ظهرت على سطح الأحداث السياسية مؤخرا، فضائح سياسيين مع أبنائهم، والتي يطلق عليها في أدبياتهم الدعوية وفي لقاءاتهم التأطيرية، حزبية كانت أو دعوية، العقوق والعصيان أو العنف ضد الأصول مع التهديد بارتكاب جناية. فهل يمكن أن نحمل المسؤولين السياسيين مسؤولية أخطاء أبنائهم بعد أن يصبحوا في موقع المسؤولية؟وهل فعلا "يؤخذ الابن بجريرة أبيه"؟ نحاول أن نسلط الضوء على هذا الموضوع " الأخلاقي"، خاصة أن "الأخلاق الحميدة" هي العملة التي تروج لها بتبجح قياداتُ العدالة والتنمية وجناحها الدعوي، حركة الاصلاح والتوحيد، في جميع لقاءاتها وتجمعاتها، ذلك أنهم يروجون لخطاب الطهرانية والبكارة الاخلاقية التي يعتبرون أنها تخضهم وحدهم وأنها ماركة مسجلة باسمهم في حين يكيلون السب والتهم لجميع الاحزاب السياسية ولبعض الفاعلين الجمعويين والمجتمع النسائي ... اضطر نائب حركة التوحيد والاصلاح، الجناح الدعوي لحزب العدالة والتنمية عمر بنحماد الى خروج بتوضيح يخص محاولة التحاق ابنه ب"داعش"، وقال: "في يوم من الأيام، غادر ابني المهدي بنحماد البيت. واتصل بي بعد ذلك. ليقول بأنه وصل الجزائر. فاتصلت بالمصالح الأمنية وأخبرتهم بوضعه وبما فعلت معه، ووعدوا بالتحرك للبحث عنه. وبعد حوالي أسبوع، اتصل بي ليخبرني أنه معتقل في الجزائر وأنه بحاجة لوثائق تثبت هويته وبعدها اتصلت القنصلية المغربية من الجزائر العاصمة وطلبوا مني نفس الوثائق وقمت بإرسال ما طلبوا. واتصلت مجددا بالمصالح الأمنية وأخبرتهم بالمعطيات الجديدة. وبعد أيام اتصلت بي الفرقة الوطنية لتخبرني بأن المهدي موضوع رهن الاعتقال ". بهذا التوضيح من القيادي في حركة الاصلاح والتوحيد عمر بنحماد علق على حالة ابنه المهدي الذي حكم عليه بأربع سنوات حبسا نافذا على خلفية محاولته الالتحاق بالتنظيم الدولة الاسلامية بالعراق والشام " داعش " . وكانت قد أصدرت غرفة الجنايات المتخصصة في قضايا الإرهاب التابعة لمحكمة الاستئناف بمدينة سلا، حكما بأربع سنوات حبسا نافذا في حق المهدي بنحماد، نجل عمر بنحماد، نائب رئيس حركة التوحيد والإصلاح الذراع الدعوية لحزب العدالة والتنمية، وذلك على خلفية محاولته الالتحاق بتنظيم »داعش«، حيث جرى اعتقاله أواسط شهر مارس الماضي على الحدود المغربية- الجزائرية محاولا التسلل إلى الأراضي الليبية0 وكشفت التحقيقات التي باشرتها عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية مع نجل القيادي بالتوحيد والإصلاح، أنه متشبع بالفكر الجهادي المتطرف، وأنه كان يحاول التوجه إلى ليبيا وسوريا للانضمام إلى الجماعات المسلحة التابعة لما يسمى »تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام«، المعروف اختصارا ب"»داعش"«، وتم اعتقاله من طرف السلطات الجزائرية فوق التراب الجزائري محاولا الالتحاق بصفوف تنظيمات مسلحة تابعة ل"»داعش"« تنشط فوق التراب الليبي قبل التوجه إلى سوريا، وسلمته السلطات الجزائرية إلى نظيرتها المغربية يوم 16 مارس الماضي عبر النقطة الحدودية »زوج بغال« بضواحي مدينة وجدة، حيث تم إيداعه السجن المحلي الزاكي بمدينة سلا، قبل إحالته على قاضي التحقيق المختص بقضايا الإرهاب0 هذا الحدث الذي تصدرته المنابر الاعلامية، اضطر معه والده عمر بنحماد إلى نشر توضيح عن الحدث