حمو الفاضلي، واحد من أولئك اللاعبين الذين تنفست فرقهم برئتهم، تألقت نجومهم بجهدهم، توازنت خطوطهم بحسن مراقبتهم وبجودة تمركزاتهم. قال عنه الأسطورة المدرب الراحل المهدي فاريا: " الفاضلي.. اللاعب الوحيد الذي يمكن أن يلعب لمبارتين متتاليتين دون توقف " لعب الفاضلي لثلاثة عشرة سنة في صفوف فريق الجيش الملكي، فاز معه بكل الألقاب والبطولات، ودافع عن قميص المنتخب الوطني لسنوات عديدة بل وكان أحد أهم صانعي التأهل لمونديال مكسيكو 1986. الفاضلي يروي هنا مذكرات وأسرار مشتركة بينه وبين فريق الجيش الملكي.. من خلف أسوار القلعة العسكرية المحصنة: o أول مرة ينادى عليك للمنتخب، كيف استقبلك اللاعبون الذين كانوا قد سبقوك لفترة طويلة؟ n وأنا ألتحق بالمنتخب الوطني، وجدت لاعبين كبار يملكون التجربة والخبرة، ويتوفرون على مؤهلات تقنية ومهارية عالية. كان عبدالمجيد الظلمي أول اللاعبين الذي استقبلني بروح عالية، ولا أنس أنه مد لي يده ليزيل عني ذلك الارتباك الذي يحدث للاعب في أول مرة يلج فيها محيط الفريق الوطني. ساعدني الظلمي كثيرا في سرعة اندماجي داخل المجموعة، كما ساعدني على التغلب على مشاعر القلق والخجل لأتمكن بسرعة من الانصهار وسط المجموعة. وقبل يوم عن مباراة تونس، انفرد بي المدرب فاريا ليبلغني أنني سأكون رسميا في التشكيلة التي ستواجه تونس، وأضاف أنه اختارني لحراسة ومراقبة نجم تونس طارق ذياب. شعرت عندما علمت أنني سأكون رسميا في تشكيلة المنتخب الوطني وفي أول تجربة لي كلاعب دولي، بإحساس امتزج فيه القلق بالفرح.كانت أول تجربة لي، فأن أحمل القميص الوطني وأن ألعب أمام جماهير غفيرة تحمل عشقا خرافيا للفريق الوطني ولا تتسامح مع أي لاعب يبدو لها مقصرا في أداء واجبه، فقد بدا لي حينها أمرا صعبا ومهمة كانت تتطلب مني بذل جهود مضاعفة لكي أكون في المستوى. ثم أن أكلف بمراقبة وحراسة طارق ذياب، بما كان يمتلكه من مهارات وتقنيات عالية، فالأمر كان يتطلب مني تركيزا عاليا لا مجال فيه لأي ثانية من الاسترخاء. وأجزم فعلا، وأنا أبذل كل جهدي في تلك المباراة مراقبا لطارق ذياب، وبعد كل المسار الطويل في صفوف المنتخب الوطني حيث كنت دائما أتكلف بحراسة نجوم المنتخبات التي نواجهها، كمحمود الخطيب، طاهر أبو زيد من مصر، أو روجي ميلا من الكامرون، أو بلومي ورابح مادجر من الجزائر وغيرهم من نجوم تلك الحقبة، أن طارق ذياب كان من أجود اللاعبين الذين تصعب فعلا مراقبتهم أو حراستهم. لكن وبفضل لله، نجحت في اختباري الأول، ومنعت طارق ذياب في تلك المباراة من التحرك بحريته، بل وقيدت كل حركاته وأغلقت عليه كل المنافذ، لأتلقى بعد نهاية المباراة كل التهاني من طرف المدرب فاريا وكذا من طرف زملائي في المنتخب الوطني، بل ومن جمهورنا الذي صفق لي بحرارة وكأنه يمدني بصك رضاه عني وبتأشيرة انطلاق رحلتي في صفوف منتخبنا الوطني. o ماذا عن أهم المحطات في مسارك مع المنتخب الوطني؟ n للأسف لم نتمكن من التأهل لنهائيات كأس أمم إفريقيا سنة 1984، لكننا في المقابل كنا متميزون في التصفيات الخاصة بكأس 1986. وبالفعل نجحنا في التأهل لتلك النهائيات وكانت القاهرة عاصمة مصر هي التي تشرفت باحتضانها.عندما حللنا بأرض الكنانة، كانت كل الأضواء مسلطة على المنتخب الوطني، وكل المتتبعين كانوا يضعونه في خانة المنتخبات المرشحة للظفر باللقب على اعتبار المستوى الكبير الذي قدمه خلال الإقصائيات وفي المباريات الإعدادية، وعلى اعتبار كذلك ما كان يضمه المنتخب من لاعبين من مستوى عالي جدا. وكانت ثماني منتخبات قد تأهلت واشتركت في تلك البطولة، وقسمت إلى مجموعتين يتأهل صاحبا المركزين الأول والثاني من كل مجموعة إلى الدور نصف النهائي. وكانت المنتخبات المشاركة إلى جانب المغرب ومصر البلد المحتضن للنهائيات، كل من السنغال، الكوتديفوار، موزمبيق، الجزائر، الكامرون وزامبيا. واجهنا في أول مباراة منتخب الجزائر وانتهت المباراة بالتعادل بدون أهداف، وفي المباراة الثاني أمام الكامرون وكان يقودها روجي ميلا، انتهت المواجهة بالتعادل هدف لهدف، أما المباراة الثالثة والأخيرة في مجموعتنا، فقد نجحنا في تحقيق الفوز وكان على حساب منتخب زامبيا بنتيجة هدف لصفر، لنتأهل بعد ذلك لدور نصف النهاية.