ناقش باحثون ومهنيون ومختصون في قضايا المسرح وإشكالاته مضامين قانون الفنان الجديد، الذي يوجد في طور الإعداد، وما يتضمنه من مقتضيات تصب جميعها في تحسين وضعية الفنان المغربي المادية والاعتبارية والنهوض بالمجال الفني بصفة عامة . وحاول المتدخلون خلال المحور المخصص ل "قانون الفنان .. نحو مراجعة جذرية" ضمن الندوة المركزية "نحو مأسسة المسرح المغربي"، التي نظمت في إطار مهرجان فاس الدولي للمسرح الاحترافي في نسخته العاشرة، تفكيك السياقات العامة والخاصة التي واكبت مرحلة إعداد مشروع هذا القانون والتحولات التي فرضت التغيير، وكذا الآفاق الواعدة التي يفتحها هذا المشروع في مجال الهيكلة التنظيمية للقطاع ورد الاعتبار للفنان المساهم في النهوض بمختلف التعابير الفنية والإبداعية . واعتبر عبد الحكيم قرمان، ممثل وزارة الثقافة، أن التحولات التي شهدها المغرب في المجال الفني وغيره من المجالات الأخرى فرضت إعداد مشروع قانون جديد للفنان يعوض ذاك الذي تم اعتماده سنة 2003 والذي شكل في إبانه قفزة نوعية في ميدان إعادة هيكلة وتنظيم الميدان الفني . وأكد أن مشروع القانون الحالي، الذي يوجد في طور الإعداد وفق مقاربة تشاركية يساهم فيها جميع المتدخلين والمعنيين من وزارة وهيئات نقابية وفنانين، يستوعب في العمق كل التحولات والمتغيرات التي عاشها المغرب خلال أزيد من عقد، كما يتمثل الروح الجديدة التي تضمنها دستور 2011 الذي أعطى إشارات قوية ودالة في المجال الثقافي إلى جانب فتحه لآفاق جديدة وواسعة لمستقبل الفنان المغربي . واستعرض مختلف اللقاءات والندوات التي شارك فيها كل المتدخلين في المجال الفني والتي خصصت لبحث ودراسة أنجع التصورات لإخراج نص قانوني للمهن الفنية يستوعب كل المتغيرات التي طرأت على الساحة الفنية الوطنية والدولية، مشيرا إلى أن مشروع القانون الجديد الذي تم إعداده أخذ طريقه الآن نحو المصادقة، وهو يلبي في الغالب الأعم أغلب طموحات وتطلعات الفنانين لأنه يتضمن التزامات كل الأطراف المعنية اتجاه الفن والإبداع والثقافة. وأشار إلى أن هذا القانون الجديد تضمن اجتهادات غير مسبوقة تستهدف بالخصوص تنظيم الحقل الفني ومأسسة العلاقات وعقلنة الممارسات مع طرح مقترحات للنهوض بالمهن الفنية وتطويرها وتحسين وضعية الفنان المادية والاعتبارية وضوابط الاشتغال وغيرها . ومن جهته، أكد مسعود بوحسين، رئيس النقابة المغربية لمحترفي المسرح، أن العمل الفني الذي يندرج في إطار الأعمال ذات الخصوصية يحتاج إلى قانون خاص ومتفرد باعتبار أن الاشتغال في المجال الفني يصعب تنميطه كباقي الأعمال الأخرى التي تشمل عدة قطاعات . واعتبر بوحسين أن خصوصية العمل الفني تفرض على القانون أن يلائم مقتضياته مع هذه الخصوصية لا العكس، على اعتبار أن العمل الفني هو نمط مغاير لكل الأعمال الأخرى وبالتالي يحتاج إلى قانون خاص . وأكد أن هذه الخصوصية التي تميز العمل الفني في مختلف التعابير الإبداعية والفنية تفرض على رجال القانون أن يعيدوا النظر في العديد من المقتضيات التي قد تسري على أنماط عمل أخرى، وذلك حتى تتلاءم مع طبيعة العمل الفني . وقال إن هذه الإشكالية ليست مشكلة مغربية فقط بل هي دولية عانت منها العديد من المجتمعات التي استطاع بعضها تكييف المقتضيات القانونية المعتمدة لديه لتتلاءم مع خصوصية المجال الفني، مستعرضا مختلف الإشكالات التي يطرحها العمل الفني من الناحية القانونية . وأشار إلى أنه ورغم إعادة هيكلة القطاع الفني وتنظيمه وإخراج قانون جديد للفنان، فإن وضعية القطاع ستبقى ضبابية إذا لم يتم اعتماد الاتفاقيات الجماعية في مجال التنظيم باعتبارها الآلية الملائمة للنهوض بالمجال الفني وتنظيمه . هذا وتواصلت فعاليات الندوة المركزية لمهرجان فاس الدولي للمسرح الاحترافي "نحو مأسسة المسرح الاحترافي" بتنظيم جلسات أطرها ويؤطرها باحثون ونقاد وأكاديميون وفاعلون في الميدان الفني تبحث مجموعة من المحاور من بينها "الدعم المسرحي ورهان التوطين" و"المكتب المغربي لحقوق المؤلف .. أي أفق للإصلاح" و"سؤال الإنتاج الدرامي التلفزيوني" و"موقع الفنان في المنظومة القانونية للصناعة السينماتوغرافية" وغيرها . يشار إلى أن الدورة العاشرة لمهرجان فاس الدولي للمسرح الاحترافي، التي تحمل اسم الفنان محمد الدرهم، تتضمن إلى جانب الندوات الفكرية تقديم عروض فنية لمجموعة من الأعمال المسرحية من المغرب وبعض الدول العربية التي تتبارى لنيل جوائز المهرجان (برج النور) . وتشارك في هذه الدورة إلى جانب فرق مسرحية مغربية فرقتان مسرحيتان، الأولى من مصر هي "فرقة استوديو البروفة " التي تشارك بمسرحية (1980 وانت طالع) والثانية هي "فرقة مسرح البهجة" من الجزائر التي تشارك بعملها المسرحي (راحلة?. وتتكون لجنة تحكيم المسابقة الرسمية للمهرجان، التي يرأسها الباحث يونس الوليدي، من كل من كريمة بنميمون وسعيد أيت باجة، بالإضافة إلى إسماعيل إبراهيم مشهد الجبوري من العراق.