اختار الباحث الجمالي موليم العروسي أن يساهم بعرض بالفرنسية عنوانه: قطائع وتشطيبات- تخيلات فلسفية، صبيحة يوم الجمعة 22 ماي 2015 بكلية الآداب والعلوم الإنسانية عين الشق؛ وذلك في إطار برنامج " يوم فلسفي" نظمته شعبة السوسيولوجيا بالكلية. وقدم الأستاذ موليم شهادة على المغرب الثقافي والسياسي لجيل ما بعد الاستقلال، مستحضرا بعض صداقاته الفكرية مع أحمد المتمسك والخطيبي وبضعة رفاق مناضلين كعبداللطيف زروال والسرفاتي وزوجته كريستين.. مع رصد لقراءاته المبكرة لفلاسفة مثل ألتوسر ونيتشه، وادباء مثل جبران...وعرض بعض العلامات المؤشرة على هذا الوضع المتوتر، كانت فيه كل حركة تسيس وكل شيء يراقب، بما في ذلك الجامعة، كمحاربة الفلسفة في الثانويات، وفتح شعبة الدراسات الإسلامية ، وإغلاق معهد السوسيولوجيا، وهدم المسرح البلدي، وحملات الاعتقالات في صفوف المناضلين اليساريين حركة 23 مارس ومنظمة إلى الأمام ... كما استحضر التجربة المغربية في تدريس الفلسفة بكلية الآداب بالرباط، في نهاية الستينيات، حيث بدأت الفلسفة تتحدث عربيا مع نجيب بلدي والجابري والعمري...فهؤلاء وضعوا أسس الفلسفة المغربية التي نعيشها الآن. كما تحدث عن تجربته في التدريس، وهو القادم من اليسار والفلسفة وقد أوكل إليه تدريس مادة الإسلام في مواجهة التيارات الإلحادية ! ! أما عن كتاباته، فهو كتب في التصوف وعلم الجمال مستغربا من الإفلات من قبضة الإيديولوجيا وكيف لم يستسلم للماركسية كعقيدة ، وهو المخالف للفكر الأحدي، والمنفتح على الكتابة في اللاهوت والجنس والفن والموسيقى ؛ واستعرض في هذا السياق تجربته في الكتابة حول الجنون في حلقات بمشاركة زوجة بلكاهية، والتي استمرت مدة ستة أشهر. كما اعتبر أن تجربته في كتابة الرواية بالعربية وليس بالفرنسية يحتاج إلى تحليل. وتوقف عند نص :تأملات في لغة الكنبري، كان قدمه في إطار ندوة حول الثقافة الشعبية في مارس سنة 1981 ،والذي جر عليه مشاكل شخصية.. حدد ذ.موليم لائحة فلاسفته فبالإضافة إلى الماركسية التي يرفض اختزالها كأداة للصراع، فهو يميز بين الماركسية والنزعة الماركسية كعقيدة مغلقة؛ وبالمقابل يثمن ثورة الكوجيطو التي برزت قوة الإنسان التي تنبثق من الداخل، منبها أثناء قراءة ديكارت إلى سمات الخوف والقلق والجزع التي تسكن هذا الفيلسوف، فديكارت لا يعترف بالحواس ويقصي الحلم ولا يعتبر الجنون؛ والحال ان الحقيقة توجد هنا في الحالات المسماة جنونا كما يقول ذ.موليم. وبخصوص منهج الشك عند ديكارت والغزالي لاحظ ذ.موليم أن هذا الأخير سابق على الأول في استعماله، ومنطلقه فيه من الخارج، أما المنطلق عند ديكارت فمن الداخل. وضدا على كل أشكال الوصاية السياسية والقبلية والدينية ، يبقى الإنسان، بعقله ولا عقله، مقياس كل شيء فالحيوان كما يقول الفيلسوف الإسباني "مونو" له عواطف وانفعالات وليس له عقلانية . واستلهاما لقول الخطيبي : لنغير الجبهة نحو الثقافة، يضيف ذ.موليم أن الجبهة الثقافية ليست ترفا . أما روسو يلاحظ ذ. موليم فلا نتحدث عنه كثيرا، على الرغم من أن كانط وهيجل قارئان جيدان له، كما اعتمد عليه الروائيون؛ وذكر كتابين أساسيين له هما: أصل التفاوت بين البشر وإميل. لم يعد الفلاسفة يترددون على الأماكن العمومية، مقولة كذبها هذا العرض الفلسفي وهو ينخرط في قضايا المجتمع ليدلي بدلوه في الفن النظيف، على هامش السجال الذي يدور حول فيلم نبيل عيوش الأخير، وقرر أنه لا وجود له، إذ لابد من وجود مشكلة أوعقدة. مع التأكيد على أن الإبداع يتعارض مع العودة إلى الدين والسلف. والنقاش الدائر حول الإجهاض مغلوط لأنه يقصي المرأة صاحبة القرار، مع تأطير الوضع بمفهومي المراقبة والضبط، مراقبة اللذة وضبط جولان المني. وحتى الآذان في التلفزيون المغربي يبقى إعلانه بخلفية إيدولوجية. أما الثورة، أفقا للتفكير، يستخلص أنها رجعت إلى الوراء، إلى السلف، ومفروض فيها أن تتقدم ( مثال الثورة الإيرانية) مشككا في نضج الشعب فهولا يصوت لصالحه، بل ضده أحيانا. حكواتي في الفلسفة وفيلسوف في الأدب، هذا هو موليم العروسي، يكتب ويتكلم، يوجد من خلال نصوصه، ويتواجد في الأغورا من خلال كلامه.