عندما حطت الطائرة التي أقلت بنعلي بمطار جدة ليلة الجمعة، كان يبدو أن هذا الأخير لم يكن يدرك إلى أين سيتجه، وهو يغادر أرض تونس. فبعد توقف تقني بسردينيا، توجه ربان طائرة الرئيس المخلوع نحو المملكة العربية السعودية. وعبرت السعودية عن سعادتها باستقبال هذا الضيف «آخذة بعين الاعتبار الظروف الاستثنائية التي يمر بها الشعب التونسي». وكان واضحا أن بنعلي لم يكن يضع في حسبانه التوجه إلى السعودية، التي لا تتوافق أجواؤها ونمط عيش أسرة الرئيس، إذ من المرتقب أن يرحل بنعلي في الأيام المقبلة نحو ليبيا. وكان القذافي، الذي تربطه ببنعلي علاقة ثنائية منذ سنة 1974، قد صرح يوم السبت الماضي بأنه ما زال يعتبر بنعلي رئيسا شرعيا لتونس. وليس غريبا أن نجد أن الإثنين تربطهما علاقات مالية أيضا. ومن جهة أخرى، تم الشروع في تحديد مذخرات بنعلي، إذ أعلنت فرنسا يوم السبت أنها «اتخذت إجراءات من أجل وقف كل التحويلات المالية المشكوك فيها، والمتعلقة بالمذخرات التونسية في فرنسا ». وهي الخطوة التي أكدها وزير المالية الفرنسي، فرانسوا باروان. وتوصلت وكالة مكافحة تبييض الأموال ببيرسي بمذكرة من الوزير جاء فيها: «ضرورة تسلح المؤسسات المالية باليقظة وتتبع أية تحويلات مالية تتعلق بحسابات عائلة الرئيس السابق وأتباعه، وذلك بوقف العمليات، وإخبار السلطات القضائية إذا ما اقتضى الأمر ذلك ». وبدورها، دعت الوكالة كل المؤسسات البنكية إلى اتخاذ «تدابير الحيطة» حيال عمليات الزبناء الذين «يمارسون مهام سياسية، أمنية أو إدارية تربطهم علاقة بتونس»، أو شركائهم أو أفراد عائلاتهم. وتم إخبار تلك المؤسسات بالتبليغ عن كل «عمليات سحب أموال بكميات كبيرة، أو عمليات شراء لمعادن نفيسة، أو تحويل أموال لحسابات أخرى في الخارج.» يقول ويليام بوردون، المحامي لدى منظمة «ترانسبارنسي إنترناشنال » : «إنها طريقة للإقرار بأن الأموال التي تم تهريبها تظل مهمة بالنسبة للشعب التونسي، حيث تم تقديم شكاوى بخصوص الأموال التي تحصل عليها الرئيس بطريقة غير شرعية». ويضيف قائلا: «بعد استعادة تلك الأموال، ينبغي أن تشرف لجنة منتدبة على إرجاعها إلى الحكومة. وتقول فرنسا إنها على استعداد للإجابة عن كل التساؤلات والطلبات في حال تقدمت بها المؤسسات الدستورية التونسية بخصوص الأموال والمذخرات التونسيةبفرنسا».