لم يتوقع الكثيرون أن يصل برشلونة، المتوج بطلا للدوري الاسباني لكرة القدم، في نهاية موسم 2014 ? 2015 إلى الموقع المتواجد فيه حاليا، بعد الأزمة التي عاشها والعقوبة التي فرضت عليه والتوتر، الذي شاب العلاقة بين نجمه الأرجنتيني ليونيل ميسي والمدرب لويس إنريكي. كل هذه المشاكل أصبحت طي النسيان، بعد أن أصبح النادي الكاتالوني على بعد 180 دقيقة فقط من إحراز الثلاثية، التي تبدو في متناوله تماما، قياسا على المستوى الرائع الذي يخوله تخطي عقبة يوفنتوس الإيطالي في نهائي دوري أبطال أوروبا، وأتلتيك بلباو في نهائي مسابقة الكأس المحلية. وقد أكد برشلونة بقيادة لاعب وسطه السابق لويس إنريكي أنه قادر هذا الموسم على الارتقاء إلى مستوى التحديات، بغض النظر عن حجمها، وظهر ذلك جليا في مباراة يوم الأحد أمام أتلتيكو مدريد، حيث تمكن من حسم اللقب في معقل نادي العاصمة بالفوز عليه 1 ? 0 سجله الرائع ميسي، مانحا فريقه ثأرا غاليا من رجال المدرب الأرجنتيني دييغو سيميوني، الذين توجوا باللقب الموسم الماضي في معقل النادي الكاتالوني، بعد تعادلهم معه في المرحلة الأخيرة، التي كان يحتاج فيها برشلونة إلى الفوز للاحتفاظ باللقب. ومن المؤكد أن ميسي طوى الخيبة، التي اختبرها الموسم الماضي، حين خرج خالي الوفاض مع ناديه ومنتخب بلاده، واستعاد عاداته القديمة كرجل المناسبات الكبيرة. وكان الفريق الكاتالوني خرج من دون أي لقب الموسم الماضي، في حين تعرض ميسي لخيبة أمل أخرى تمثلت بخسارة منتخب بلاده المباراة النهائية أمام المانيا في مونديال البرازيل 2014. لكنه أبى إلا أن يثأر مرتين من بعض أفراد المنتخب الألماني، أولا من لخسارة في نهائي المونديال وثانيا من الخروج المدوي على يد الفريق البافاري، قبل موسمين في نصف نهائي دوري الأبطال بخسارته 0 ? 7 في مجموع المباراتين. وضرب ميسي بقوة في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا ضد بايرن ميونيخ، الذي ضم في صفوفه ستة لاعبين ممن توجوا أبطالا للعالم في صفوف المانشافت، وسجل هدفين ومرر الكرة الحاسمة، التي جاء منها الهدف الثالث في لقاء الذهاب، واضعا فريقه الذي خسر إيابا 2 ? 3 على مشارف المباراة النهائية، المقررة في برلين في 6 يونيو المقبل. لكن الأمور لم تكن «وردية» تماما في هذا الموسم أيضا، إذ واجه ميسي بعض المشاكل مع مدربه إنريكي، الذي قرر إبقاء النجم الأرجنتيني وزميله البرازيلي نيمار على مقاعد الاحتياط في المباراة الأولى من عام 2015، بعد عودتهما متأخرين من عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة، فدفع النادي الكاتالوني الثمن بخسارته تلك المباراة أمام ريال سوسييداد 0 ? 1. ولم يكن ميسي راضيا بتاتا على قرار إنريكي، فقرر التغيب في اليوم التالي عن التمارين المفتوحة أمام الجمهور، ثم ازدادت مشاكل النادي بعد أن قررت الإدارة، وفي اليوم ذاته، إقالة المدير الرياضي الحارس الدولي السابق أندوني زوبيزاريتا، ثم لحق به الدولي السابق كارليس بويول، الذي قرر الاستقالة من منصبه كمساعد في الادارة الرياضية للفريق. ورحيل بويول لم يكن له الوقع نفسه الذي خلفه زوبيزاريتا، إذ جاء على خلفية أزمة رياضية داخلية بعد تأكيد محكمة التحكيم الرياضي عقوبة حرمان النادي الكاتالوني من ضم لاعبين جدد، إذ رفضت استئناف الأخير وأكدت حرمانه من التعاقدات حتى يناير 2016، على خلفية مخالفته لعقود اللاعبين القاصرين. ومنعت محكمة التحكيم الرياضي برشلونة من شراء اللاعبين في سوق الانتقالات الشتوية في يناير الماضي وأيضا في فترة الانتقالات الصيفية المقبلة، وغرمته مبلغ 450 ألف فرنك سويسري (نحو 455 ألف دولار). وكان من المنتظر أن تتأثر نتائج الفريق في أرض الملعب بالمشاكل الإدارية، التي بدأت مع فضيحة صفقة انتقال نيمار من سانتوس، والتي تسببت باستقالة رئيس النادي ساندرو روسيل، بيد أن ذلك لم يحصل، إذ تمكن برشلونة في المباراة التي تلت خسارته أمام سوسييداد، من تقديم عرض رائع أمام أتلتيكو (3 ? 1)، الذي كان نقطة الانطلاق الحقيقي لموسم رجال إنريكي، الذين مروا به أيضا في ربع نهائي مسابقة الكأس (1 ? 0 ذهابا و3 ? 2 إيابا) وصولا إلى مباراة الأحد على ملعب «فيسنتي كالديرون»، التي حقق فيها برشلونة فوزه التاسع والعشرين في آخر 32 مباراة. واعترف ميسي «تغير كل شيء منذ تلك المباراة أمام ريال سوسييداد»، وذلك بعد أسابيع على تلك الهزيمة في سان سيباستيان، مضيفا «تغير كل شيء من ناحية السلوك ورغبة الفريق في الدخول إلى أرضية الملعب بطريقة مختلفة وبضغط (على الفريق المنافس)». والمؤكد أيضا أن التغيير الأكبر كان من ناحية ميسي نفسه، لأنه وبعد تلك المباراة أمام سوسييداد، وبعد مشاهدته لغريمه البرتغالي كريستيانو رونالدو يتوج بجائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم، انتفض النجم الأرجنتيني واستعاد المستوى، الذي جعل منه أفضل لاعب من 2009 حتى 2012.