مرة أخرى، تكشف الأمطار هشاشة البنيات التحتية في المدن المغربية، وتخلف الرعب وسط مجموعة من سكان المدن العتيقة، فقد كشفت الأمطار الغزيرة التي تهاطلت على مدينة طنجة يومي الجمعة والسبت الماضيين ترديَّ البنية التحتية للمدينة، التي «غرقت» وسط سيول من المياه والأوحال، وتسببت في أضرار مادية مهمة. وتهاطلت الأمطار بغزارة منذ صبيحة يوم الجمعة الماضي، قبل أن يرتفع منسوبها ليلا، لتتسبب بسرعة في إقفال مجاري المياه و»إغراق» مجموعة من الأحياء والشوارع، إذ ارتفع منسوب المياه بشكل متسارع لتقتحم المنازل والمحلات التجارية وتغرق العشرات من السيارات. وكانت مقاطعة بني مكادة الأكثر تضرّرا، خاصة بالنسبة إلى أحيائها الشعبية والمناطق الهامشية والعشوائية، التي عانى سكانها من السيول الطينية التي أضرّت بالمنازل والممتلكات، كما وصلت مياه الأمطار إلى مقر الحامية العسكرية لطنجة، الكائن في شارع مولاي سليمان، في حين «غرقت» متاجر سوق بئر الشعيري وقيسارية الأزهر، وملأت المياه والأوحال ساحة بني مكادة.. وفي المنطقة الصناعية، الموجودة في مقاطعة مغوغة، ساد التخوف المعامل والمصانع الموجودة هناك، وعاش أربابها وعمالها ساعات من القلق والترقب، خوفا من تكرار سيناريو سنة 2009، عندما غرقت المنطقة، بعدما امتلأ مجرى مياه الصرف الصحي، الذي يمر وسط حومة «الشوك» الهامشية عن آخره، علما أن سكان هذا الحي الشعبي يعانون سنويا من الفيضانات، ما اضطر السكان إلى بناء أسوار من الطوب والإسمنت حول المنازل لحمايتها من مياه الأمطار. ولم تسلم شوارع وسط المدينة من الأمطار الطوفانية، خاصة ساحة تطوان، التي تحوّلت، مثل كل سنة، إلى بركة كبيرة وتسربت الأمطار إلى داخل المحطة الطرقية الموجودة هناك، وتضرّرت مجموعة من المحلات التجارية. وأعادت هذه التساقطات إلى الأذهان سيناريو «الطوفان» الذي كان قد «أغرق» طنجة قبل أربع سنوات، والذي كشف سوء البنية التحتية للمدينة، التي تقطنها نحو مليون نسمة، وهي الفيضانات التي تسببت في خسائر في الأرواح وأعلنت إثرها طنجة «مدينة منكوبة».. ومنذ ذلك الحين ومناطق كثيرة من مدينة البوغاز تغرق وسط المياه بمجرد تهاطل أولى قطرات المطر، بما في ذلك وسط المدينة. أما في المدينة القديمة في الدارالبيضاء فقد قضت عائلات كثيرة في نهاية الأسبوع الأخير لياليّ «مرعبة»، خوفا من انهيار منازلهم فوق رؤوسهم، بسبب صعوبة أحوال الطقس في المدينة. وأعادت الأمطار سياريو «الفواجع» التي عاشتها المدينة القديمة في السنة الماضية. وعلمت «المساء» من مصدر داخل المدينة القديمة أن مجموعة من العائلات اضطرّت إلى المبيت لدى بعض أفراد عائلاتها خوفا من وقوع كارثة إنسانية جديدة. وقال المصدر نفسه «إن أحوال الطقس السيئة دفعت بعض الأسر إلى قضاء لياليها في نهاية الأسبوع بعيدا عن من منازلها، بسبب الخوف من انهيارها.. وعرفت بعض أزقة المدينة القديمة انقطاعا في التيار الكهربائي، وهو الأمر الذي أثار الخوف في نفوس السكان». وأوضح المصدر نفسه أن عملية ترحيل السكان الموجودين في مراكز الإيواء بدأت تأخذ طريقها الصحيح، حيث تستعدّ مجموعة من الأسر إلى الانتقال إلى منازلها الجديدة، بعد الانتهاء من إعداد وثائق ملفاتها. في السياق ذاته، أغرقت الأمطار التي شهدتها مدينة العرائش صباح أول أمس السبت كل المنازل الصفيحية في حي «جنان كلاوية» السفلي، «دار أولاد حدو» وجنان «بيضاوة» و«الكواش».. وكانت ساعة واحدة من الأمطار كافية لتلحق أضرارا كبيرة بالسكان وبممتلكاتهم وأفرشتهم. وتسببت الرياح القوية في اقتلاع بعض الأسقف القصديرية وظلت الأمطار تتساقط مباشرة على سكان هذه الدور بشكل وُصف ب«الكارثيّ» و«المهين» لكرامة هذه الفئة من المجتمع، خاصة بعدما «فاضت» عليهم مياه المجاري باعتبارها تقع في منخفض تنتهي إليه مياه الأمطار القادمة من أهمّ وأكبر شوارع المدينة. ونظم سكان «جنان بيضاوة» و»الكواش» وقفة احتجاجية مباشرة بعد توقف تساقط الأمطار، مندّدين بأوضاعهم ومطالبين السلطات المسؤولة بالتدخل لتسريع استفادتهم من السكن اللائق.