ومحاولة شرح ما جرى لابنه حيث وضح في موقع حركة الاصلاح والتوحيد يوم الاثنين الماضي ما يلي " المهدي من مواليد 22 يوليوز 1992 يتابع دراسته بكلية الآداب شعبة الدراسات الإسلامية، الذي أصابه هو ما أصاب عشرات الشباب لشبهات متعددة نجتهد وسعنا في دفعها وتبصيرهم بفسادها، فنفلح في ترشيد العديد منهم ونواصل حوارنا مع الباقين، وقد كنت مع ابني في حوار دائم. وجدت عنده يوما جواز السفر الذي استخرجه من المصالح المختصة دون علمي فسحبته منه، وأخبرني أنه يرغب في السفر ككل الناس، وكنت أخشى عليه السفر خارج المغرب. وفي يوم من الأيام غادر البيت واتصل بعد ذلك ليقول بأنه وصل الجزائر، فاتصلت بالمصالح الأمنية وأخبرتهم بوضعه وبما فعلت معه، ووعدوا بالتحرك للبحث عنه. وبعد حوالي أسبوع اتصل بي ليخبرني أنه معتقل في الجزائر وأنه بحاجة لوثائق تثبت هويته وبعدها اتصلت القنصلية المغربية من الجزائر العاصمة وطلبوا مني نفس الوثائق وقمت بإرسال ما طلبوا. واتصلت مجددا بالمصالح الأمنية وأخبرتهم بالمعطيات الجديدة. وبعد أيام اتصلت بي الفرقة الوطنية لتخبرني بان المهدي موضوع رهن الاعتقال، لنعلم بعد أنه أحيل على سجن سلا2 فوكلت أحد المحامين لمتابعة الملف. والمهدي كان ينفي دائما أي صلة له ب"داعش" ويتبرأ من جرائمها، ويعد نفسه طالبا مبتدئا باحثا عن الحقيقة، وانه لم يكن عضوا في أي تنظيم. وقد زرته في السجن، ووجدته على نفس ما كان يصرح به. وقد فوجئت بالأحكام القاسية التي صدرت في حقه، وبالتهم التي وجهت إليه وهذا الأمر يتابعه المحامي فإن أنصفه القضاء فليس أول المنصفين. والله أسأل ونحن في العشر الأواخر من رمضان أن يحفظه وسائر أبناء المسلمين من كل سوء، والحمد لله رب العالمين". بنكيران يتدخل لابنه للحصول على منحة دراسية بفرنسا فضيحة مُدوية أخرى، لحزب "العدالة والتنمية". وهذه المرة لأمينه العام ورئيس الحكومة عبد الاله بنكيران. فقد نشرت يومية "الأخبار" بالوثائق، كيف تدخل رئيس الحكومة، لابنه "رضوان"، الذي يُتابع دراسته باحدى أرقى المدارس التجارية بباريس، للحصول على منحة بقيمة خمسة آلاف درهم شهرياً. ورغم أن 500 يورو شهرياً ليست بالمبلغ الذي يُمكن طالبا بالعاصمة الفرنسية من تلبية حاجياته الدراسية واليومية، فإن الانتقادات تتوجه لرئيس الحكومة الذي يدعي "الشفافية وخدمة الفقراء" كيف سمح لنفسه بالاستفادة من خمسة آلاف درهم شهرياً لابنه، في الوقت الذي يوجد عشرات أبناء الفقراء المتفوقين ليس لهم حظ الحصول على المنحة لمتابعة دراستهم بالخارج. وتُضيف "الأخبار" أن "رضوان بنكيران" كان يُتابع دراسته ب"ليسي ديكارت" بالرباط ،حيث كان والده يدفع للمؤسسة الفرنسية سبعة ملايين سنتيم سنوياً من أجل تدريس ابنه، قبل انتقاله الى فرنسا والضغط على "الداودي" لمنحه أقصى مبلغ للطلبة المستفيدين من المنح خارج أرض الوطن. وحسب "الأخبار" كشفت دعوى قضائية رفعها مجموعة من آباء وأولياء طلبة مغاربة يتابعون دراستهم بالمدارس العليا الفرنسية أمام المحكمة الإدارية بالرباط ضد وزارة التربية الوطنية، وجود اسم رضوان بنكيران نجل رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران ضمن لائحة الطلبة المحظوظين المستفيدين من منحة الاستحقاق التي خصصتها الحكومة المغربية سنة 2012 لفائدة