم والواجبات المؤداة. - نجد أساتذة يشتغلون في القطاعين العام والخاص وهدا يتنافى مع الجمع بين وظيفتين.. ما رأيك في هذه النقطة؟ لا يشكل اشتغال بعض أساتدة التعليم العمومي في مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي في إطار الساعات الإضافية أيَّ تنافٍ مع القوانين المنظمة للوظيفة العمومية، والتي تمنع الجمع بين وظيفتين، على اعتبار أن الأمر لا يتم إلا بعد الحصول على ترخيص من الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين وبعد موافقة مدير المؤسسة العمومية والمفتش التربوي ونائب الوزارة.. كما أن عدد الساعات التي يمكن الترخيص بها هو 8 ساعات أسبوعيا كحد أقصى، ويتم فيها مراعاة استعمال الزمن الخاص بالأستاذ في المؤسسة العمومية وتواجد المؤسسة الخصوصية في نفس النيابة التي ينتمي إليها الأستاذ.. وللإشارة فقط، فمسألة تقديم ساعات إضافية من طرف أساتذة التعليم العمومي في مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي تقتصر، في الغالب، على بعض المواد التي يصعب إيجاد مدرّسين قارين لتدريسها في سلكي الثانوي التأهيلي والثانوي الإعدادي، ما دام سلك التعليم الابتدائي يعتمد، بنسبة مائة في المائة، على أطر قارة للتدريس. - اعتماد الانتقائية في اختيار التلاميذ في المدارس الخصوصية أسلوب تربوي غير لائق.. كيف تنظر إلى هذا؟ لا تشمل هذه الوضعية إلا عددا قليلا من مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي وببعض المدن الكبرى، وتهُمّ، بالأساس، سلك التعليم الإعدادي، والسبب في ذلك هو ضعف الطاقة الاستيعابية لهذه المؤسسات في هذا السلك التعليمي مقارنة بالتلاميد الناجحين في السنة السادسة من التعليم الإبتدائي. وكما جاء في المعطيات الإحصائية المقدمة سابقا، فإن تلاميذ التعليم الابتدائي في مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي يتجاوزون بكثير تلاميذ التعليم الإعدادي، نتيجة لجوء عدد من الآباء إلى تسجيل أبنائهم في مؤسسات التعليم العمومي مباشرة بعد نجاحهم في امتحان السنة السادسة من التعليم الابتدائي وعدم إقبال المستثمرين على إحداث مؤسسات للتعليم الإعدادي، بفعل ارتفاع تكاليف الاستثمار في هذا السلك، وهذه الوضعية تربك، أحيانا، الخريطة التربوية على مستوى النيابات الإقليمية. وللحد من ظاهرة لجوء بعض المؤسسات إلى انتقاء التلاميد، تعمل وزارة التربية الوطنية، بتنسيق مع الجمعيات الممثلة لمؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي، على تعديل القانون المنظم للتعليم المدرسي الخصوصي لتضمينه بنودا تضمن للتلميذ حقه في مواصلة دراسته في نفس المؤسسة بعد انتقاله من سلك تعليمي إلى سلك آخر، إلى جانب اشتراط توفير كل مؤسسة راغبة في إضافة سلك التعليم الإعدادي طاقة استيعابية مناسبة لأعداد التلاميد الذين يتابعون فيها دراستهم في السنة السادسة من التعليم الإبتدائي المرشحين للالتحاق بالتعليم الإعدادي. - اقترح وزير التربية الوطنية التوظيف في التعليم المدرسي الخصوصي من أجل امتصاص البطالة لكنه قوبل بالرفض، ما رأيك؟ أظن أن السؤال يحيل على مشاركة وزير التربية الوطنية في أحد البرامج الحوارية في قناة «ميدي 1 سات»، فحديث الوزير عن هذا الموضوع يستند إلى حرصه على مواكبة القطاع ومصاحبته من أجل التوفر على هيئة قارة للتدريس. وللإشارة فإن قطاع التعليم المدرسي الخصوصي يوفر إمكانات هامة لخلق فرص مناسبة للشغل لفائدة الشباب حاملي الشهادات، حيث يشغل حاليا أكثر من 61.535 مُدرّسة ومدرّساً، جلهم من خريجي الجامعات المغربية. وإذا أخدنا بعين الاعتبار النمو السنوي للقطاع، فإن عدد هؤلاء المُدرّسين يكون مرشحا للارتفاع في السنوات القادمة. وبطبيعة الحال، فإن الشباب حاملي الشهادات هم المعنيون أكثر بهذه المناصب. وفي هذا الإطار، تم التوقيع على اتفاقية شراكة بين وزارتي التربية الوطنية والتشغيل والتكوين المهني والوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات والجمعيات الممثلة لمؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي، يتم بموجبها تمكين الشباب حاملي الشهادات من تكوين بيداغوجي ملائم يُخوّل لهم العمل كمدرّسين ومُدرّسات في مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي، وهذا المشروع هو قيد التنفيذ حاليا، حيث يستفيد عدد هام من هؤلاء الشباب من دورات تكوينية تمتد إلى 400 ساعة، يلتحقون بعد انتهائها بمؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي للاشتغال فيها كمدرّسين. وقد لقيت هذه التجربة نجاحا كبيرا وإقبالا مهمّاً من جانب الشباب حاملي الشهادات إلى درجة أن الطلبات فاقت الأماكن المتوفرة، وهناك تفكير جدي في الرفع، مستقبلا، من أعداد الشباب المستفيدين من هذه الدورات التكوينية.