يعمل تنظيم الدولة الإسلامية على ذبح الحضارة على مرأى من العالم، وذلك بتدميره لآثار عديدة، تعد إرثا عالميا غنيا بثقافة الحضارات التي توالت عبر الزمن، في المناطق التي ينشط فيها، وإثر هذا فقد ارتبطت سيطرة «داعش» على المناطق الأثرية بتدمير تلك الآثار بالدرجة الأولى. فعقب سيطرة مسلحي التنظيم على مدينة تدمر وسط سوريا، قام عناصره بتفخيخ معبد "بعل شمين"، أهم موقع أثري بالمنطقة، الأحد الماضي، بكمية كبيرة من المتفجرات قبل أن يتم تفجيره، حسب تصريح "مأمون عبد الكريم" المدير العام للآثار والمتاحف السورية، مضيفا أن التفجير أدى إلى دمار جزء كبير من المعبد وانهيار الأعمدة المحيطة به. إذ يعود تاريخ بناء المعبد إلى العام 17م. وتم توسيعه على يد امبراطور الرومان «هادريان» سنة 130م، حيث يعد من أحد الكنوز الأثرية العالمية. هذا، وقد تم اغتيال المدير السابق للآثار بمدينة تدمر «خالد الأسعد»، البالغ من العمر 82عاما، قبل حوالي أسبوع بوحشية، حيث قام التنظيم بفصل رأسه جسده. وقد شغل المشهود له قيد حياته منصب مدير آثار لمدة أربعين سنة، وكان أحد أهم الخبراء في عالم الآثار، حيث كان يتقن التحدث وقراءة اللغة التدميرية، فكان يُستعان به في استعادة التماثيل المسروقة لمعرفة ما إذا كانت أصلية أم مزورة. بالإضافة إلى ذلك، فقد لاقت عملية مقتل «خالد الأسعد» ذبحا على يد عناصر تنظيم الدولة الإسلامية، ردودا غاضبة سورية ودولية. وقالت مدير الثقافة والعلوم اليونيسكو التابعة للأمم المتحدة ?إيرينا بوكوفا- إنها حزينة وغاضبة وتدين هذه الجريمة البشعة. وأضافت "أنهم قتلوا الأسعد لأنه رفض خيانة نشاطه القوي من أجل حماية آثار تدمر». أما في مدينة القريتين في ريف حمص، فقد هدم تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، ديرا مسيحيا تاريخيا بعد سيطرته على المنطقة قبل أزيد أسبوعين. واستخدم التنظيم الجرافات في تدمير دير «مار اليان» بحجة أنه يعبد من غير الله. ومن جهته أكد المرصد الآشوري لحقوق الإنسان، هدم التنظيم للدير التاريخي التابع للسريان الكاثوليك، والذي يعود زمن بنائه إلى القرن الخامس ميلادي. و أتى هدم الدير بعد سيطرة التنظيم على مدينة القريتين، وخطفه 230 مدنيا من سكانها بينهم 60 مسيحيا، أفرج عن 48 منهم في حين ظل مصير رئيس الدير الأب "جاك مراد" مجهولا منذ اختطافه في 27 ماي الماضي. أما في العراق، فقد نشر التنظيم مقاطع فيديو على الإنترنت، يوم 26 فبراير الماضي، لمسلحين يقومون بتدمير الآثار الآشورية التاريخية في متحف الموصل شمالي العراق. وقد ظهر في المقطع المصور مجموعة من الرجال الملتحين في المتحف وهم يستخدمون المطارق وأدوات الحفر لتدمير عدة تماثيل ضخمة، من بينها تمثال لثور آشوري مجنح يعود تاريخه إلى القرن التاسع قبل الميلاد. بالإضافة إلى تدمير العديد من الأضرحة. كما قام التنظيم المتطرف "داعش" بتجريف مدينة نمرود الآشورية الأثرية في شمال البلاد، وذلك بعد نحو أسبوع من نشره شريطا مصورا يؤرخ للحظة تدمير آثار متحف الموصل. وذكرت وزارة السياحة والآثار العراقية آنذاك في بيان لها على الصفحة الرسمية على «الفايسبوك»، إن مسلحي التنظيم قاموا بهدم المدينة باستخدام الآليات الثقيلة، مستبيحة بذلك المعالم الأثرية التي تعود إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد. وفي عملية أخرى، وسط مدينة الرمادي، 110 كم غرب العصمة بغداد، أشار عضو مجلس محافظة الأنبار "فرحان محمد" أن التنظيم قد نهب متحف الأنبار وأفرغه من محتواه تماما. وقال مدير المتحف الرمادي «محمد صالح العاني» أن المتحف كان يحتوي على أهم الكنوز الأثرية في العراق والتي يعود تاريخها إلى ما بين 5000 و 7000 آلاف عام.