طالبت الغرفة الوطنية لمنتجي الأفلام بضرورة تجاوز بعض العراقيل التي يشهدها قطاع السينما في المغرب، مجددة موقفها الرافض للرقابة على الفن وتشبثها بحرية التعبير والإبداع وفي لقاء نظمته الغرفة الوطنية لمنتجي الأفلام يوم 08 يونيو الجاري بالدارالبيضاء، حول موضوع « السينما في المغرب : الواقع والآفاق « بحضور المهنيين والمتدخلين وممثلي الإدارات العمومية والخاصة المعنية، وفي ظل غياب مثير للقنوات التلفزية المغربية، أوضح المكتب التنفيذي للغرفة أنه بعد التطور الملحوظ الذي شهدته السينما المغربية خلال العشرين سنة الماضية سواء فيما يخص الإنتاج الوطني أو تصوير الأفلام الأجنبية ببلادنا حان الوقت لتقييم واقع السينما في المغرب من أجل تسليط الضوء على نقاط القوة ونقاط الضعف التي يعرفها القطاع وفتح النقاش حول الوسائل الكفيلة للدفاع عن ما تحقق من مكتسبات بما يضمن استمرارها وتنوعها وثراءها وفي اللقاء الذي أداره إدريس شويكة، الكاتب العام للغرفة، حدد الرئيس محمد عبد الرحمن التازي الخطوط العريضة للأهداف التي تسعى الغرفة إلى تحقيقها بتعاون مع مختلف المتدخلين، وذلك لتطوير الإنتاج السينمائي المغربي، وعلى رأسها الحفاظ على وتيرة الإنتاج السنوي بمعدل عشرين شريطا مطولا في السنة، الدفاع عن حرية التعبير والإبداع، إيجاد الوسائل الكفيلة من أجل عرض الأفلام المغربية على الصعيد الدولي ،تمكين الأفلام المغربية من العرض في الخارج، إيجاد الوسائل الكفيلة من أجل عرض الأفلام المغربية على الصعيد الوطني سواء في القاعات السينمائية التقليدية أو دور الثقافة أو في الهواء الطلق بالإضافة إلى إنتاج أفلام تتميز بالجودة لفائدة القنوات التلفزية، وفتح نقاش مع مكونات القطاع، ومع رؤساء الجهات لتضمين الأنشطة ذات الطابع الثقافي ضمن سياستهم، وذلك من أجل تمتيع القطاع بكل الوسائل لتطويره، سواء على صعيد الإنتاج التوزيع أو استغلال القاعات السينمائية .. لطيف لحلو أوضح من جهته ثراء المنتوج السينمائي الذي يتطلب دعمه وتطويره، مبرزا أنه بدون مناخ من الحرية لا يمكن تطوير السينما المغربية التي أصبحت تحتل حيزا هاما من اهتمام وسائل الإعلام والرأي العام ، مشيرا إلى أن الضغوط التي يتعرض إليها السينمائيون تشكل عراقيل أمام نهوض الفن السينمائي الوطني، محددا عددا من أوجه هذه الضغوط والتدخلات التي لا تحترم القوانين والقواعد المتعارف عليها، مما يؤثر على إشعاع المغرب في الخارج ومصالحه السياسية والاقتصادية.. وكمثال على ذلك أشار لطيف لحلو إلى المنع الذي طال فيلما سينمائيا، في إشارة إلى فيلم» الزين اللي فيك»، دون أن تشاهده اللجنة المخولة بمنح التراخيص، إضافة إلى تعيين أعضاء لجنة الدعم دون الأخذ بعين الاعتبار اقتراحات المهنيين كما تنص على ذلك القواعد المعمول بها. ومن العوائق التي أشار إليها لطيف لحلو، حذف سبعة ملايين درهم من الميزانية الخاصة بالدعم المخصص للأفلام ما قبل الإنتاج خلال الدورة الثانية لسنة 2015 ، وهو ما قد يؤدي إلى تخفيض عدد الأفلام المنتجة بنسبة الثلث إذا ما استمر ذلك، مواقف تعتبرها غرفة المنتجين عقابا للسينما وللسينمائيين ومحاولة لدفعهم للاصطفاف في نفس التوجه السياسي والثقافي لمن يديرون