تحولت ذكرى 20 غشت الى موعد سنوي يخاطب فيه الملك محمد السادس الشعب المغربي، والإعلان عن قرارات وقضايا كبرى تهم الوطن والمواطنين. ففي أول خطاب سنة1999 والذي تزامن مع رحيل الملك الحسن الثاني، وهو أول خطاب بالمناسبة يلقيه محمد السادس بصفته ملكا. وقد جاء الخطاب بحمولة قوية وشحنة للعمل ركزت أولى معالم تصور جلالة الملك لتصور جديد لمغرب جديد. وقد وصف الخطاب الملكي اللحظة بأنها تأتي " في غمرة مشاعر اللوعة والحزن التي ما زالت أثارها عميقة في نفوسنا جميعا لفقدان أبي الأمة والدنا العظيم جلالة الملك المغفور له مولانا الحسن الثاني طيب الله ثراه، تحل ذكرى ثورة الملك والشعب، هذه الثورة التي قادها بمعيتك في كفاح مرير لتحرير المغرب واسترجاع استقلاله جدنا المنعم مولانا محمد الخامس قدس الله روحه." وتطرق الخطاب الى الجانب الحقوقي بالإعلان عن" إقامة المؤسسات، وكذا على مستوى النصوص التي تحميها والإجراءات التي اتخذت لصالحها وما إلى ذلك مما يصعب حصره أو التمثيل له، وهو ما أهل المغرب لكي يعتلى يوقعا مرموقا بين الدول المتقدمة في هذا المضمار. واهتم الخطاب أيضا بالعالم القروي" إن تأمل هذا الواقع ليجعلنا نتساءل في ألم وحسرة؛ كيف يمكن تحقيق التنمية الشاملة، وعالمنا القروي يتخبط في مشاكل تضطر سكانه إلى التخلي عن الأرض التي جعلها الله ذلولا للاسترزاق منها، والهجرة إلى المدن في غيبة استراتيجية تنموية مندمجة قائمة على تنظيم الأنشطة الفلاحية وغيرها، والاهتمام بالسكن والتعليم، وتحسين مستوى التجهيزات الأساسية، والحد من الهجرة بوضع خطة تراعي النهوض بالجماعات القروية، وانشاء أقطاب جديدة لتنمية في المراكز المحيطة بالحواضر وكذا تدبير التقلبات غير المتوقعة كالجفاف وما إليه. وفي الذكرى الثانية سنة 2000، اهتم الخطاب الملكي بالإعلان عن اكتشاف النفط في المغرب وقال جلالة الملك في نفس الخطاب، وكم كنا نتمنى لو أن والدنا المقدس كان هو المبشر لك بهذا الاكتشاف لما كان له -رحمه الله- من سهر على مصالحك العليا ومن سعى إلى كل ما يفرحك ويسعدك، وما كان له من نظرة بعيدة ومن حرص على أن يدخل المغرب الألفية الثالثة وهو مؤهل لمواكبة التحولات العالمية الجديدة والمساهمة الفاعلة فيها. إننا ونحن نزف إليك هذه البشرى حامدين الله على عنايته بهذا البلد الأمين، لنحرص شعبي العزيز على أن نؤكد أن اكتشافنا للنفط بقدر ما يعني تحول المغرب من بلد مستورد لجميع حاجياته منه إلى بلد تزخر أرضه المعطاء بهذه المادة الحيوية، فإنه لا يعني بتاتا تحول المغرب إلى بلد بترولي ذي اقتصاد ريعي مورده الأساسي والأوحد هو ثروته النفطية. وفي سنة 2001 دعا جلالة الملك" الى رفع تحدي محاربة السكن غير اللائق والسكن العشوائي، لما لهما من عواقب وخيمة على توازن النسيج الاجتماعي وسلامة بيئتنا وعلى الجهود التنموية للمغرب? وقال جلالته في خطابه بمناسبة الذكرى 48 لثورة الملك والشعب وعيد الشباب، إن أربعة ملايين نسمة تقيم بالسكن الصفيحي والعشوائي، مؤكدا أنه "إذا استمر ارتفاع وتيرة السكن غير اللائق بنحو أربعين ألف وحدة سكنية في كل سنة، أي بنسبة 40% مما يبنى على الصعيد الوطني، فإن من شأن ذلك أن ينذر بأشد العواقب على توازن نسيجنا الاجتماعي". ودعا جلالة الملك إلى ضرورة التطبيق الصارم للقانون حتى لا يتم تحريف اختصاصات الجماعات المحلية وتحويل الاستحقاقات المقبلة إلى "أداة زبونية وانتخابوية لجلب الأصوات بمنح رخص غير قانونية أو بالتشجيع الضمني للسكن غير اللائق". وفي الذكرى 49 كان الخطاب موجها للنخب السياسية والنقابيين حيث قال جلالته " نريد مشهدا سياسيا سليما لا مكان فيه لمن يركب مطية الديمقراطية