يبدو أن التأخير في جهود تشكيل حكومة ائتلافية في تركيا يتيح للرئيس رجب طيب اردوغان كسب الوقت ويزيد من فرص اجراء انتخابات مبكرة قد يستعيد فيها حزبه العدالة والتنمية أغلبيته ويترك المعارضة في حالة من التخبط. ولم تبدأ بعد المحادثات الرامية لتشكيل حكومة ائتلافية رغم مرور شهر على الانتخابات التي فقد فيها حزب العدالة والتنمية للمرة الأولى الأغلبية التي تمكنه من الحكم بمفرده. ولا تزال أحزاب المعارضة ممزقة كما هو شأنها دائما ويعكف اردوغان من الظل على بحث أفضل السبل للحفاظ على قبضته على السلطة. وألقت انتخابات السابع من يونيو تركيا في حالة من الغموض السياسي لم تشهدها منذ الحكومات الائتلافية غير المستقرة في التسعينات كما قوضت -حتى الان- طموحات اردوغان لتحويل منصب الرئيس الذي تولاه العام الماضي وهو منصب شرفي إلى حد كبير إلى منصب يتمتع بالسلطات التنفيذية الكبيرة التي كان يتمتع بها. ولا يبدو أن الرجل الذي هيمن على الساحة السياسية في تركيا لأكثر من عشر سنوات مستعدا لتقاسم السلطة. ورغم نداءاته المتكررة للاسراع في تشكيل حكومة جديدة فإن مصلحته ومصلحة حزب العدالة والتنمية الذي أسسه تكمن على الأرجح في اجراء انتخابات جديدة وفي فشل محادثات تشكيل حكومة ائتلافية. وهذا الاحتمال يزعج شركاء تركيا في حلف شمال الأطلسي الذين يحرصون على الاستقرار في بلد يتاخم إيران والعراق وسوريا خاصة وان متشددي تنظيم الدولة الإسلامية يتمركزون على بعد مئات الامتار من الحدود التي يجتازها لاجئون جيئة وذهابا. ويبدو أن ابتعاد اردوغان عن الأضواء يصب لصالحه خاصة وأن الدستور يحظر على الرئيس المشاركة في السياسات الحزبية. وبينما يتشاحن آخرون ويتبادلون الانتقادات فإن الرجل الذي استعدى الكثيرين بسبب اسلوبه الحاد بات يلتزم الان الصمت وكأنه لم يتأثر بما يحدث حوله. وأظهر استطلاع للرأي اجراه مركز ابسوس بعد وقت قصير من ظهور نتائج انتخابات السابع من يونيو حزيران أن نسبة التأييد لحزب العدالة والتنمية كانت ستزيد بنحو أربعة في المئة لو كان الناخبون يعرفون النتيجة مسبقا. لكن استطلاعات الرأي التي جرت بعد ذلك أوضحت أن نسبة التأييد كانت ستتراجع. وكان من الموقع أن يكلف اردوغان رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو بتشكيل حكومة ائتلافية جديدة هذا الأسبوع ايذانا ببدء فترة مدتها 45 يوما للنجاح في مهمته أو اجراء انتخابات جديدة. لكن ذلك لم يحدث وكرر اردوغان في وقت متأخر يوم الثلاثاء بانه سيفعل ذلك فور تشكيل لجنة ادارية برلمانية جديدة مما دفع نواب المعارضة لاتهامه بالمماطلة.