" السيبة هاذي... والله إلى السيبة ولات في هاذ المدينة... الله يلطف بنا ويدير لنا شي سْلاك" يصرخ الحاج أحمد، أو" عمي أحمد" أحد سكان المدينة المتقدمين في السن، القاطن بحي السلام بعوينة السراق بمدينة وجدة، بعد أن عجز عن الوصول إلى بيته، واختراق الطريق المغلق بالعربات المجرورة والمدفوعة؛ المملوءة بالسلع والبضائع، من خضر، وفواكه، وسمك، ومواد التغذية، ومواد النظافة، وغيرها، والمنتشرة هنا وهناك على الأرصفة، والطريق العمومية، ومختلف الأزقة المتفرعة عنه... وليس حي هذا المواطن إلا واحدا من عشرات الأحياء التي تناسلت بها الأسواق اليومية العشوائية، وعمتها الفوضى، وحكمها كل شيء إلا القوانين المنظمة للمدينة، ساهم فيها المجلس البلدي، وبعض الموكل إليهم السهر على تنظيم المجال الحضري بالمدينة... أسواق تُخلق من عدم في ظرف أسبوع، وتتحول إلى فضاء تجاري غير قانوني أمام أعين الجميع، ويتسع ويتقوى بعد احتلال مساحة كبيرة من الملك العمومي، أو قطعة أرضية للخواص، يصعب بعد ذلك إفراغها حتى من زبالها ونشاليها... ورغم أن هذه الأسواق تمتص نسبة هامة من البطالة، وتخلف فرص شغل مؤقتة، وتوصل البضائع والسلع المستهلكة يوميا إلى أبواب منازل السكان، إلا أن هذا يشعل نارا يكتوي بها عدد من السكان أنفسهم المحيطين بالباعة المتجولين، تفوق طاقة صبرهم، يضطرون بعدها إلى الاحتجاج، بل عند اليأس منهم من يرحل من الحي ذاته... أسواق عشوائية بدكاكين من براريك، تنبت على أرضية عمومية، وتتم المتاجرة بها، وتباع بعشرات الآلاف من الدراهم" سوق التبن" بطريق العونية بسيدي ادريس، وسوق" طايرات"، وسوق" الجردا" بحي كولوش، وسوق الطوبة، وسوق" فيلاج سي لخضر"، وأسواق المدينة القديمة، كسوق درب العربي، وسوق ساحة سيدي يحيى، وسوق حي السلام بعوينة السراق... لقد عبر سكان حي السلام عوينت السراق بوجدة عن استيائهم مما آلت إليه الأمور بفضاء الحي الذي تحول إلى السوق اليومي الكائن بطريق أ2 قرب مسجد أو عبيد بن الجراح، والذي استقر به الباعة المتجولون بتواطؤ مع المفروض فيهم السهر على النظام والتنظيم، وبلغ ثمن بقعة من الطريق العمومي أكثر من 5000 درهم، يبيعها من استقر بها في بداية الأمر؛ ليتحول إلى مكان آخر في امتداد الطريق، ويبيعه مرة أخرى، وهكذا دواليك؛ حيث أصبح الحي تعمه الفوضى العارمة، وتم قطع الطريق، وإغلاق منافذ الأزقة وأبواب المنازل، وصارت السلع تغطى، وتبيت بالمكان في سابقة خطيرة بالمدينة، وتناسل عدد النشالين، وتحولت الأركان إلى مطرح للأزبال... وكان لهذا الأمر أن سقطت إحدى السيدات الحوامل بعد أن زلقت رجلها في بقايا الخضر، نتج عنه إجهاض. ورغم أن مكتب وداية حي السلام وجه عدة شكايات في الموضوع من سنة 2005 إلى جميع الجهات المعنية، يطالبها فيها بحل مشكل السوق اليومي، ووضع حد للتسيب وحماية السكان،" إلا أنها لم تجد آذانا صاغية؛ إلا الوعود، ثم الوعود الكاذبة؛ في الوقت الذي استفحل الوضع، واتسع احتلال الباعة لجميع الطرقات المحيطة بالمسجد، إضافة إلى الصراخ والصياح والمشادات الكلامية، والتشابك والصراعات والخصومات بالأيدي وبالأسلحة البيضاء..." يقول أحد السكان المتضررين بكل حسرة وأسف على عجز المجلس البلدي والسلطات المحلية في إيجاد حل للأوضاع المتدهورة بالحي. لقد وجهت رسائل استنكار من الودادية لاستقرار الباعة المتجولين بحيهم في طريق عمومي، الأمر الذي يعرقل حركة السير، وتضييق الطريق على الراجلين والراكبين باحتلال الأرصفة العمومية أمام واجهات منازلهم ومحلاتهم وتجمهر الباعة، الشيء الذي يحرج نساءهم لقضاء حاجياتهم، أو حتى تنظيف أرصفتهم. وأضافت الرسالة أن ذلك ساهم بكثير في تلوث المجال البيئي بالأزبال والقاذورات، وتسرب الروائح الكريهة والحشرات المضرة نتيجة حالة تعفن الخضر والفواكه والأسماك التي يتركها بعض الباعة..." وهو الشيء الذي ينتج عنه أمراض، منها الربو، والحساسية، وأمراض جلدية للسكان، وخاصة الأطفال... مرضنا ومرضو أولادنا وبقينا نخافو على نسائنا ونخرجو في هذا الفوضى... شكينا وشكينا وعيينا والشكوة لله... ونشكيو ليه حتى بهاذ المسؤولين اللي ما بغاوش يوجود حل لهاذ السوق..." يصرخ رافعا أصبعه إلى السماء أحد السكان الذي عجز الوصول إلى منزله إلا بمشقة. إضافة إلى كل هذا عبر السكان المرتادون المسجد عن استيائهم وانزعاجهم من الوضعية أثناء الصلاة ، وذلك بسبب أصوات الحمير والكلام الساقط البذيء. ومما جاء في إحدى شكايات الودادية لشهر يناير الماضي، مذيلة بتوقيعات العديد من سكان الحي" إن هذا المشكل عمر أكثر من 10 سنوات، مما اضطر الساكنة إلى إرسال عدة مراسلات إلى الجهات المعنية، والقيام بلقاءات مع الفاعلين، منهم: السيد قائد المقاطعة الحضرية التاسعة، السيد باشا المدينة، السيد رئيس الدائرة الحضرية واد الناشف سيدي معافة، وراسلنا السيد والي الجهة الشرقية الذي قام بزيارات متكررة لعين المكان... لكن مع الأسف لم تفتح لنا الأبواب، وفي هذا النطاق اقترحنا عدة حلول ترضي جميع الأطراف، استحسنها أغلب المسؤولين الذين قابلناهم، لكن مع الأسف لم ير أي منها النور لحد الآن...".