الطلبة المسجلين بكبريات المعاهد والمدارس الفرنسية المتخصصة في الهندسة والتجارة. جامع المعتصم مدير ديوان رئيس الحكومة مهدد بالاغتيال من طرف ابنه حدث آخر تصدر وسائل الاعلام المغربية والمتعلقة بالقيادي في العدالة والتنمية ورئيس ديوان رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران حيث تقدم جامع المعتصم بشكاية لدى أمن مولاي رشيد بالدارالبيضاء ضد ابنه سعد الدين وذلك يوم 28 يونيو من الشهر الماضي ، يتهم فيها ابنه سعد الدين المعتصم بتعنيفه وتهديده بالقتل . هذا الحدث الأسري بين الابن والاب قررت فيه المحكمة الابتدائية بالدارالبيضاء متابعة سعد الدين المعتصم في حالة اعتقال بعد الشكاية التي وضعها ضده والده جامع المعتصم مدير ديوان رئيس الحكومة، لدى أمن مولاي رشيد بالدارالبيضاء، وعلى إثرها تم توقيفه يوم 28 يونيو الماضي. واستمعت المحكمة لجامع المعتصم بصفته المشتكي، حيث أكد أنه يلبي الطلبات والحاجيات اليومية لابنه العاطل عن العمل ويمنحه ما يقارب 150 درهم يوميا، مضيفا أن ابنه هدده بالتصفية الجسدية بعدما عاتبه على الطريقة التي يطلب بها الأموال من عمته و زوجها اللذين يقطن لديهما حاليا بالدارالبيضاء، مما جعل ابنه يعترف بكل ما اتهمه به والده. وقد قرر نائب وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالدارالبيضاء متابعة سعد الدين المعتصم في حالة اعتقال بتهمة "العنف والتهديد بالقتل" وتم إيداعه سجن عكاشة. وحسب معارفه، فسعد الدين المعتصم معروف بسوء سلوكه وتعاطيه المفرط للمخدرات ومعروف لدى جيرانه وزملائه بمعاملته القاسية لوالديه. وكانت المحكمة الابتدائية بالدارالبيضاء، قد قضت بإدانة سعد الدين المعتصم (25 سنة)، ابن جامع المعتصم، مدير ديوان رئيس الحكومة، بشهرين حبسا موقوفي التنفيذ وغرامة مالية قدرها 500 درهم، وذلك على خلفية متابعته بالعنف ضد الأصول والتهديد بارتكاب جناية. وترجع متابعة ابن المعتصم إلى الشكاية التي قدمها والده جامع، بعدما عجز عن تحمل تصرفات ابنه حسب إدعائه التي فاقت الحدود، حيث وصل الأمر إلى التهديد بالقتل، مما دفع بجامع إلى التصعيد معه ،الشيء الذي لم يتقبله الابن فلجأ إلى تهديد والده بالقتل. وحسب بعض المصادر، فقد تأكد أن جهات حزبية تدخلت لثني جامع عن موقفه بمتابعة ابنه، لأن ذلك سبب للحزب ضررا حيث أصبح هذا الحدث مصدر تعليقات كثيرة على صفحات التواصل الاجتماعي، ولقد تمكنوا من ذلك وقدم جامع التنازل واستفاد ابنه من الحكم المخفف وغادر سجن عكاشة مخلفا ضجة إعلامية. فوز ابن محمد يتيم بجائزة "البوكر" ضجة أخرى صاحبت فوز صلاح الدين يتيم عضو الأمانة لحزب العدالة والتنمية والنائب البرلماني وزعيم النقابي للاتحاد الوطني للشغل ، بمسابقة في لعبة البوكر بمبلغ 50 مليون والتي لها علاقة بألعاب الحظ والقمار . واعتبر محمد يتيم البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، فوز ابنه صلاح الدين يتيم، بمبلغ 50 مليون سنتيم في لعبة البوكر، بكازينو السعدي بمدينة مراكش، أمرا شخصيا يهم ابنه ولا يهمه ! وأوضح يتيم أن ابنه ليس عضوا في حزب العدالة والتنمية ولا يمارس السياسة، وأن ما قام به يخصه وحده ولا يهم الحزب. وشدد يتيم الذي بدا ممتعضا من نشر هذه الأخبار عنه، وربطها به، على أن