اجتمع مئات من الفاعلين والمواطنين الفرنسيين حول ستيفان هسيل قرب البونتيون، حيث يرقد فولتير والذي يرمز ليس فقط فرنسيا بل كونيا لحرية الرأي. ومن المؤكد أنه تحرك بقبره لهذا المنع غير المفهوم لندوة فكرية بباريس كان مقررا أن ينظمها ستيفان هسيل رفقة ليلى شهيد سفيرة فلسطين ببروكسيل حول موضوع «قمع حملة مقاطعة المنتوجات الاسرائيلية بفرنسا». طبعا الندوة فكرية لمناقشة الموضوع قانونيا، ولم تكن تجمع أشخاصا يدعون إلى الحرب على إسرائيل، بل إلى عمل حضاري واختياري، ونظمها أشخاص محترمون على المستوى الفكري والسياسي ويوجد بينهم يهود إسرائيليون، بالإضافة إلى ستيفان هسيل السفير السابق لفرنسا وايليزابيت غيغو وهي وزيرة عدل سابقة، ونائب الكاتب العام لنقابة القضاة بفرنسا بونوا اوغيل واحد دعاة السلام الاسرائيلي ميشيل فرسافسكي، بالإضافة إلى سفيرة فلسطين ببروكسيل، الندوة كانت ستستضيف مسؤولين فرنسيين من مستوى عالٍ، ومنهم من نجا من المحرقة النازية، لكن كل ذلك لم يشفع، وبالتالي لم يسمح لهم بتنظيم الندوة فكرية. فما أن تم إعلان تاريخ الندوة مساء يوم التلاثاء 18 يناير حتى تحرك اللوبي الإسرائيلي بفرنسا والمنظم تحت اسم لوكريف «المجلس التمثيلي للجمعيات اليهودية بفرنسا» في الأوساط الرسمية الفرنسية لإنتزاع قرار منع هذه الندوة التي كانت ستنظم بإحدى الجامعات الباريسية، وقد قام رئيس هذه المنظمة الاسرائيلية باسكيي بتحية وزيرة التعليم الفرنسية فاليري بيكريس على هذا المنع، وكذلك رئيس الجامعة. وهذا المنع يدخل في إطار سلسلة من الهجومات تقوم بها جمعيات تابعة لإسرائيل من أجل حمايتها من المقاطعة والدفاع عن حق في الاحتلال، وهي سابقة تاريخية، وقد تم رفع عدة دعوات ضد عدد من الناشطين والسياسيين الفرنسيين الذين يتحركون لصالح القضية الفلسطينية منهم عالمة بومدين، وهي سيناتورة فرنسية من أصل مغربي والمعروفة بنضالها من أجل حقوق الشعب الفلسطيني، وتمت متابعتها من طرف ما يسمى «المكتب الوطني ضد معاداة السامية»، بل حسب مصادر سياسية يتم اليوم الضغط على حزب الخضر الفرنسي لعدم ترشيحها في الانتخابات المقبلة، وهي نفس التقنيات التي يستعملها اللوبي الاسرائيلي بالولايات المتحدةالامريكية لتخويف السياسيين. نفس المكتب يتابع ستيفانن هسيل، وهو مقاوم ويهودي ناجٍ من المحرقة يتابعه أنصار الاحتلال الاسرائيلي بفرنسا بمعاداة السامية. وقد لقي كتابه «استنكروا» نجاحا باهرا، حيث بيعت منه أكثر من مليون نسخة، وفي جزء كبير منه يحث الفرنسيين على استنكار ما يقع للشعب الفلسطيني، وقد تنقل بنفسه عدة مرات إلى الأراضي المحتلة. ويوجد اليوم بفرنسا 80 شخصا متابعون من طرف جمعيات اسرائيلية فقط لأنهم دعوا إلى مقاطعة المنتوجات الاسرائيلية بفرنسا، ومن أجل الضغط على الاحتلال الاسرائيلي،،كما تم الضغط في السابق على نظام جنوب أفريقيا العنصري من خلال المقاطعة التي أعطت أكلها بسقوط نظام الميز العنصري بجنوب أفريقيا. طبعا الندوة كانت فكرية وتناقش حرية التعبير حول القضية الفلسطينية وتضم أشخاصا ليس كلهم متفقين مع مقاطعة المنتوجات الاسرائيلية، وحتى النقاش أصبح اليوم ممنوعا بفرنسا، حيث أصبح صوت إسرائيل مسموعا على أعلى مستوى في السلطة الفرنسية، بل إن المبالغة وصلت حد أن الندوات التي يمكن تنظيمها بإسرائيل هي ندوات ممنوعة بفرنسا، بل إن الجنون وصل حد متابعة يهود ناجين من المحرقة بتهمة معاداة السامية.