الشأن العام. وأوضح لحلو أنه لإقامة صناعة سينمائية يجب أن ترتكز على ثلاثة مبادئ غير قابلة للتجزيء وهي الإنتاج، التوزيع واستغلال القاعات. فبالنسبة للإنتاج طالب لحلو بإرساء بنيات قانونية ومالية عصرية تمكن المنتج من عدة قنوات للتمويل وتمكين القطاع من الموارد البشرية والتقنية اللازمة، وفيما يتعلق بالتوزيع اعتبر أن نظام التوزيع الحالي مازال في مرحلته الجنينية مما يتطلب تنظيمه وتحديد اختصاصاته ومسؤولياته بالتشاور مع المهنيين، وبالنسبة لاستغلال القاعات أعطى لحلو صورة مأساوية لوضع القاعات المخصصة للعروض السينمائية في المغرب، حيث ذكر في هذا الإطار أنه يكفي أن يسافر المرء من الدارالبيضاء إلى الكويرة على طول الشريط الساحلي، فيعبر عشرات المراكز الحضرية التي تضم أزيد من مائة ألف نسمة ومئات الجماعات القروية التي تضم أزيد من عشرة آلاف نسمة دون أن يجد قاعة واحدة للعرض السينمائي . ولتجاوز هذه الوضع طالب لحلو بإصدار قانون يجبر كل جماعة حضرية أو قروية تضم عشرين ألف نسمة أو أكثر على بناء قاعة عمومية متعددة الوظائف تصلح للعروض السينمائية، المسرحية، الموسيقية وللمحاضرات والأنشطة الثقافية. حميد فريدي عن اتحاد المخرجين والمؤلفين المغاربة، استعرض دور الجهات فيما يتعلق بالنهوض بالقطاع السينمائي عن طريق دعم الإنتاج وخلق قاعات العروض، معطيا نموذجا لبعض التجارب الدولية، التي أكدت دور السينما في دعم التنمية الجهوية . وقال فريدي إن الوقت قد حان لكي تضع الجهات سياسة تستهدف تشجيع السينما والقطاع السمعي البصري عبر اتفاقيات مع المركز السينمائي المغربي والوزارة الوصية، حيث أن السينما يمكن أن تسهم في دعم الأنشطة الاقتصادية والسياحية للجهة وكمثال على ذلك أوضح فريدي أن الأنشطة ذات الطابع الثقافي في فرنسا ساهمت بنسبة 32 في المائة من الثروة الوطنية في سنة 2011 وشغلت 670 ألف شخص بما يقدر ب 57 ,8 مليار أورو كقيمة مضافة للاقتصاد، وعلى رأس هذه الأنشطة تأتي السينما التي استفادت من 7,6 مليار أورو من قيمة الدعم الذي تقدمه الجهات للنشاط الثقافي. الندوة عرفت أيضا مداخلات للعديد من الفاعلين لامست مختلف جوانب الإنتاج السينمائي المغربي والتحديات التي تواجهه والمقترحات الكفيلة بتجاوز كل محاولات استهداف الفن السابع في المغرب والحفاظ على المكتسبات التي حققها في السنوات الماضية، وشارك في هذه المداخلات مسعود بوحسين رئيس النقابة المغربية لمحترفي المسرح، طارق خلامي ممثل المركز السينمائي المغربي، جمال الدين الناجي مدير الهاكا وعضو المرصد المتوسطي للاتصال، محمد بلغوات مدير المعهد العالي لمهن السينما والسمعي البصري، مصطفى الزيراوي رئيس النقابة الوطنية لتقنيي السينما والسمعي البصري ، محمد علي شريف ممثل الغرفة المغربية لتقنيي الفيلم، عبد الله الزروالي ممثل النقابة الوطنية لمهنيي السينما بالمغرب، فؤاد الخطابي رئيس الاتحاد الديموقراطي للتجار والصناع التقليديين ومصطفى طالب مستشار بوزارة الاتصال وتجدر الإشارة إلى أن القنوات التلفزية، المعنية أيضا بالموضوع، غابت جميعها عن هذا اللقاء، مما طرح العديد من التساؤلات حول أسباب مقاطعتها لنشاط أكبر هيئة ممثلة للمنتجين السينمائيين في المغرب.