البعض حاول تسييس القضية لقضاء مآرب سياسية محضة، معتبر أن البوكر ليس من ألعاب الميسر التي يحرمها الاسلام، وذلك بعد فوز ابنه باللعبة في مسابقة عالمية نظمت على المستوى الوطني، مما اثار جدلا واسعا. وقال محمد يتيم عضو الامانة العامة لحزب العدالة والتنمية "البعض يحرم هذه المسابقات لأنهم يعتبرونها قمارا، فيما هي غير محرمة قانونيا، وشرعيا فيها نظر". وقال إن البوكر مثلها مثل أي مسابقة تلفزيونية اخرى يفوز فيها المشارك بمبلغ نقدي. واضاف "ليست لي أي وصاية على ابني البالغ من العمر 34 عاما"، معربا عن أسفه لاقحام اسم الحزب في هذه المسألة. ودار جدل في وسائل الاعلام وشبكات التواصل الاجتماعي بعد أن حل صلاح الدين يتيم ثالثا في المسابقة الدولية للعبة البوكر على المستوى الوطني لسنة 2014 وحصل على جائزة توازي قيمتها 45 الف يورو. من جهته، قال صلاح الدين يتيم إن هدفه لم يكن كسب المال وإنما " اختبار مهاراتي وقدراتي العقلية"، مؤكدا أن المشاركة هي حرية شخصية. و"إذا كان ما قمت به حراما، فقد دفعت الثمن ونلت العقاب، وأعتقد أنه أشد من عقاب الله"، هكذا علق صلاح الدين يتيم، ابن قيادي "البيجيدي" وأمين عام ذراعه النقابي، محمد يتيم، على الضجة/العقاب التي أثارها فوزه بمبلغ 500 ألف درهم، في دوري للبوكر نظم مؤخرا في مدينة مراكش. وكشف صلاح الدين يتيم، في مقابلة مع موقع Le360، أنه لا يدري ما إن كان فوزه بجائزة البوكر حراما أم حلالا، وأنه لم يسبق له أن أفتى في هذا الأمر، لكنه دافع عن قانونية اللعبة، قائلا: "إنها لعبة تنافسية، تعتمد على التحليل النفسي ودراسة الاحتمالات، وليس الحظ وحده، فالحظ مطلوب في كل الرياضات، وإلا ما معنى أن يقتصر الصراع في كبرى الدوريات العالمية على خمسة أو ستة أسماء معينة، يتكرر فوزها غالبا، فهل مثلا تكرر ولو لمرة واحدة فوز أحد باللوطو. وأبدى الشاب، ذو 34 سنة، الذي يشتغل مسير شركة للمحاسبة، استغرابه من التركيز على فوزه، دون المغربيين اللذين فازا معه في دوريWPT بمراكش، وقال معلقا "المغربيان اللذان فازا معي مسلمان أيضا، فلماذا يتيم وحده، وهو الذي احتل المرتبة الثالثة؟". مصطفى الرميد واختطاف ابنته القيادي الأخر الذي عرفت قضيته ضجة كبرى في المغرب وخارجه هي اتهام مصطفى الرميد عضو الأمانة العامة للعدالة والتنمية باختطاف تعرضت لها ابنته حيث ندد حزب العدالة والتنمية بعملية الاختطاف التي تعرضت لها ابنة قيادي بارز في صفوفه داعيا الجهات الأمنية إلى تكثيف تحرياتها من أجل الوقوف على جميع الملابسات والدوافع وكذا الظروف المحيطة بهذه العملية. الا ان القضية ستأخذ منحى أخر حيث خرج مصطفى الرميد أحد أبرز قياديي حزب العدالة والتنمية أخيرا عن صمته بخصوص قضية اختفاء ابنته التي تداولتها الصحف المحلية والأجنبية ليوضح أن القضية لا تتعلق بعملية اختطاف بل بمحاولة شخصية للهرب من البيت. وفند الرميد في بيان اليوم ما كتبته صحيفة "إلموندو" الاسبانية حول تعرض ابنته لعملية اختطاف وعن احتمال وقوف السلطات المغربية وراء هذه العملية. وأوضح أنه "بعد التحريات التي قامت بها الأجهزة المختصة، وأنا شخصيا، تأكد لي انه لم تكن هناك عملية اختطاف وان ابنتي سافرت وحدها إلى مدينة مراكش بسبب حالة نفسية عابرة". ولم يوضح الرميد الأسباب