غريب أمر بعض المسؤولين في السلطات المحلية حين يصرون على معاكسة تيار التغيير. ينطبق هذا الأمر على ما يقع في تراب الملحقة الإدارية كريكوان، والتي تخلت عن خارطة الطريق المرسومة من قبل العمالة بخصوص محاربة الباعة الجائلين ومحاولة تحرير الملك العمومي. فبمجرد أن يلج المرء زنقة القاهرة إلا ويثير انتباهه إيقاع الاختناق الذي يعيش في ظله سكان . هذا الزقاق الذي كان بالامس يحظى بمكانة خاصة لدى ساكنة درب الشرفاء والطلبة حين كان يعرف بزنقة صالونات الحلاقة والمثقفين والرياضيين والفنانين، تحول كل شيء اليوم فأصبح سكانه الذين يعيشون داخل منازل أشبه بالرياض، يجدون صعوبة لإيجاد ممر أو منفذ يعيرون من خلاله الى وجهتهم والعودة الى منازلهم، لسبب وحيد هو انتشار الباعة الجائلين الذين تكاثروا خلال هذا الشهر المبارك وأصبح جلهم قارين، فلم يكفهم احتلال الملك العمومي، بل وصل الامر الى الازقة المتفرعة عنه. لقد أصبح الحي عبارة عن سوق عشوائي دائم لبيع الخضر والفواكه و حتى السمك وتنظيفه ، ناهيك عن الدجاج وترياشه ، مع ما يعنيه ذلك من تشويش على راحة السكان وعرقلة السير واتساع رقعة الأزبال والقاذورات مما يساهم في تلويث البيئة، يؤكد العديد من السكان المتضررين ،الذين ارجعوا أسباب هذه الفوضى الى حسابات انتخابية على حساب مصلحة السكان الذين تحولت حياتهم الى جحيم في غياب أي تدخل من السلطات المحلية. والوضع يزداد صعوبة حتى في إخراج المرضى او الحوامل إلى المستشفيات، فلا سيارة إسعاف تستطيع العبور ولا حتى السيارات العادية، أما إذا شب حريق في المنطقة، لا قدر الله ، فتلك معاناة أخرى. هكذا اصبح الوضع بزنقة القاهرة وباقي الازقة المجاورة تحت الحصار، وأكدت بعض الفعاليات الجمعوية أن هناك من يكتري ثلاث مساحات او يملك أربع أو خمس عربات يمونها.. حيث لا صوت يعلو على أصوات وصياح الباعة طيلة النهار والى ساعات متأخرة من الليل. إن الاسواق النموذجية التي كانت موضوع مذكرة وزارية مشتركة بين وزارة الصناعة والتجارة ووزارة الداخلية عدد 159 موقعة بتاريخ 1 نونبر 2002 ، يضيف مهتمون بالشأن المحلي، "كان من الممكن أن تشكل وسيلة ناجعة للحد من تفاقم ظاهرة الباعة الجائلين - القارين لو لم يتم إفراغها من فحواها، نتيجة غياب الشفافية وتغليب المصلحة الذاتية"