عادت ?فاس ،نهاية الأسبوع الماضي، ?لتعيش لحظات استثنائية من العزلة إثر الفيضانات التي انقطعت معها كل الطرق التي تشكل أبوابا لها، مما سبب أزمة خانقة في حركة العبور لعدة ساعات، إنه مدخل لوضع استثنائي كان طبيعيا أن يحمل السلطات ?الإقليمية ?والمحلية والمنتخبة والوقاية المدنية على التحرك في كل الاتجاهات وإعلان «حالة طوارئ» تحسبا لكل الاحتمالات، مع اللجوء إلى خطاب التحذير والإنذار المبكر، ومطالبة السكان بتوخي ما يلزم من الحيطة. أحوال الطقس السيئة والأمطار الغزيرة رغم طبيعة الفصل لم تتوقف بفاس ونواحيها، ولم تكن تترك لنور الشمس إلا «زيارة قصيرة» لتعود بفيضاناتها المهولة التي ظلت شبه مألوفة، وكلما عادت الأسر المتضررة إلى منازلها عند أي انفراجات جوية تضطر مرة أخرى للخروج منها، وليس في الأمر ما يثير الغرابة إذا قابلك أحدهم بعبارة «كيف الأوحال؟» (عوض كيف الأحوال؟)، وقد عادت سماء فاس لتغضب من جديد، ويرتفع منسوب مياه الأودية والمجاري إلى أرقام مهمة من الأمتار. وتسببت الأمطار الغزيرة التي تواصل هطولها على?المدينة إلى بعد صلاة العشاء من يوم الأحد، في إحداث خسائر مادية كبيرة، حيث غمرت المياه والأوحال الثقيلة العديد من الأزقة والشوارع، وأغلقت الكثير من البالوعات وقنوات الصرف الصحي، وشوهد السكان وهم يلجؤون إلى أسطح بيوتهم، كما حاصرت المياه الطوفانية العشرات من المنازل الممتدة على طول أزقة المدينة العتيقة وغيرها من شوارع وأحياء المدينة... حيث وجد المواطنون ومستعملو العربات صعوبة كبيرة في اختراق شوارع طريق صفرو وفي اتجاه حي بنسودة والمرجة وحي الادارسة والأطلس، بسبب الفيضانات فيما اختار الجميع تغيير الاتجاه، والعودة إلى منازلهم. وعرفت الأنفاق شللا كبيرا في عبورها وخاصة المخصصة تحت ممرات السكك الحديدية التي تخترق المدينة، فيما غرقت بعض المنازل في المياه التي هاجمتها نهاية الأسبوع الماضي، حيث امتلأت الشوارع عن آخرها، بعدما لم تجد المياه مخرجا لها. واقع يعيد سيناريوهات روتينية عديدة يعيشها السكان مع حلول كل فصل شتاء... ويعيد معها حقيقة واحدة، أن المدينة لا تملك بنية تحتية صالحة متينة وصلبة...هذا هو الواقع .. هي أمطار ينتظرها الجميع أن تأتي، ولكن وقبل أن تتسع سحبها، ترسل معها تساؤلات عدة، ورغم أنها تمثل دائما بشائر الخير والبركة والرزق لكل البلاد والعباد، إلا أنها بهذه المدينة تجلب معها الكثير من «المآسي والخسائر البشرية والمادية الكبيرة»، بحيث اختار البعض تفضيل الاعتكاف في منازلها خوفا من العواصف والأمطار الطوفانية والرياح الهوجاء التي تضرب الجهة، وأخرى والقاطنة بأحياء المدينة العتيقة والأحياء غير المهيكلة تضع أياديها على قلوبها، خوفا من انهيارات مفاجئة في بنياتها المهترئة .