الكامنة وراء إقدام ابنته على الهرب واكتفى بالقول إنها تمر بصعوبات نفسية عابرة، وأضاف أنها "رجعت بحمد الله إلى البيت دون أن يمسها أي أذى". من جهته، نفى الوكيل العام في محكمة الاستئناف في الدارالبيضاء في بيان نقلته وكالة الأنباء المغربية ما تردد من أنباء في الصحف المحلية حول "اختطاف" ابنة مصطفى الرميد موضحا أن الأمر "لا يتعلق بعملية اختطاف وأن المعنية بالأمر عقدت العزم على مغادرة بيت والديها من تلقاء نفسها". وأضاف البيان أن "الأبحاث المكثفة والفورية التي قامت بها السلطات والاستماع إلى صديقات المعنية بالأمر اللائي كن يرافقنها لحظة اختفائها" أفضت إلى أن ابنة الرميد "عقدت العزم على مغادرة بيت والديها من تلقاء نفسها بعد أن راودتها هذه الفكرة منذ أسبوع". وأشار إلى أن الفتاة غادرت الثانوية التي تدرس بها في تاريخ غيابها عن البيت في الساعة العاشرة صباحا واستقلت القطار المتوجه إلى مدينة مراكش ساعة بعد ذلك حيث أشعرت والدها بعد وصولها إلى مراكش أنها تعرضت لعملية اختطاف " . الدكتور محمد العمري: التربية تقوم على القدوة أكثر مما تقوم على الوعظ والإرشاد بعد تأمل وإعادة نظر، اقتنعتُ أن الخوض في موضوع المشاكل التي ثارت في السنوات الأخيرة بين بعض الزعماء الدينيين وبين أبنائهم صعبٌ جدا، وحرج جدا. لأنه يتعلق بمآس لا يَودُّ أي أب أو أم أن يعانيها مع فلذات الأكباد. فنحن كآباء ومثقفين لا يجوز لنا أن نخوض في مثل هذا الموضوع إلا من زاوية طرح السؤال على السوسيولوجيين ليُثبتوا بالإحصاء والمقارنة والتتبع التاريخي أن هناك ظاهرة تستحق التوقف والنظر والمعالجة. مرت بعض الحالات في الصفوف الأخرى الليبرالية، ولكنها كانت متباعدة، وغير فجة. قبل التوصيف السوسيولوجي سيكون الكلام من باب التخمين، والتساؤل. ومن الأسئلة التي تخطر على البال: هل يتداول المعنيون بالأمر في الموضوع كمجموعة يلاحظُ الآخرون سلوكها ويقيمونها كخيار سياسي على أساسه؟ ما العلاقة بين القدوة والتدبير؟ هل هناك علاقة بين الفشل (أو النجاح) في تدبير شؤون الأسرة الصغيرة وتدبير الشأن العام؟ هل هناك انشغال عن الأسرة بالشأن العام، أم أن المشكل في النموذج، أي في الانسجام بين الخطابين: بين الدعوة والممارسة؟ ومع ذلك، يمكن التداول في بعض الظواهر التي لا تحتاج لخبرة كبيرة. مثلا: أنا لا أفهم أن يكون ابن زعيم إسلامي عاجزا عن الحديث باللغة العربية. لماذا أحسم في هذه الحالة؟ لأن الأب يمكنه أن يغرسَ اللغة في السن الذي يكون الابن فيها مرنا طيعا بين يديه. هذا هو السبب الذي جعلني أرفض الاحتجاج بأن الأب غير مسؤول عن شخصية ابنه، وضرب المثل بابن نوح. صحيح أنه غير مسؤول عن خياراته الفكرية حين يصبح مؤهلا للاختيار، ولكنه مسؤول عن إعطائه إمكانيات الاختيار في الاتجاه الإنساني الحضاري العام. فأنا أقبل مثلا أن يصبح ابن الإسلامي المعتدل اشتراكيا أو العكس، ولكني لا أفهم أن يتحول ابن أي منهما إلى لص في سن مبكر، يقفز فوق الأسوار والسطوح، ويسرق مكاتب الشركات! هذا الأب فاشل! هناك خلل في مكان ما: التربية تقوم على القدوة الواضحة المنسجمة أكثر مما تقوم على الوعظ والإرشاد. وقد بينت في كتابي: عوائق الحوار ، أن من أسباب تعذر الحوار مع الدينيين ازدواجية الخطاب. وهي لاشك عائق تربوي".