كشفت قضية فتاتي انزكان اللتان لفقت لهما تهمة الإخلال بالحياء بسبب ارتدائهما تنورتين، عن تباين شديد بين مواقف حزب رئيس الحكومة وباقي الأحزاب المكونة للائتلاف الحكومي. ففي الوقت الذي شكل الحزب الأغلبي الاستثناء على الساحة السياسية بعدم إدانته للاعتداء الذي تعرضت له فتاتا إنزكان، مما يستشف مباركته لذلك، انبرت باقي أحزاب الأغلبية لتعبر عن نفس المواقف التي عبرت عنها القوى الحية في المغرب، والتي اعتبرت أن المتابعة والاعتداء الذي تعرضت له فتاتا انزكان، تضييقا ظلاميا رجعيا على الحريات، وناقوس خطر لما يتهدد المغرب إذا لم يتم وضع حد له في الحال. وفي هذا الإطار، قال رئيس التجمع الوطني للأحرار صلاح الدين مزوار إن حادث الاعتداء الذي تعرضت له الشابتان في انزكان، ينطوي على أبعاد في منتهى الخطورة وعلى عدة مستويات، معتبرا أن هذ الحادث يؤشر من جهة الى "كون التشدد الديني الدخيل على ديننا وعلى بلادنا، يصر على فرض تصوره لشؤون الحياة على المواطنين، ما يعني الإصرار على الوصاية على المجتمع وممارسة الإكراه والتحكم في الحياة الخاصة والعامة للأفراد والجماعات." وأضاف مزوار أن الحادث يعد شكلا من أشكال الإرهاب الذي يهدد الحرية والحقوق التي يكفلها الدستور وتضمنها ثقافة المجتمع المبنية على احترام الخصوصيات في إطار الاختلاف، خاصة وأن المجتمع المغربي مجتمع مبني على التعدد والاختلاف والحرية في ممارسة الحياة الخاصة، وهي الميزة التي تجعل المغرب فضاء للحرية وصون كرامة الأفراد والجماعات في الاحترام الكامل للآخر. وأكد من جهة ثانية أن التجمع الوطني للأحرار يعتبر "هذا السلوك تطاولا كذلك على سلطة الدولة، فليس من حق أي كان المس بحرية الأفراد وسلامتهم الجسدية، وأنه في حالة ما إذا كان هناك ما يخل بالقوانين المعمول بها، فما على من يعتبر نفسه متضررا إلا اللجوء إلى مؤسسات الدولة لتقوم بالواجب في إطار القانون وفي احترام تام للحقوق والواجبات التي يضمنها الدستور". حزب الحركة الشعبية أدان بدوره الاعتداء على الفتاتين، من قبل باعة متجولين والمتسوقين. واعتبر حزب السنبلة، هذا الاعتداء بمثابة " اعتداء على قيم الحرية واحترام اختيارات الغير "، في ما يخص لباسهم وسلوكاتهم مهما كان نوعها محافظة كانت أو ليبرالية، مؤكدا بأنه يدين كذلك " كل من سولت له نفسه أن يحاول الحلول محل السلطات المختصة في ما يخص تطبيق القانون ". وعبرت قيادة الحركة الشعبية عن رفضها اعتقال الفتاتين من طرف النيابة العامة لمدة 48 ساعة، كما أنها "ترفض رفضا قاطعا متابعتهما في حالة سراح ، مؤكدة بأنه كان حريا بالنيابة العامة أن تتابع من اعتدى على الفتاتين لا الضحيتين نفسهما " وتابع بلاغ الحركة، بالدعوة إلى التعبئة لمواجهة ما اعتبرها ?انزلاقات بدأت تطفو إلى السطح". وكان الأمين العامّ لحزب التقدم والاشتراكية نبيل بنعبد الله عبّرَ عنْ رفْض حزبه الشديد لمتابعة الفتاتيْن، وقال في لقاء حزبي أنه من العار أن تتم متابعة فتاتين كانت تتجولان وهما تلبسان تنورتين. وإلى حدود كتابة هذه السطور، لم يصدر عن حزب بنكيران أي موقف عن هذه القضية التي أخرجت العديد من النشطاء إلى الشارع، مطالبين بوقف هذه المهزلة.