تعقد الأممية الاشتراكية اجتماعا مستعجلا للجنتها الموضوعاتية حول الهجرة، الاثنين المقبل، في ضيافة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. وسيتمحور هذا الاجتماع حول موضوع رئيسي: بلورة جواب اجتماعي ديمقراطي بشأن أزمة الهجرة بمختلف مناطق العالم . إن للموضوع اليوم راهنية تتعدد أوجهها وتتداخل أبعادها . ودون شك فإن الأممية الاشتراكية المنظمة الدولية التي تضم الأحزاب والمنظمات الاشتراكية في ربوع العالم، ستبحث، بعمق، من خلال لجنتها ،أسباب وتداعيات ظاهرة ما فتئت تتسع يوما بعد يوما في مختلف قارات العالم، إذ تجاوز عدد المهاجرين الذين ينتقلون من موطنهم الاصلي إلى بلدان أخرى 230 مليون شخص . ومن المعطيات الراهنة للظاهرة، ظاهرة الهجرة واللجوء، ما تعرفه بؤرتان في العالم خلال هذه السنة، الابيض المتوسط وجنوب شرق آسيا حيث تحول بحرا هاتين المنطقتين إلى مقابر جماعية لمئات الأشخاص كانوا بالأساس ضحية شبكات الإتجار بالبشر التي تضاعف عددها خلال عقد من الزمن. ومن معطيات الراهنة، توجه الاتحاد الاوربي نحو خيار التعامل العسكري مع الظاهرة بين ضفتي المتوسط، وهو خيار له مخاطر عدة وتداعيات متعددة وانتهاكات عديدة. ومن المنتظر أن تقدم الأممية الاشتراكية، عقب اجتماعها بالرباط، مقاربة جديدة تأخذ بعين الاعتبار مسؤوليتها المعنوية والإنسانية والتاريخية حتى . إن من المفارقات، مفارقات عالم اليوم، أنه بقدر ما تتسع عولمة الحدود التجارية والجمركية والإعلامية، بقدر ما تبني دول واتحادات إقليمية جدرانا عالية في وجه تنقل البشر، وتتضخم الترسانات القانونية التي تحد من دخول أراضيها أو الإقامة بها، في تنصل من هذه الدول والاتحادات لمسؤولياتها التاريخية، حيث بنت اقتصاداتها، وشيدت بنياتها وراكمت ثرواتها بسواعد وخيرات دول الجنوب، وزرعت بذور عدم الاستقرار وغذت النعرات القبلية وهيأت ظروف حروب أهلية في أكثر من بلد. إن موضوع الهجرة واللجوء يوجد اليوم على رأس أولويات دول معنية بالظاهرة، نذكر منها المغرب الذي يتحول تدريجيا من بلد عبور إلى بلد استقرار . وهنا لابد من الإشارة إلى السياسة الجديدة التي اعتمدتها الرباط قبل سنة ونصف، والتي تحظى بدعم عواصم العالم ومنظماته . وهي سياسة أدمجت حقوق الانسان في مقاربتها واستجابت للتحولات التي تعرفها الهجرة. وكانت الأممية الاشتراكية، من خلال اجتماع لجنة الهجرة بطنجة العام الماضي، قد أشادت بالمقاربة المغربية المتجددة في التعاطي مع أوضاع المهاجرين . لقد أبرزت الاممية الاشتراكية، وتضم اليوم أكثر من 160 حزبا ومنظمة من مختلف قارات العالم، أبرزت في أدبياتها قيم ومبادئ التضامن بين الشعوب، واتخذت مواقف متميزة من أجل تعزيز الاستقرار والسلم ورفض الخيارات العسكرية في معالجة مظاهر التوتر والنزاعات . ودون شك سيكون هذا التوجه حاضرا في اجتماع لجنة الهجرة لبلورة تصور يأخذ بعين الاعتبار هذه القيم والمبادئ، وينتصر لحقوق الانسان ولمتطلبات التنمية، ولم لا اعتماد ميثاق دولي تدافع عنه التنظيمات العضو، وتعمل بمضامينه في برامجها وسياساتها العمومية .