يعيش القطاع السياحي منذ بداية 2015 على إيقاع أزمة متفاقمة ألقت بتداعياتها على جميع الوجهات السياحية بالمملكة شمالا وجنوبا، وذلك بسبب نفور السياح من الاضطرابات السياسيةوالأمنية والحوادث الارهابية التي تعرفها منطقة شمال إفريقيا من مصر مرورا عبر ليبيا فتونس. و قد ازدادت هذه الظرفيةالعصيبة تعقيدا بعد الأحداث الدامية لفندق "إمبريال مرحبا" بمدينة سوسة التونسية ما أثر سلبا على وجهة الشريط الإقليمي ككل بما فيه المغرب الذي ، بالرغم من استقراره، يجد نفسه مكرها على دفع ثمن هذه الاضطرابات،حيث شهدت جميع مؤشراته السياحية خلال الفصلين الماضيين تراجعا حادا ، في حين تؤكد توقعات المندوبية السامية للتخطيط أن القطاع السياحي سيستمر في تراجعه للفصل الثالث على التوالي ليحقق انخفاضا يقدر ب 1,1 %، موازاة مع تراجع مداخيل الأسفار والمبيتات بنسب تقدر، ب 5,1 % و 8,3 %، على التوالي. وهو ما جعل وزير السياحة لحسن حداد يسارع نهاية الأسبوع إلى تطمين الأسواق المصدرة حول الوجهة المغربية. كما أن الحكومة أعلنت على لسان ناطقها الرسمي عن تخوفها من "حصول تراجع هذه السنة في تدفق السياح " مؤكدة أن "الوزارة الوصية انخرطت في عملية تقييم شاملة لتأثير هذه الأحداث الإقليمية على السياحة الوطنية ووضع برنامج استعجالي لمعالجة التداعيات السلبية واحتوائها". وتؤكد الإحصائيات الرسمية لوزارة السياحة أن عدد الوافدين على الأقاليم الشمالية من المغرب عرف خلال الشهور الخمسة الأولى من العام الجاري تراجعا بمعدل 7 في المائة بالمقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي. كما أن عدد ليالي المبيت يشهد من بداية السنة تراجعا حادا يعادل ناقص 14 في المائة حيث لم يتجاوز عدد الليالي التي قضاها السياح في المؤسسات الفندقية الوطنية طوال 5 أشهر 324 ألفا بدل 376 ألفا خلال الفترة ذاتها من الموسم السياحي 2014. وقد كان شهر أبريل هو الأسوأ على الإطلاق حيث سجل 70.5 ألاف ليلة مبيت عوض 91.5 ألاف ليلة مبيت المسجلة في أبريل من العام الماضي وهو ما يعني تراجعا بمعدل 23 في المائة. وكذلكعدد الوافدين على الفنادق المصنفة الذي بلغ إلى متم شهر ماي 2015 حوالي 167 ألف سائح بدل 189 ألفا خلال الفترة ذاتها من السنة الماضية أي بتراجع معدله 12 في المائة. ونفس المنحى التنازلي سجتله وجهة أكادير التي شهد النشاط السياحي بها تراجعا ملموسا بمؤسسات الإيواء المصنفة بالمدينة، إذ تم خلال يونيو الماضي تسجيل انخفاض بنسبة 25,33 في المائة في عدد الوافدين و27,23 في المائة في عدد ليالي المبيت مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية. وهو ما أكده بلاغ للمجلس الجهوي للسياحة لأكادير سوس ماسة درعة ، الذي قال إن الوجهة استقبلت خلال الشهر الماضي، 55 ألف و 773 زائرا في مقابل 74 ألف و 692 وافدا خلال يونيو 2014، بينما سجلت 279 ألف و 468 ليلة مبيت في ذات الشهر مقابل 384 ألف و 60 ليلة برسم نفس الفترة من السنة الفارطة. وأضاف التقرير أن السوق الألماني هو الوحيد الذي عرف ارتفاعا بتوافد 1369 زائرا إضافيا، أي ما يمثل زيادة بنسبة 25,45 في المائة، و8591 ليلة مبيت إضافية (22,56 في المائة). وكشف المصدر ذاته، أن معدل مدة الإقامة، خلال شهر يونيو الماضي، سجل بدوره انخفاضا، إذ تراجع إلى 5,01 مقابل 5,14 بالمقارنة مع نفس الفترة من سنة 2014، فيما عرف معدل نسبة الملء بالفنادق المصنفة بالمدينة خلال الشهر الماضي تراجعا بنسبة 28,71 في المائة، بحيث بلغ 39,25 في المائة في مقابل 55,06 في المائة برسم نفس الفترة من السنة الماضية. ويكشف تحليل المعطيات المرتبطة بنسب الوافدين على الفنادق المصنفة بالمدينة برسم الستة أشهر الأولى من السنة الجارية انخفاضا بنسبة 7,84 في المائة. وقد دفعت هذه الظرفية العصيبة التي يجتازها القطاع السياحي بالوزير لحسن حداد إلى طمأنة منظمي الرحلات الإيطاليين ومن خلالهم الأوربيين ككل، حول وضعية الوجهة المغربية والتموقع السياحي للمملكة خلال لقاء بميلانو شارك فيه على الخصوص صحافيون متخصصون. وأبرز حداد، خلال هذا اللقاء الذي شارك فيه اعلاميون ينتمون للصحافة المتخصصة وصحافة الرأي العام، الصورة الإيجابية لمغرب مستقر يواصل جذب الاستثمارات، مغرب غني بقيم الأصالة والمعاصرة، وجهة آمنة بالنسبة للزوار. وأوضح السيد حداد، الذي كان مرفوقا بسفير المغرب بإيطاليا، حسب أبو أيوب، أن "الهدف هو طمأنة منظمي الرحلات وتعبئتهم لتسويق وجهة المغرب، وإبراز قيمه وحسن الضيافة والانفتاح والتقاسم الذي يميز بلادنا".