شهد مجلس النواب، يوم الثلاثاء الأخير، أحداثا خطيرة، أدت إلى انسحاب المعارضة من لجنة العدل والتشريع، التي كانت مخصصة لتمرير قانونين تنظيميين، من الأهمية بمكان، يتعلقان بالمجلس الأعلى للقضاء والنظام الأساسي للقضاة، حيث أصر وزير العدل مصطفى الرميد، على خرق النظام الداخلي للمجلس والمقتضيات الدستورية لفرض وجهة نظره، متسلحا بأغلبيته العددية، التي تصرفت على شكل كتيبة. وقد بدأت الخروقات عندما أتى الوزير يوم أول أمس ب 56 تعديلا، مطالبا أعضاء اللجنة بمناقشتها والمصادقة عليها في حينه، دون تمكينهم من دراستها، علما بأن الفصول التي تعرضت لها التعديلات، تهم أكثر من 50 في المائة من المشروعين. وكان من الطبيعي أن يطلب أعضاء المعارضة بعض الوقت لدراسة التعديلات، غير أن الوزير رفض ذلك، وادعى أنها شكلية وتحظى بموافقة «الدوائر العليا»، في محاولة لترهيب النواب. واعتبرت المعارضة أن التعديلات جوهرية، وليست شكلية، خاصة وأن المادة 51 من مشروع القانون التنظيمي الخاص بالمجلس الأعلى للقضاء تعطي الحق لوزير العدل، للحضور التلقائي في أشغال المجلس وبإرادة منفردة منه، مما يطعن ويضرب في الصميم استقلالية هذا المجلس. وأمام هذا الوضع طالبت المعارضة برفع الجلسة لدراسة التعديلات، حيث أن الحكومة أتت بنص جديد، في شكل تعديلات، غير أن الوزير رفقة أغلبيته، تصرفوا بطريقة ترهيبية وتحقيرية، مع نواب المعارضة، ومع رئيس اللجنة، الدكتور الزردالي، الذي مارس حقه في رفع الجلسة للتشاور. وبعد استئنافها، تناسى الوزير صلاحياته، وعمل على منع رئيس اللجنة من أخذ الكلمة، علما بأن القانون يمنح الحق لرئيس اللجنة ليعطي الكلمة للوزير أو أن يطالبه بالسكوت، وحتى بالانسحاب. لكن الوزير خول لنفسه سلطة حكومية ونيابية في نفس الآن. وقد استعملت الأغلبية، رفقة الوزير، كل أساليب العنف اللفظي، في حق نواب المعارضة، أمام تواطؤ واضح من رئيس مجلس النواب، الطالبي العلمي، الذي خرج عن دوره الدستوري، كرئيس للأغلبية والمعارضة. وتنذر هذه الأحداث الخطيرة بأزمة جديدة في البرلمان، بسبب الاستهانة من طرف الحكومة والأغلبية بالمؤسسة التشريعية.