مرحبا بكم في بلادكم، لقد اشتقنا إليكم، الابناك و الأسواق تبدو موحشة بدونكم!! بائعوا الدلاح والكرموص وبائعوا الشطون ينتظرونكم بفارغ الصبر، كيف لا وأنتم زبناؤهم المفضلون؛ تشترون الدلاح بدرهمين للكيلو وتخبرون البائع كل مرة وكل سنة أنه هناك، حيث تقيمون، يباع في السوبرماركت بالسنوف و الشْطيْر!! تملؤون الدنيا ضجيجا بسياراتكم الأنيقة التي سرعان ما تتغبر كما يتغبر اطفالكم وهم يجرون وراء الكرة في الأزقة غير المعبدة، أطفال أبرياء يتساءلون لماذا ڤاروم واي پوكوا؟؟ لماذا يصر آباؤنا على قضاء العطلة هنا؛ أ للأمر علاقة بالشمس أم بجدتي؟ إذا كان للأمر علاقة بالشمس فشمس دبي أكثر دفئا، وشواطئ جزر فيفي أكثر أمانا ونظافة، أما إذا كنا نأتي لنزور جدتي، فسبحتها وسجادتها هناك في بيتنا شاهدتين على كثرة زياراتها لنا. أطفال أبرياء لا شك يحبون جدتهم ويحبون شمس بلدهم ولكنهم يحبون أيضا أن يفتخروا بوطنهم وهم يحكون لزملائهم كيف مرت أيام العطلة سريعا رغم الناموس، ورائحة القادوس والموظف العبوس... مرحبا بكم عندكم وعندنا هنا، في بلدنا الذي يشبهنا، بلدنا الذي يشبه أسرنا وعائلاتنا، يشبه جمعياتنا ومنظماتنا، يشبه شركاتنا ومقاولاتنا، يشبه إداراتنا، ويشبه مدارسنا ومستشفياتنا وجامعتنا.. بلدنا الذي يشبه شوارعنا و أسواقنا ومحطات كيراننا... بلدنا الذي هو "نحن" حتى وان أضحينا "أنتم" وعشنا هناك حيث الحدائق الغناء والطيراسات التي عوضت الحوش والمراح و الفناء. إذا كُنتُم تحبون بلدكم رجاء لا تأتوا بالطائرة، لأن باليزاتها لا تحمل الكثير من الهدايا!! ولا تأتوا بالباخرة فنحن لا نقوى على رؤية صغاركم وقد إصفرت وجوههم من شدة التعب! فقط تعالوا؛ كيف ؟ لا نريد أن نعرف، تعالوا وتعالوا عن نظرة الموظف في المطار ولا تأبهوا لمن لا تسعفه أحيانا شفتاه ليبتسم في وجهكم !! صحاب الخاريج، عمالنا بالمهجر، جاليتنا بالخارج، مغاربة العالم ... كلها أسماء لكم، أسماء لفئة لم يتسع الوطن لأحلامها فحلقت وعلقت مصيرها بأوطان غيرها، فئة طموحة ربما بالغت في مطالبها تجاه الوطن تماما كما كان الصغار يبالغون وهم يطلبون كل شيء بدون تردد وبكل إصرار من أبيهم الموظف الغلبان، الفائض بالحنان، قبل أن يكتشفوا وقد اشتد عودهم أن سروال الأب وقميصه لم يتغيرا منذ أمد بعيد.. وحدها ألوان شعره ولحيته تغيرت، شاب الأب وشاخ في سبيل أن يصل أبناؤه إلى ما هم عليه...الوطن على عكس الأب لا يشيب ولا يشيخ، الوطن يكبر كلما كبرت همم أبنائه. هناك فرق كبير بين الدولة والوطن، فإذا كانت الدولة جغرافيا ترسم المصالح حدودها وجنسياتها، فإن الوطن تاريخ كتب بجهد وعناء، الوطن ذكريات ترسمها أعمالنا نرثها عن أبائنا وأجدادنا لنورثها لأبنائنا بدون منٍّ ولا رياء. ربما سوف تترددون ككل سنة، ولكنكم ستحزمون، ككل سنة، حقائبكم عندما يعلن مصطفى العلوي في نشرة المساء عن تزايد اعداد المهاجرين المغاربة بالخارج الذين فضلوا قضاء العطلة بوطنهم الأم نظرا لما تزخر به الواجهات السياحية من تنوع وسحر ومايعرفه المغرب من تطور وتقدم وازدهار".