يدخل ماسيميليانو أليغري ولويس إنريكي إلى الموقعة المنتظرة بين فريقيهما يوفنتوس الإيطالي وبرشلونة الإسباني السبت المقبل في نهائي دوري أبطال أوروبا، وهما فخوران تماما بما حققاه هذا الموسم في طريقهما إلى العاصمة الألمانية، التي تحتضن المواجهة على ملعبها الأولمبي. ويمكن القول إن أليغري وإنريكي ثأرا لنفسهما واستردا اعتبارهما، بعد أن واجها حملة انتقادات من قبل جمهور فريقيهما، الذي لم يؤمن بقدراتهما قبل أن يقتنع في نهاية المطاف بأنهما الخيار الصحيح. وحل أليغري في «يوفنتوس ستاديوم» في صيف 2014 وسط إهانات جمهور «السيدة العجوز»، الذي لم يكن راضيا على الاطلاق عن اسم خليفة أنتونيو كونتي، المنتقل لتدريب المنتخب الوطني، خصوصا أن المدرب الجديد كان سابقا في معسكر الخصم اللدود ميلان. واعتمد أليغري في بادئ الأمر فلسفة الاستمرارية من خلال المحافظة على أسلوب اللعب الذي طبقه سلفه كونتي، أي 2 ? 5 ? 3، قبل أن يبدأ تدريجيا بإدخال لمسته الخاصة والاحتكام إلى اللعب بطريقة 2 ? 1 ? 3 ? 4 وهو الأسلوب الذي سيواجهه به برشلونة في موقعة السبت. وتبددت المخاوف التي ساورت عشاق فريق السيدة العجوز، بعد قدوم أليغري، بعدما نجح في قيادة يوفنتوس إلى الفوز بمبارياته الست الأولى (5 في الدوري وواحدة في دوري الأبطال)، دون أن تتلقى شباكه أي هدف. لم تكن تلك البداية الرائعة وحيدة، إذ وصل يوفنتوس لنهاية الموسم وفي جعبته لقب الدوري للمرة الرابعة على التوالي، ثم أحرز لقب الكأس للمرة الأولى منذ 20 عاما، وها هو يقف الآن على بعد 90 دقيقة من الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى منذ 1996، بعد أن بلغ النهائي للمرة الأولى منذ 2003. وما هو مؤكد، أن أليغري حقق ما لم يتوقعه الكثيرون بإيصال يوفنتوس إلى نهائي دوري الأبطال، وهو أمر عجز عنه كونتي الذي تمنى دائما تحقيق هذا الإنجاز، لكنه كان يعتقد بأن فريقه لا يملك الامكانيات التي تخوله الوصول حتى النهاية. الانجاز الذي حققه أليغري لم يكن بسيطا على الإطلاق، خصوصا أنه تمكن في نصف النهائي من تجريد العملاق ريال مدريد من اللقب (1 ? 0 ذهابا و1 ? 1 إيابا)، وهذا الأمر يمنحه شيئا من الثأر الشخصي. وفي المعسكر الكاتالوني، لم يكن الموسم الأول لإنريكي المدرب مع برشلونة سهلا أيضا، ومن الأصل لم يكن أحدا يتوقع أن يصل الأمر به لتولي مهمة تدريب الفريق الأول في النادي، الذي كان له الفضل أيضا في تأهيله تدريبيا، وذلك بمنحه مهمة الاشراف على الفريق الرديف من 2008 حتى 2011. ولعبت الظروف الطارئة دورا في وصول إنريكي إلى منصبه الحالي رغم خبرته التدريبية المتواضعة مع روما الإيطالي (2011 ? 2012) وسلتا فيغو (2013 ? 2014)، فرحيل رفيق دربه جوسيب غوارديولا عن الفريق عام 2012 بعد أن قاده إلى 14 لقبا في 4 أعوام، هز عرش الكتيبة الكاتالونية وحاول القيمون عليها تعويضه بمساعده تيتو فيلانوفا، لكن المرض دخل على الخط وأدى في نهاية المطاف إلى وفاة الأخير. ثم لجأ برشلونة إلى الأرجنتيني خيراردو مارتينو، لكن الأخير فشل في مهمته وخرج من الموسم الماضي خالي الوفاض، ما فتح الباب أمام إنريكي للسير على خطى غوارديولا والإشراف على الفريق الأول. وكانت المخاطرة كبيرة بالتعاقد مع إنريكي، لكنه أثبت أن الرهان عليه وعلى حبه لقميص النادي كان في محله، إذ تمكن في موسمه الأول معه من قيادته إلى ثنائي الدوري والكأس المحليين، وها هو على بعد 90 دقيقة من تكرار إنجاز غوارديولا عام 2009 والفوز بالثلاثية. وما هو مؤكد أن مشوار إنريكي نحو المجد في موسمه الأول لم يكن سهلا، بل تخلله بعض المطبات بعد أن حاول تكرار تجربته في روما، حيث أقصى القائد الأسطوري فرانشيسكو توتي من التشكيلة الأساسية، وذلك من خلال تلقين نجمي الفريق الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرازيلي نيمار درسا لتأخرهما في عطلة الميلاد ورأس السنة من خلال إبعادهما عن التشكيلة في المباراة الأولى من العام الجديد أمام ريال سوسييداد. وحافظ إنريكي على تركيزه في عمله وتمكن بسلاسة من إدارة علاقته بميسي ونجوم الفريق الآخرين، ما سمح له في أن يستخلص منهم أفضل ما لديهم والحصول على تركيبة هجومية قاتلة تمثلت بالثلاثي «الرهيب» المكون من ميسي والأوروغوياني لويس سواريز ونيمار، إضافة إلى صلابة دفاعية ملفتة غير مألوفة في النادي الكاتالوني (دخل شباكه 21 هدفا فقط في الدوري هذا الموسم فيما سجل 110 أهداف)، وتميز في كافة نواحي اللعبة، إن كان بالهجمات المرتدة أو الركلات الحرة والكرات الثابتة. لقد صنع إنريكي فريقا استعراضيا متمكنا في كافة نواحي اللعبة.