لمصادرتها، إذ لا ديمقراطية لغير الديمقراطيين. واعتبر الخطاب أن "النقابات العمالية مدعوة للتشبع بثقافة اجتماعية جديدة تقوم على الحفاظ على مناصب الشغل وتقوية الإنتاجية". وتحدث الخطاب عن الانتخابات القادمة وانتظارات جميع المغاربة منها، كما أكد على التزام السلطات العمومية بتطبيق القانون بصرامة، تحصينا لنزاهة الانتخابات. ومن جهة أخرى، أكد جلالة الملك على ضرورة تأهيل الديبلوماسية المغربية لكي تعمل على حسن استثمار التقدم الديمقراطي لبلدنا وجلب الاستثمارات... وتزامنت الذكرى الخمسين سنة 2003 مع قرب انتهاء اللجنة الاستشارية المكلفة بمراجعة مدونة الأحوال الشخصية . وبخصوص الصحراء المغربية أكد جلالة الملك أنه "لا مساومة على قضية الصحراء المغربية وأن المملكة تظل منفتحة على كل حوار بناء وصريح لحل هذا النزاع المفتعل في اطار الحفاظ على وحدتها الترابية". وقال جلالة الملك في خطاب بمناسبة الذكرى الخمسين لثورة الملك والشعب "يظل المغرب منفتحا على كل حوار بناء وصريح" لحل هذا النزاع المفتعل " في اطار الحفاظ على وحدتنا الترابية وسيادتنا الوطنية التي لن نقبل أبدا وأقول أبدا أي مساومة عليها"". وأعلن جلالته أنه أصدر تعليماته السامية الى اللجنة الاستشارية المكلفة بمراجعة مدونة الأحوال الشخصية كي تنهي أعمالها خلال شهر شتنبر المقبل، وترفع الى جلالته حصيلة أشغالها، وأنه سيتولى بصفته أميرا للمؤمنين والممثل الأسمى للأمة اطلاع الشعب المغربي في مناسبة قريبة بما استقر عليه نظر جلالته في شأن مشروع المراجعة الشاملة للمدونة الجديدة للأسرة. وانسجاما مع التحاليل الاقتصادية والوضعية الصعبة، أعلن جلالة الملك عن عدة قرارات تهم تخفيف العبء عن الاسر المغربية بمناسبة الدخول المدرسي. وجاء في الخطاب "يأتي خطابنا لك هذه السنة، في ظرفية اقتصادية دولية لا مسبوقة، ويتزامن مع فترة مطبوعة بتحمل الأسر المعوزة لمصاريف إضافية ناجمة عن متطلبات شهر رمضان المبارك، ومستلزمات الدخول المدرسي، تلقي بإكراهاتها على القدرة الشرائية للمواطنين. لذا، ارتأينا أن يكون حديثنا لك اليوم، محطة لتأكيد إرادتنا لتخفيف أعبائها، عن الفئات الأكثر احتياجا، ضمن توجه تضامني، يقوم على دعم البعد الاجتماعي للإصلاحات العميقة، في عدة قطاعات أساسية ذات الصلة المباشرة بالحياة اليومية للمواطن، وذلك تفعيلا للتوجهات، التي تضمنها خطاب العرش الأخير. ويأتي التعليم في صدارة هذه الإصلاحات، التي نوليها فائق عنايتنا". وفي هذا الصدد، يضيف جلالة الملك " ارتأينا أن نبادر لإطلاق عملية وطنية، تهدف إلى إعطاء دفعة قوية لتعميم وإلزامية التعليم الأساسي، ضمانا لتكافؤ الفرص، ومحاربة للانقطاع عن الدراسة. ويتمثل ذلك في منح الكتب والأدوات المدرسية، لمليون طفل محتاج، غايتنا دعم الأسر المعوزة، في مواجهتها لتكاليف الدخول المدرسي المقبل." وفي أول خطاب بعد الدستور الجديد للملكة، توجه جلالة الملك مرة أخرى للنخب الحزبية في كل ما يهم الانتخابات. وجاء في الخطاب " كما أن ترسيخ مناخ الثقة في الانتخابات المقبلة، لا يقتصر فقط على التوافق بشأن الإعداد الجيد لها ; وإنما يقتضي، قبل كل شيء، من كل الفاعلين السياسيين، التحلي بالوضوح في المواقف الملتزمة بتعزيز مصداقيتها، ونبذ الأحكام المسبقة على نتائج الانتخابات قبل إجرائها، والقطع مع التشكيك السياسوي فيها، الذي لا يخدم سوى أعداء الديمقراطية، ونزوعات السلبية والعدمية.. وأكد الخطاب أن السلطات "يتعين عليها التصدي الحازم لكل الخروقات، ومحاربة استعمال المال وشراء الأصوات لإفساد الانتخابات، واستغلال النفوذ، أو التوظيف المغرض للدين وللمقدسات في المعارك الانتخابية».